واشنطن تعترف باحتجاز المسؤولين الأفغان صبيا أميركيا

نجل الطبيبة صديقي المتخصصة بالأعصاب المتهمة بالانتماء إلى «القاعدة»

TT

أعلنت السلطات الأميركية الأمس، أن المسؤولين الأفغان احتجزوا منذ منتصف يوليو (تموز) صبيا يحمل الجنسية الأميركية يبلغ من العمر 11 عاماً، وهو نجل امرأة باكستانية متهمة بالانتماء الى «القاعدة» وإطلاق النار ضد أفراد أفغان وأميركيين داخل أفغانستان. وفي خطاب موجه إلى أسرة عافية صديقي، عميلة «القاعدة» المشتبه فيها والمحتجزة حالياً في الولايات المتحدة، قال المحققون الفيدراليون إن الصور واختبارات الحامض النووي تشير بقوة إلى أن الصبي المحتجز حالياً في أفغانستان هو أحمد، نجل صديقي. وكان الصبي قد تم احتجازه في 18 يوليو (تموز) عندما ألقت الشرطة الأفغانية القبض على صديقي، بسبب ما وصفوه بأنه حادث إطلاق نار بالقرب من مجمع حكومي بإقليم غازني. يذكر أن صديقي وأطفالها الثلاثة اختفوا في باكستان عام 2003، وذاعت شهرة هذه القضية منذ ذلك الحين، ما أثار اعتراضات أبناء كراتشي، موطنها، وعشرات المقالات الافتتاحية بالصحف المحلية. وفي خضم الجلبة المثارة حول اختفاء الباكستانيين المشتبه فيهم هذا الصيف، أعلن المسؤولون الأفغان أنهم ألقوا القبض على صديقي بعد إطلاقها النار على المجمع الحكومي، وأنها محتجزة حالياً داخل سجن فيدرالي في نيويورك بتهمة الشروع في القتل.

