أصحاب فنادق في النجف وكربلاء يشكون من هيمنة «منظمة الحج والزيارة الإيرانية»

قالوا إنها تتحكم بتوزيع زوار المراقد على الفنادق وبأسعار متدنية

رجل وزوجته يقرآن المصحف الشريف في مرقد الامام علي بمدينة النجف (أ.ب)
TT

السياحة الدينية في مدينتي النجف وكربلاء تعتبر العمود الفقري لانتعاش الحالة الاقتصادية لدى العراقيين في المحافظتين الواقعتين جنوب العاصمة بغداد، لاسيما بعد سقوط النظام العراقي السابق، حيث استبشر  أهالي المدينتين خيرا آملين ان تكون هنالك نهضة كبيرة في انتعاش السياحة الدينية ووفود الزائرين اليها من كل أنحاء العالم بعد ان كانت مقتصرة نوعا ما على الزوار من المحافظات المجاورة.

غير أن أغلب شرائح المجتمع في المدينتين اصطدمت بالقائمين على السياحة الدينية في الحكومة المركزية ومنهم أصحاب الفنادق الذين وصفوه بـ«هيمنة منظمة الحج والزيارة الإيرانية» على شؤون السياحة في النجف وكربلاء في ظل غياب وزارة السياحة والمؤسسات الحكومية المسؤولة، حيث تقوم هذه المنظمة بتوزيع الوفود الإيرانية على الفنادق، حسب ما يريدون وبأسعار متدنية جدا، بحسب أصحاب الفنادق. ومدينتا النجف وكربلاء تضم أقدس مراقد الأئمة لدى الشيعة.

ومنظمة الحج والزيارة، هي مؤسسة رسمية إيرانية تعنى بشؤون الحجاج والزوار الإيرانيين في السعودية والعراق وسورية بالتنسيق مع الجهات الرسمية في تلك الدول. ولكن عدم تفعيل المكتب الوطني للسياحة في العراق في الفترة الماضية سمح للمؤسسة بالتدخل في شؤون الشركات والفنادق العراقية بشكل مباشر، حسب تعبير أصحاب الفنادق في النجف وكربلاء. وقال محمد الخفاجي صاحب فندق في كربلاء لـ«الشرق الاوسط» ان «هيمنة منظمة الحج والزيارة الإيرانية على السياحة الدينية في العراق هيمنة ذات مردود سلبي من خلال  فرض سيطرتها الكاملة على جميع فنادق مدينتي النجف وكربلاء، اضافة الى فرضها شروطا وأسعارا غير مقبولة تكاد تكون مجانا»، واصفا المبالغ المالية بأنهم «يعطونها باليد اليمنى ويستلمونها باليد اليسرى». وأضاف الخفاجي أن «المنظمة الإيرانية أوقفت آمال أصحاب الفنادق في إنشاء فنادق ضخمة ومتطورة في المدينتين، حيث اغلبهم توقف عن العمل عكس ما كان عليه في النظام السابق، حيث شهدت النجف وكربلاء تطورا كبيرا في انشاء العشرات من الفنادق».

من جانبه، طالب صاحب صفر علي، ممثل فنادق العراق، في حديث مع «الشرق الاوسط» «بإعادة النظر في الاتفاقية العراقية الإيرانية بشأن دخول ونقل وأجور الزائرين والمطبخ المركزي الذي فرضوا إقامته في النجف وكربلاء»، متهما «شركات عراقية يملكها متنفذون في الحكومة بالسيطرة على نقل الزائرين إلى العراق»، مطالبا وزارة السياحة «بإعادة تفعيل المكتب الوطني للسياحة لأنه الحل الأمثل»، حسب تعبيره. وقال سعد أبو غنيم، صاحب فندق في المدينة القديمة في النجف، إن «أصحاب الفنادق أصبحوا ضحية لمنظمة الحج والزيارة الإيرانية والشركات العراقية العاملة معها، لأنهم اتفقوا على صيغة تخدمهم فقط». وأضاف أبو غنيم، على هامش ندوة أقيمت في النجف لتفعيل السياحة الدينية، «نعاني من عدم وجود جهة مخولة تعيد لنا حقنا. فالدولة ووزارة السياحة غائبتان بالكامل ونحن مستسلمون لضغوطات الإيرانيين بسبب هذا الغياب غير المبرر». وأكد سعد فخر الدين، محلل اقتصادي من مدينة النجف، ان «هيمنة منظمة الحج والزيارة الايرانية على الفنادق في النجف وكربلاء أثر بشكل عام على الوضع الاقتصادي والسياحي  للمدينتين وعلى الحكومة العراقية ان تجد الحلول المناسبة للتخلص من هذه الهيمنة التي أصبحت العقبة الكبيرة امام نهوض السياحة الدينية في العراق». وأضاف ان «الحكومة العراقية عليها أن تفتح المجال أمام الشركات العراقية بالتعاون مع وزارة السياحة بإدارة شؤون الزائرين في عموم البلاد».

غير ان مدير منظمة الحج والزيارة الايرانية في النجف روح الله شكراري أكد ان «المنظمة لا تتدخل في اختيار الفنادق انما الشركات العراقية الموردة هي التي تقوم بذلك وإيران لديها اتفاقيات مكتوبة مع الجانب العراقي».

وأوضح شكرارى ان «المطبخ المركزي الذي اقامته المنظمة ليس إجباريا إنما اختياري والهدف منه توفير أطعمة تلائم الذوق الايراني الذي يختلف عن الذوق العراقي، وهذا الأمر نعمل به في السعودية وسورية وكل الاماكن الدينية ولدينا ملاحظات على طريقة ذبح اللحوم التي تقوم بها بعض الفنادق في النجف وكربلاء مما دعانا لإقامة المطبخ المركزي».

 مدير هيئة السياحة في المحافظة نجاح محمد نعمان دعا في تصريح لـ«الشرق الاوسط» الى تفعيل السياحة الدينية وفتح فرص جديدة وتفعيل دور شركات جديدة منافسة. وقال نعمان إن «لجنة خاصة شكلت برئاسة وزير الدولة لشؤون السياحة والآثار قحطان الجبوري لإعادة تفعيل المكتب الوطني للسياحة الذي كان معمولا به قبل عام 2003 وكان يوزع الزائرين على الفنادق والشركات بالتساوي وبأسعار جيدة تخدم السياحة والفندقة العراقية». من جانبه، أكد مدير السياحة الدينية جاسم عبد الحسين أن «استقرار الأوضاع الأمنية في النجف ساعد على زيادة الزوار الوافدين من مختلف دول العالم، وقد بدأوا يصلون الآن إلى الكاظمية ببغداد بعد أن كان الأمر مقتصرا على النجف وكربلاء، لذا فالنية تتجه لإشراك أعداد إضافية من الشركات العراقية في تفويج الزائرين».