حرب يقترح توزيع حبوب مهدئة على النواب وبعض مشاريع القوانين موروث من أربعة أعوام

الجلسة التشريعية الأولى للبرلمان اللبناني بعد انقطاع استمر نحو عامين

مجلس النواب اثناء انعقاده في جلسته التشريعية أمس (خاص بـ«الشرق الاوسط»)
TT

مسك الختام في الجلسة التشريعية الأولى لمجلس النواب اللبناني، بعد توقف استمر حوالي السنتين، كان مع تأجيل إقرار التقسيمات الادارية للانتخابات النيابية وفق ما نص عليه اتفاق الدوحة الذي اعقب اجتياح بيروت في السابع من مايو (أيار) الماضي. الختام كما البداية شهد سجالات حادة لم تخل من التلاسن الذي استوجب تدخل بعض النواب لتهدئة الغاضبين، في حين اقترح النائب بطرس حرب ان توزع حبوب مهدئة على النواب حتى يتمكنوا من النقاش. وهذه الاجواء تناقضت مع الهدوء الذي ساد النقاش حول مشاريع القوانين المطروحة، والتي ابرزت وجها آخر للبرلمان ونوابه. فشرعوا، وللمرة الاولى منذ فترة، بالقيام بعملهم الفعلي. وكانت السجالات الساخنة قد انطلقت على خلفية الاشكالات الامنية التي وقعت أول من أمس في منطقة راس النبع. نواب بيروت كانوا يواجهون نائب حركة «امل» ايوب حميد الذي لقبه أحد الصحافيين بـ«حامي الحمى»، وأضاف: «النائب ايوب حميد لا يسمح لأحد بأن يرشق الحركة بوردة». ميكروفون نائب مجلس الوزراء عصام ابو جمرة كان موضوع سجال «ودي»، وذلك عندما استعاره رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، فما كان من بعض النواب الا ان اعتبروا مازحين ان السنيورة انتزع من نائبه صلاحياته.

خارج القاعة العامة كانت الحوارات اوضح وأجدى. اذ قال احد وزراء الاكثرية وقبل حوالي ساعتين من طرح بري للمشروع، ان مشروع قانون إقرار التقسيمات الادارية سيؤجل بعد اتفاق ليلي تم بين بري والنائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري. هذا الامر تحول موضوع نقاش بين «صحافيي» الاكثرية وزملائهم في المعارضة. فقد رفض صحافي معارض اي تأجيل للموضوع واعتبر ان الكلام عن التأجيل هو للتمويه، وأكد ان نواب الاكثرية سيهربون من القاعة قبل الوصول الى مشروع التقسيمات.

موضوع التنصت حظي باهتمام استثنائي من النقاشات، لا سيما بعدما قال بري: «بيني وبينكم التنصت على السياسيين على قدم وساق. لأن القانون لا يطبق، الناس تتنصت». وزير الاشغال غازي العريضي الذي كان يجلس عند طرف المقاعد، كان مقصد زملائه النواب. اذ كان يقترب كل منهم بمفرده يجلس الى جانبه ويهمس في اذنه طلبه، فيبادر العريضي الى تسجيل الطلب على دفتر ملاحظات، الامر الذي دفع بالنائب الياس عطا الله الى سؤاله عن أحوال «الزفت» أي الاسفلت الذي يستخدم دائما في لبنان لغايات انتخابية. النواب «القانونيون» كانوا نجوم الجلسة، لا سيما بهيج طبارة بطرس حرب وروبير غانم، يليهم نقولا فتوش وغسان مخيبر الذي كان يناقش ويطرح أسئلة تتجاوز أحيانا مواقف تكتل «التغيير والاصلاح» الذي ينتمي اليه. هؤلاء كانوا يستفيضون في شرح أبعاد كل قانون وفق الدستور. اما النواب المنتمون الى كتل بعينها فكانوا يكتفون من الدستور بما يدعم وجهة نظر كتلهم.

النائب في تكتل «التغيير والاصلاح» عباس هاشم وافق الرئيس فؤاد السنيورة في أحد مواقفه فما كان من الأخير الا ان قال له: «هذا الموقف اعجبني». اما الرئيس بري فقال: «هذا الموقف يسجل في تاريخك». عندما قال السنيورة ان الدين العام أصبح 44 مليار دولار، قاطعه بري بقوله: «امس قلت لي ان الدين 43 مليارا. ماذا حصل؟»، فأجاب السنيورة: «العداد يدور من جلسة الى أخرى والدين يرتفع».

عدد كبير من مشاريع القوانين المطروحة يعود الى حكومتي الرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي، منذ العام 2004. وبعض هذه القوانين لم يعد يصلح او انتفت الحاجة اليه. اما البعض الآخر فبدا وكأن توقيت طرحه غير مناسب. فما كان من النائب بطرس حرب إلا ان طالب بعدم اقرار مشاريع «انتفاعية» لغايات انتخابية. وقال: «هذه حكومة انتخابات. اسمعوا مني واقفلوا دكان الخدمات» الذي سيفتح من خلال اقرار احد القوانين.

النائب علي عمار (حزب الله) تميز بهدوء ملحوظ خلال المناقشات خلافا لعادته. الامر الذي دفع بري الى القول له: «لم اعهدك هكذا». التضامن الوزاري كان في أفضل حالاته قياسا بما تتداوله وسائل الاعلام. وكانت اجوبة الوزراء عن اسئلة النواب تظهر ذلك، لا سيما الوزير محمد فنيش. لكن هذا التضامن بدأ يهتز خارج القاعة عندما اعلن وزير الاتصالات جبران باسيل موقفا «متشنجا» من تأجيل اقرار التقسيمات الادارية لقانون الانتخابات الذي طرحه بري كاقتراح على ان تقر لجنة العدل التقسيمات في جلستها المقبلة، ليصار بعد ذلك الى تقديم مشروع متكامل في موعد اقصى هو 25 سبتمبر (ايلول) المقبل. وبدا مفاجئا «الغضب» الذي انتاب نواب تكتل «التغيير والاصلاح» وأدى الى تلاسن حاد بين أحد أعضائه نبيل نقولا والنائب انطوان اندراوس من «اللقاء الديموقراطي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، في حين بقي نواب حزب الله وحركة امل هادئين وكأنهم يعلمون مسبقا بالاتفاق على التأجيل. وعندما سألنا أحد نواب الاكثرية عن سبب استبعاد نواب «التغيير والاصلاح» واستثنائهم دون سواهم من التبليغ بالتأجيل، أجاب: «نواب التغيير والاصلاح يعرفون كما عرفنا جميعا بأمر التأجيل. لكنهم يزايدون لغايات انتخابية».