معركة الرئاسة الإيرانية تبدأ مبكرا.. ورفسنجاني يؤكد: نراقب الوضع حتى لا تواجه البلاد فراغا في القيادة

إيران: أمير قطر وجه الدعوة لنجاد لحضور قمة الخليج بمسقط.. وحمل طلبا خليجيا

آية الله جنتي (يسار) ومحمد امام كاشاني في افتتاح جلسة مجلس الخبراء في طهران أمس (ا.ف.ب)
TT

وسط خلافات علنية وأخرى خفية، دعا رئيس مجلس الخبراء الإيراني علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الإيرانيين الى «الحفاظ على اليقظة في الظروف الراهنة، وعدم الانجرار الى الخلاف حول القضايا الصغيرة»، موضحا في كلمة لدى افتتاحه الدورة الرابعة لمجلس الخبراء، وهو أحد اهم مؤسسات النظام الإيراني، اذ أنه منوط بها تنحية وتعين المرشد الأعلى لإيران، أن المجلس الذي يرأسه: «يراقب الوضع بدقة.. حتى لا تواجه البلاد فراغا في القيادة».

وجاءت كلمة رفسنجاني بعد تصريحات للمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، دعا فيها الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، الى عدم اعتبار هذا العام هو الأخير له في الرئاسة، قائلا له: «اعتبر نفسك رئيسا لإيران لخمس سنوات أخرى»، وهو ما سبب ضيقا كبيرا في اوساط التيار الإصلاحي الإيراني، الذي يبحث منذ أشهر الوجوه التي ستمثله في انتخابات الرئاسة أمام أحمدي نجاد. وفيما لم يعلن أي من المرشحين الكبار مثل الرئيس السابق محمد خاتمي رغبته او نيته في الترشح، أعلن مهدي كروبي رئيس حزب «اعتماد ملي» أو «الثقة الوطنية» الاصلاحي، المقرب من خاتمي امس ترشحه لمنافسه احمدي نجاد، في خطوة تعني ضمنا ان معركة الرئاسة بدأت مبكرا. وبينما تتزايد الخلافات بين خامنئي ومسؤولين كبار، خصوصا من التيار الاصلاحي حول احمدي نجاد وادارته للحكومة، قال هاشمي رفسنجاني: «انه من الضروري الحفاظ على الهدوء واليقظة في الظروف الراهنة وعدم الانجرار الي النزاع والخلاف حول القضايا الصغيرة». وأضاف: «أننا نتوقع من كافة التيارات السياسية والأحزاب والمجموعات والأشخاص والمؤوسسات أن يدركوا الظروف الزمنية، وألا يتسببوا في الاحتقان والتوتر الذي سيستفيد منه العدو».

وأشار رفسنجاني الى اللقاء الذي تم بين خامنئي من جهة وأحمدي نجاد وحكومته من جهة أخرى الأسبوع الماضي، موضحا: «أن تصريحات القائد ساعدت على استمرار الهدوء في البلاد». وقال: «نظرا للخدمات القيمة التي قامت بها الحكومات خلال الاعوام الثلاثين الماضية وسلامة النظام ووفاء الشعب بالنظام والثورة، علينا أن نحافظ على هذا الرأسمال، ونسعى من أجل تعزيزه».

