السودانيون يحتفلون بفتى دارفور «الفضي».. وميداليته ترفع ترتيب السودان إلى 80 أولمبياً

لومونغ.. سوداني من الجنوب حمل العلم الأميركي في أولمبياد بكين.. يتوقع دخوله حملة الانتخابات

لوبيز لومونغ مع الرئيس الاميركي جورج بوش خلال فعاليات دورة بكين الاخيرة («الشرق الأوسط»)
TT

قالت أسرة العداء السوداني اسماعيل محمد، 26 عاما، الحائز الميدالية الفضية في سباق 800 متر في دورة اولمبياد بكين لـ«الشرق الاوسط» ان ابنها ابلغهم في اتصال هاتفي بعد نصف ساعة من اعلان فوزه انه يهدي ميداليته لوالدته اولا ثم الى مولوده الثاني الذي يبلغ من العمر 40 يوما، ولم يره، حتى الان، وأطلقت عليه اسرته اسم «سامر»، كما يهديها للسودان، الذي يستعد لاستقباله وتكريمه رسميا اليوم بعد ان أهداه أول ميدالية أولمبية في تاريخه. ورفع فوز اسماعيل، وهو من ابناء دارفور، ترتيب السودان الى المرتبة 80 على مستوى العالم، أولمبيا. وتسكن اسرة اسماعيل، الذي أطلق عليه لقب «فتى دارفور الفضي»، والذي يصل اليوم الى الخرطوم، في منزل متواضع في ضاحية الحاج يوسف شرق العاصمة، ومن اسرة تعودت على حصد الميداليات، فزوجته إخلاص محمد عبد الرحمن، عداءة دولية، حازت الميدالية البرونزية في بطولة التضامن الاسلامي في العاصمة الايرانية طهران في العام 2000، في سباق 3 آلاف متر، لكنها تركت الرياضة بعد ان تزوجت وانجبت. وحصل شقيقه محمد، 18 عاما، على الميدالية الفضية في بطولة شرق افريقيا للشباب التي جرت في ابريل (نيسان) الماضي في مدينة جيبوتي. وشارك اسماعيل نفسه في اولمبياد اثينا 2004 واحرز المركز الثامن، ويحتل المركز الثامن في الترتيب العالمي، له العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية من خلال مشاركاته في العديد من البطولات القارية والدولية.

وينتمي والده الى قبيلة الفور باقليم دارفور فيما تنتمي والدته الى قبيلة المساليت، وهما قبيلتان افريقيتان، غير أن أسرة اسماعيل انتقلت منذ عقود الى الخرطوم وحط بها الرحال في ضاحية الحاج يوسف، وتصنف اسرة اسماعيل ضمن الاسر الفقيرة في البلاد.

وقال شقيق اسماعيل، العداء محمد، لـ«الشرق الاوسط» ان الاسرة تلقت اول اتصال هاتفي من اسماعيل بعد فوزه بعد نصف ساعة، وابلغهم انه في سعادة يصعب عليه احتمالها في اللحظة، واضاف: «كان يبكي من شدة الفرحش. وروت شقيقته حنان لـ«الشرق الاوسط» لحظة فوز اسماعيل قائلة: «كنا نجلس كل الاسرة امام شاشة التلفزيون عندما بدا السباق وكانت اعصابنا مشدودة.. كنا نتوقع ان ياتي في المركز الاول، لكن عندما فاز بالمركز الثاني، صرخنا جميعنا في المنزل بصوت عال، وبكينا من شدة الفرح». وأضافت ان شقيقهم اسماعيل هو الذي اشرف مباشرة على تربيتهم. ومضت تقول «هو بالنسبة لنا الاخ والاب والحبيب الصديق.. فهو شخص طيب ويحب الخير للجميع وتحمل المسؤولية منذ وقت مبكر». وقالت والدته الحاجة كلثوم في تصريحات صحافية «كان على اتصال معي يوميا ويطلب مني الدعاء له حتى نال ما أراد». واضافت «كنت واثقة من ان ولدي سيحقق شيئا لأنه كان مصمما على ذلك».

وقال شيخ الدين محمد عبد الله، نائب رئيس الاتحاد السوداني، لـ«الشرق الاوسط» ان السودان به امكانيات كبيرة ومتنوعة للالعاب الاولمبية، ويحتاج فقط لاهتمام الدولة، بالتخطيط السليم والتمويل، ودعا قيادة الدولة الى الاهتمام بهذه الالعاب لان السودان به طاقات كبيرة لم تجرب بعد.

أما السوداني الآخر فهو لوبيز لومونغ، من جنوب السودان، الذي حصل على الجنسية الاميركية قبل أعوام، فقد قاد 600 رياضي أميركي، اشتركوا في دورة الالعاب الاولمبية الاخيرة، لدى افتتاحها في بكين. ويتوقع ان يدخل الرياضي الشهير الحملة الانتخابية الاميركية، وذلك لانه قضى سنوات في ولاية اريزونا، ولاية السناتور جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية. وكانت حملة ماكين، وصحف ولاية اريزونا، قد اشادت به عندما ظهر في الاستاد الاولمبي في بكين، وهو يرفع العلم الاميركي في مقدمة 600 رياضي ورياضية اميركية اشتركوا في الدورة. درس لومونغ في جامعة نورث اريزونا، وفاز بميداليات هناك، قبل ان يشتهر على مستوى اميركا. قبل 23 سنة ولد لومونغ في كيوموتونغ، في جنوب السودان. وكان من ضحايا الحرب الاهلية هناك، ولجأ مع مئات الاطفال الجنوبيين الى كينيا، حيث عرفوا باسم «اولاد السودان المفقودين». وعندما جاء بعضهم الى الولايات المتحدة، كتبت عنهم كتب، واخرجت عنهم افلام سينمائية.

كان عمر لومونغ 16 سنة عندما وصل الى نيويورك، وأوته عائلة اميركية هناك بإشراف منظمة كاثوليكية. ثم انتقل الى جامعة نورث اريزونا، حيث برز في سباق المسافات القصيرة والطويلة، حتى تأهل لدخول الفريق الاميركي لمسابقة الف وخمسمائة متر. ثم وقع عقدا مع شركة «نايكي» للأحذية الرياضية لتقديم دعايات اعلانية لها.

وبسبب التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بسبب دارفور، قرر الفريق الاميركي وضع لومونغ في قيادته. ورغم انه ليس من دارفور، لكنه كان عضوا في جمعية للرياضيين الذين ذهبوا الى الصين اسمها «تيم دارفور»، وذلك بهدف الضغط على حكومة الصين للضغط على حكومة السودان لحل مشكلة دارفور، ولهذا، صوره الاعلام الاميركي وكأنه من دارفور.

وكان لومونغ قد نال الجنسية الاميركية في السنة الماضية. وخلال المقابلات الصحافية معه ظل يكرر: «لم أعد من اطفال السودان المفقودين. انا الآن مواطن اميركي». ونشرت صحف اميركية كثيرة صورته مع الرئيس بوش الذي حضر افتتاح الدورة الاولمبية. غير ان لومونغ، خلال وجوده في الصين، ورغم عضويته في «تيم دارفور»، تحاشى انتقاد الصين. وقال مرة: «اهنئ الشعب الصيني بإعداد هذه الدورة الممتازة، وأرى انها مناسبة لجمع الرياضيين من كل انحاء العالم» وكرر انه يدعو لـ«حل سلمي» لمشكلة دارفور.