من جانبه، قضى مكتب التحقيقات الفيدرالي سنوات عديدة في محاولة الوصول إلى معلومات بشأن صديقي، وهي طبيبة متخصصة بمجال الأعصاب تلقت تعليمها داخل الولايات المتحدة، تساور المسؤولون الشكوك حول أنها عميلة لتنظيم «القاعدة» ولديها معرفة بالأسلحة البيولوجية. خلال تلك الفترة، أخبر المحققون الفيدراليون ومسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي والدة صديقي، عصمت، أنه ليس لديهم معلومات حول مكان صديقي أو أطفالها، حسبما صرح محامي الأسرة بالأمس. من ناحيتهم، شككت الأسرة ومحاموها في رواية الحكومة الأميركية حول أن صديقي ظهرت فجأة بعد اختفائها على مدار خمس سنوات مع أطفالها الثلاثة في باكستان، وأنها فرت من عملاء أفغان وأميركيين بعد احتجازها. وتؤكد أسرة صديقي أن الأم الشابة وأطفالها تم حبسهم لبعض الوقت على الأقل في أحد المواقع السرية، وربما تم ذلك على يد مسؤولين أفغان أو باكستانيين يعملون بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وحتى الآن، لم يتم تحديد مصير نجلي صديقي الصغيرين، اللذين كانا يبلغان من العمر 6 شهور و5 سنوات وقت اختفائهما. من ناحيتها، أكدت إليزابيث فنك، محامية صديقي، أن: «شيئاً ما مريب يدور هنا. هناك ما يثير الشكوك في الرواية التي أعلنتها الحكومة. بغض النظر عن ماهية ما حدث لهذه المرأة، فهو أمر بشع، ومن الواجب علينا كشفه». وقالت المحامية إن موكلتها تعرضت لآلام نفسية بالغة على مدار فترة زمنية طويلة. على الجانب الآخر، نفت وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة العدل، احتجاز الولايات المتحدة لصديقي، أو أي من أبنائها. في هذا السياق، أكد جورج ليتل، المتحدث الرسمي باسم الوكالة، أن: «مثلما أوضحت وزارة العدل، فإن صديقي لم تكن موجودة بأي منشأة احتجاز أميركية، قبل احتجازها في 17 يوليو (تموز) 2008. وأية تلميحات إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية احتجزت أطفالها خاطئة ومثيرة للغضب. لو كانت لدينا معرفة بمكان صديقي قبل إلقاء القبض عليها، لكنا تشاركنا في هذه المعلومات مع شركائنا في الداخل والخارج. لقد كانت هاربة من العدالة الأميركية». يذكر أن صديقي درست العلوم السلوكية بالولايات المتحدة في التسعينيات. وعام 2001، بدأ الشك يساور المسؤولون الأميركيون حول كونها عميلا لـ«القاعدة» وشرعوا في مراقبتها باعتبارها إرهابية مشتبها فيها أثناء وجودها في بوسطن مع زوجها. في أعقاب إلقاء القبض على خالد شيخ محمد عام 2003، والذي زعم أنه العقل المدبر وراء هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، اختفت صديقي وأطفالها الثلاثة من ناصية أحد شوارع كراتشي. وقال محامو صديقي إنهم تحدثوا إليها بعد نقلها إلى نيويورك في وقت سابق من هذا الشهر. وقالت فنك إن صديقي ستتقدم بالتماس إلى محكمة فيدرالية لوضع ابنها أحمد في الحجز مع شقيقها في تكساس. من جانبهما، أكدت فنك وإيلين ويتفيلد شارب، محامية اسرة صديقي، أن عافية صديقي، تحمل قدرا ضئيلا من الشبه بالمرأة الموجودة في الصور العائلية التي تم التقاطها عام 2002، حيث تعرض أنفها للكسر وتظهر شقوق عميقة في شفتيها وجلدها ويحمل وجهها شحوب الموتى، ولا تستعيد قدرتها على التفكير المتزن سوى من وقت لآخر. من جانبه، أعلن إسماعيل جهانجير، المتحدث الرسمي باسم حاكم إقليم غازني الأفغاني، يوم الاثنين أن وزارة الداخلية الأفغانية احتجزت الصبي في ذات يوم إلقاء القبض على صديقي. وقال جهانجير إن مكتب الحاكم ليست لديه أية معرفة بما حدث للصبي بعد تسليمه إلى وزارة الداخلية. وخلال لقاء أجري معه عبر الهاتف، قال مسؤول بوزارة الداخلية في كابول إن أحمد احتجزته الوزارة لمدة يوم واحد، ثم تم نقله إلى حجز يتبع إدارة الأمن القومي الأفغانية، وهي وكالة استخباراتية. وأكد مسؤول وزارة الداخلية أنه: «قمنا باحتجازه لمدة 24 ساعة، لأنه ليس لدينا الحق في احتجازه لفترة أطول من ذلك. ثم أرسلناه إلى إدارة الأمن القومي، ولا أدري ماذا حدث له بعد ذلك».

يذكر أنه طبقاً للخطاب الذي بعث به المحققون إلى أسرة صديقي، قال العملاء الأميركيون إن الصبي أخبرهم في بداية الأمر أنه يتيم. من المعروف أن إدارة الأمن القومي الأفغانية، تعاونت بصورة وثيقة مع مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية منذ حرب أفغانستان التي بدأت عام 2001. وقد عملت الوكالة كهمزة الوصل الرئيسة في العشرات من قضايا المحتجزين بالغي الأهمية، والتي تضمنت محتجزين أفغانا، بما في ذلك المحتجزون الذين عادوا مؤخراً من معسكر غوانتانامو بكوبا وقاعدة بغرام الجوية الأميركية في أفغانستان. في تلك الاثناء، أعلنت الحكومة الباكستانية مناشدات قوية نيابة عن صديقي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، مرر البرلمان قراراً يدعو لترحيلها على الفور إلى باكستان. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن مسؤول في وزارة الشؤون الخارجية الباكستانية إن الحكومة تخطط لإرسال وفد إلى واشنطن للنظر في قضيتها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»