وأضاف: «علينا تعزيز الارتباط بين الشعب والنظام اكثر من ذي قبل.. علينا ايضا أن نسعى من أجل تحقيق الاهداف الاسلامية الأصيلة ومطالب الشعب، حيث تعد هذه المطالب أهم هذه الاهداف. والشعب هو الركن الرئيسي في انتصارنا». ولم تخل هذه الكلمة من دلالة وانتقاد ضمني، فقد أدت موجة التظاهرات في إيران العام الماضي وهذا العام، والاستياء العام بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ونقص الوقود وانقطاع الكهرباء، الى مخاوف داخل مؤسسات الحكم الإيرانية من فقدان الدعم الشعبي لمؤسسات النظام، خصوصا الحكومة، التي تعاني من تدهور كبير في شعبيتها. كما شدد رفسنجاني، في تصريحات نقلتها وكالة ارنا، على أهمية دور مجلس الخبراء في المستقبل، موضحا: «قام مجلس الخبراء بواجبه وبشكل جيد، ومن دون اي توتر سياسي وانتخب افضل شخص لقيادة البلاد»، في اشارة الى انتخاب المجلس لخامنئي لخلافة آية الله الخميني بعد وفاته في يونيو (حزيران) عام 1989. وتابع رفسنجاني متسائلا: «هل هناك مكان يتم فيه نقل المسؤولية المهمة بهذا المستوى من التعقل والصمود». وأضاف: «ان البعض يتوقع من مجلس الخبراء ان يقوم بواجبه في كافة الشؤون كالماء والكهرباء والسكن والقضايا الجارية». واعتبر رفسنجاني القضية النووية والدعم الحكومي قضيتان مهمتان في البلاد. ووصف مجلس الخبراء بأنه «القاعدة الصلبة لاستقرار البلاد واحلال الأمن لأبناء الشعب»، مؤكدا: «أن مجلس الخبراء يراقب الأوضاع بدقة، حتى لا تواجه البلاد الفراغ في القيادة». وقال مصدر إيراني لـ«الشرق الأوسط» إن الأعين تتجه الى دور مجلس الخبراء في إيران خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن انتخاب رفسنجاني رئيسا للمجلس، لم يكن الخيار الأول لخامنئي. وأوضح المصدر، الذي لا يريد الكشف عن هويته: «كان القائد يفضل أن يتم انتخاب آية الله احمد جنتي للمنصب. لم يكن رفسنجاني مرشحه الأول. وعندما انتخب رفسنجاني وفي اول لقاء بين القائد وبين المجلس الجديد المنتخب، لم يوجه آية الله خامنئي كلامه لرئيس المجلس رفسنجاني، كما هو العرف، بل وجهه الى كل أعضاء المجلس». وتأتي أهمية مجلس الخبراء من أنه يختار المرشد الأعلى للبلاد. وأوضح المصدر الإيراني: «في ظل تركيبة المجلس الحالية، فإنه من الممكن نظريا انتخاب رفسنجاني كمرشد أعلى في المستقبل، كما يمكن انتخاب رئيس القضاء السيد محمود هاشمي الشهرودي، إلا ان هناك شخصيات بارزة ومؤثرة خصوصا من المؤسسات الأمنية مثل الحرس الثوري تريد أشخاصا أخرى من بينهم مجتبي خامنئي، ابن المرشد الأعلى بسبب صلاته بالمؤسسات الأمنية في إيران». يأتي ذلك فيما اختار حزب «اعتماد ملي» او (الثقة الوطنية) الايراني الاصلاحي زعيمه مهدي كروبي كمرشح له في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. وذكرت وكالة أنباء «فارس» أن كروبي، 71 عاما، قرر أن يخوض السباق الرئاسي امام أحمدي نجاد. ولا يعني هذا ان كروبي سيكون مرشح الاصلاحيين الذين لم يختاروا مرشحا رسميا بعد، وان تداولوا في عدد من الاسماء بينها خاتمي، ووزير الثقافة في عهده عطاء الله مهاجراني، ورئيس الملف النووي الإيراني سابقا حسن روحاني. ولم يعلن أي منهم حتى الآن نيته خوض انتخابات الرئاسة. ويعتبر كروبي من رجال الدين المعتدلين، وعمل مرتين كرئيس للبرلمان (1990 ـ 1992 و2000 ـ 2004) خلال ولاية خاتمي. وكان قد أخفق في بلوغ الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في عام 2005 بفارق ضئيل، مما جعل الجولة الأخيرة تتم بين رفسنجاني وأحمدي نجاد. ولا يتمتع كروبي بشعبية كبيرة بين الشباب والنساء الإيرانيات بسبب نهجه الوسطى، وانتقاده لبعض الاصلاحيين في حكومة خاتمي، الذين قال إنهم انتهجوا خطابا ليبراليا أكثر من اللازم. وفي انتخابات البرلمان الإيراني الماضية، لم يحقق حزب «اعتماد