سفينتا «كسر الحصار» تغادران غزة اليوم وعلى متنهما 10 طلبة فلسطينيين

إسرائيلي من ركاب الزورقين لـ«الشرق الأوسط» بعد إطلاق سراحه: السلام أهم من الأمر العسكري

TT

تغادر سفينتا «كسر الحصار» الدوليتان عن قطاع غزة، صباح اليوم، القطاع عائدتين الى نقطة الانطلاق في قبرص، وعلى متنهما عشرة ركاب جدد هم طلاب فلسطينيون يغادرون لإكمال دراساتهم الجامعية في الخارج. وكما قال لـ«الشرق الأوسط»، البروفسور جيف هالبر الذي كان الاسرائيلي الوحيد على متن احدى السفينتين ومن قادة نشطاء السلام في اسرائيل، فإن تحميل الطلاب العشرة جاء لإحراج السلطات الاسرائيلية التي تدعي أنها لم تعد تحتل قطاع غزة. فإذا اعتقلتهم أو منعتهم من الاقلاع، تظهر على حقيقتها كمحتلة.

وكانت السفينتان قد وصلتا الى شواطئ غزة يوم الأحد الماضي، وعلى متنهما 44 شخصية عالمية من أنصار السلام منحت حكومة حماس المقالة كل واحد منهم مواطنة شرف فلسطينية، بهدف كسر الحصار على القطاع، المستمر منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية وتوليها رئاسة الحكومة الفلسطينية وفرض سيطرتها الكاملة على قطاع غزة. وقررت اسرائيل في آخر لحظة ألا تعترض الزورقين في طريقهما الى غزة، بحجة انها لا تريد الانجرار وراء الاستفزاز. ويوم الثلاثاء، عاد البروفسور جيف هالبر الى اسرائيل برا عبر حاجز بيت حاون (ايرز) فاعتقلته السلطات الاسرائيلية للتحقيق معه بتهمتين. وأخبره المحققون ان التهمتين هما: خرق أمر قائد اللواء الجنوبي في الجيش الاسرائيلي، الذي يمنع أي مواطن اسرائيلي من دخول القطاع بحجة الخطر على أمنه، والثاني التسبب في الازعاج للسلطات الاسرائيلية، التي «كانت ستضطر الى الدخول في عملية عسكرية الى القطاع لاطلاق سراحه في حالة الاساءة اليه أو خطفه من عناصر الارهاب». وأطلق سراح هالبر بكفالة شخصية بقيمة 2000 شيكل (571 دولارا)، يلتزم بموجبها ألا يحاول الدخول الى غزة لمدة شهر. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال البروفسور هلبر، حال اطلاق سراحه، بعد ظهر أمس، ان التحقيق معه مثير للسخرية. فأهل غزة ليس فقط لم يخطفوه ولم يسيئوا اليه وحسب، بل استقبلوه أحسن استقبال. وقال: «من سخريات القدر انني في يوم الاثنين حصلت على مواطنة شرف في المنطقة الفلسطينية وفي اليوم التالي أدخلت السجن في اسرائيل».

وروى هالبر ما جرى له في المعتقل فقال: «أدخلوني الى غرفة تضم عددا من المعتقلين اليهود من أصل روسي وشرقي، وكان بينهم أيضا معتقل فلسطيني. وتعرف الفلسطيني علي وراح يعبر عن إعجابه وتقديره لخطوتي، فانتبه المعتقلون اليهود الى ذلك وراحوا يشتمونني ويوجهون لي الاهانات ويهددونني. فخفت، وطلبت من ادارة المعتقل نقلي الى غرفة أخرى. فنقلوني الى غرفة مجاورة، والمعتقلون في الغرفة السابقة يواصلون شتمي. فانضم اليهم المعتقلون في الغرفة الثانية. فلم أغمض عيني من الخوف ولم أغادر سريري حتى الى المرحاض، خوفا من أن يهاجموني ويعتدوا علي. وانتظرت طلوع الصباح لأنقل الى غرفة التحقيق ومن هناك الى الحرية».

ولكن هالبر ليس نادما على ما فعل، وقال ردا على سؤال إن النضال من أجل السلام يستحق التضحية، فالسلام أهم من أوامر قائد الجيش الاسرائيلي ومن الخوف والتهديدات. يذكر ان هالبر كان محاضرا بمادة الانثروبولجي (علم الانسان) في جامعة بئر السبع. وترك التعليم ليتفرغ الى النشاط الجماهيري من أجل السلام وأقام «اللجنة الاسرائيلية ضد هدم البيوت»، وراح يشجع الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال بلا عنف. وتصدى ولجنته لمئات عمليات هدم البيوت التي قامت بها قوات الاحتلال الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة، وساهمت لجنته في بناء 50 بيتا فلسطينيا هدمها الاحتلال والف كتابا حول هذه القضية باسم (اسرائيلي في فلسطين). وانضم الى السفينتين قبل شهور وحاول ضم اسرائيليين آخرين، إلا أن أحدا لم يوافق على ذلك من قوى السلام الاسرائيلية بسبب التزام كل من شارك في الرحلة بتأييد حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة. وأغضبه ذلك وقال انه كيهودي يخجل من هذه المواقف ازاء هذه القضية.

وأكد هالبر ان الرحلة الى غزة جاءت بهدف كسر الحصار بغض النظر عن حكم حماس أو غيرها. وقال: «الحصار هو تصرف غير انساني. وحكومة اسرائيل تثبت بواسطته انها ما زالت تحتل غزة، وهذا يعني انها تتحمل كامل المسؤولية عن النقص في الخدمات والغذاء والأدوية هناك. ولن تستطيع التهرب من مسؤوليتها. وسنواصل العمل بمختلف الأساليب حتى تتحمل اسرائيل مسؤوليتها عنها كاملة أو ترفع يدها تماما عن القطاع وتتيح له حرية الحياة والعمل والتنقل».