ملى» النتيجة المرجوة، وجاء في آخر لائحة الأحزاب الاصلاحية. ومن المتوقع ان تثير خطوة كروبي استياء بين الاصلاحيين الذين يريدون ان يدخلوا الانتخابات بمرشح واحد من اجل عدم تفتيت أصوات الاصلاحيين. لكن جبهة المحافظين بدورها مرشحة لأن تشهد انقسامات، ولا يتوقع ان يتم ترشيح احمدي نجاد منفردا للرئاسة نيابة عن المحافظين، ومن الوجوه التي يرجح ان تنافسه على لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، ومحمد قليباف عمدة طهران. ويعتقد ان قليباف، ان ترشح، سيكون خطرا على احمدي نجاد اذ أنه يتمتع بشعبية كبيرة بين اهالي طهران، 14 مليون نسمة، بسبب الطريقة التي يدير بها طهران، وتركيزه على اصلاح المواصلات والتخفيف من حدة التلوث في العاصمة وافكاره المعتدلة. ايضا مما يزيد من حظوظ قليباف ان أحد كبار مستشاري خامنئي وهو وزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي انتقد علانية احمدي نجاد وأداءه في الملف النووي، موضحا أن استخدام لغة متشددة لا يخدم مصالح إيران. ومع أن أحمدي نجاد يحظى بتأييد مؤكد من خامنئي والمؤسسات العسكرية في البلاد، وعلى رأسها الحرس الثوري، الا أن اعادة انتخابه ليست شيئا مؤكدا، والعامل الذي سيلعب دورا في مسألة إعادة الانتخابات من عدمه هو نسبة تصويت الإيرانيين. وقال مسؤول إيراني سابق لـ«الشرق الأوسط»: «ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات، ربما يحدد نتيجة الانتخابات، لأنه لا يمكن تزوير أصوات 28 مليون نسمة. ربما يمكن تزوير أصوات عدة ملايين، لكن 28 مليون نسمة، أمر مستحيل. في الانتخابات التي جاءت بخاتمي للرئاسة، كان القائد يفضل على أكبر ناطق نوري، رئيس البرلمان آنذاك، الا أنه بسبب الاقبال الكبير على التصويت، ما تم التلاعب به كان عدد من الأصوات لا يمكنها ان تغير نتيجة الانتخابات كلها. لكن اذا كانت نسبة الاقبال ضعيفة، فسيودي هذا الى تعزيز حظوظ انتخاب احمدي نجاد لولاية ثانية، اذ ان عناصر القوات المسلحة والحرس الثوري يصوتون بشكل منتظم، وهؤلاء زاد عددهم وولاؤهم للحكومة خلال سنوات حكم احمدي نجاد». من جانب آخر، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسن قشقاويانه، إن الرئيس العراقي جلال طالباني، ووزير الخارجية التركي على باباجان، سيزوران إيران خلال الايام المقبلة، بدون ان يعطي موعدا معينا، او يحدد جدول أعمال الزيارة. لكن يعتقد ان مباحثات باباجان في طهران مرتبطة بالمباحثات بين الطرفين المتعلقة ببناء خط لنقل الغاز الطبيعي الإيراني الى أوروبا عبر تركيا، بالاضافة الى محاولة أنقرة لعب دور وسيط في الملف النووي الإيراني. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ليل أول من أمس، إن أنقرة وتركيا مصرتان على إنهاء الاتفاقية بخصوص خط الغاز. يذكر ان الاتفاقية تعثرت في الأسابيع الماضية، بسبب شروط جديدة وضعتها إيران متعلقة بسياسات التسعير. وقال قشقاويانه، إنه على الأرجح سيحضر الرئيس الإيراني قمة دولة مجلس التعاون الخليجي في مسقط، بعد دعوة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للرئيس الإيراني للحضور، موضحا أن الزيارة التي قام بها أمير قطر الى طهران الاسبوع الماضي: هدفت الى توصيل طلب من دول مجلس التعاون الخليجي لطهران حول زيادة التعاون بين الطرفين، واجراء مزيد من المشاورات مع طهران بشأن سبل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. وتابع قشقاويانه «حضور أحمدي نجاد المثمر لآخر قمة لدول مجلس التعاون الخليجي، شجع جيراننا في الخليج على تعزيز العلاقات مع إيران». وكان أحمدي نجاد قد حضر القمة الـ18 لمجلس التعاون الخليجي في الدوحة في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، ووضع خطة تعاون من 12 نقطة لـ«تعزيز الروابط الأخوية والتعاون» بين إيران ودول الخليج.