سليمان يطلب مساعدة مصر لـ«دور وفاقي عربي» .. وأبو الغيط يحذر من انفجار الوضع في طرابلس

القاهرة تعرض بناء قدرات الجيش اللبناني لكي يتحمل مسؤولياته

أحمد أبو الغيط يصافح أطباء عسكريين مصريين من مستشفى ميداني في جامعة بيروت العربية أمس (أ.ف.ب)
TT

استقبلت العاصمة اللبنانية أمس، المزيد من الزوار العرب والأجانب مع وصول وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط وقبله مساعد وزيرة الخارجية الاميركية المسؤول عن «الملف اللبناني» ديفيد هيل، بالاضافة الى وفدين أميركيين من وزارتي الخارجية والدفاع. فيما يصل الى بيروت صباح اليوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في زيارة رسمية هي الاولى له بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان. وقد لفت الموقف المصري الذي عبر عنه أبو الغيط لجهة التحذير من انفجار الوضع في طرابلس وتداعياته. وهو موقف عبّر عنه في كل التصريحات التي أدلى بها عقب لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين.

وكان أبو الغيط قد وصل صباحاً الى بيروت. وزار الرئيس سليمان الذي تمنى أن تقوم مصر بـ«دور وفاقي عربي» في اشارة الى العلاقات السعودية ـ السورية التي قال ابو الغيط إنها تأزمت بسبب الوضع اللبناني.

وقد شكر سليمان نظيره المصري الرئيس حسني مبارك على «الدور الذي أداه ولا يزال في مساعدة لبنان». وقال ابو الغيط: «ان مصر تدعم لبنان وتعرض عليه كل امكاناتها لتحقيق الهدف اللبناني في الامن والسلام. والرئيس سليمان تطرق الى التهديدات الاسرائيلية. وعبرت له عن وقوف مصر مع لبنان. واننا بالامس فقط تحدثنا مع الجانب الاسرائيلي اثناء زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي الى مصر، عن هذه التهديدات. وطالبناهم بالتوقف عن التفكير في اي تهديدات لهذا البلد العربي الصديق». واشار الى ان الجانب الاسرائيلي «تفهم القلق ووضوح الموقف المصري».

وفي ما يتعلق بدعوة الرئيس سليمان لزيارة مصر، قال: «هناك دائما ترحيب بالرئيس اللبناني. ولكن طبعا، هناك جدول ارتباطات الرئيس مبارك. والرئيس سليمان عبر عن رغبته في زيارة مصر في غضون الاسابيع القليلة المقبلة. لكننا سننظر في تواريخ وايضا في ارتباطات الرئيس مبارك، بحيث يستطيع الرئيس سليمان عندما يحضر ان يجد ارضية ولقاء قويا يدعم العلاقة اللبنانية ـ المصرية ويدعم الاستقرار في لبنان».

وفي تصريحاته قال ابو الغيط هناك وضع يقلقنا، هو وضع مدينة طرابلس والتيارات التي تمور بالصدام. ونطالب الجميع بالحذر. الحذر كي لا تنطلق شرارة تقود الى وضع غير سليم في لبنان. هذا هو محتوى الرسالة». وسئل عن معنى حديثه عن مخاوف تتعلق بمدينة طرابلس، وهل من مساع خارجية لمساعدة لبنان على تجاوز هذه المحنة، فأجاب: «إن مصر على استعداد لتقديم كل إمكاناتها ولديها إمكانات كثيرة ومتعددة. والبعض يفوته أن لديها قدراتها في بناء قوات مسلحة وبناء أجهزة أمنية وأجهزة مخابراتية ولديها قدراتها الثقافية. وهي قادرة على تقديم خبرة ثقافية. إن مصر لديها الأزهر الشريف، ولديها الكثير مما تستطيع أن تقدمه. وهي على استعداد لذلك». وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال ابو الغيط: «عبرت له عن الامل في استمرار نجاح البرلمان اللبناني تحت رئاسته في أن يأخذ لبنان من هذه المرحلة، وناقشت معه (بري) تطورات الوضع في طرابلس. وهو وضع يستثير الخشية الشديدة. واتفقنا على المنهج الذي يجب ان يستهدف التنمية وتحقيق الاستقرار في المدينة. وخرجت ولدي قدر من التفاؤل حول تطورات العملية السياسية في لبنان».

وردا على سؤال عن حديثه عن امكانية انفجار الوضع في طرابلس، افاد: «المعلومات متاحة للجميع ونرصدها ونراها ونطلع عليها في الاعلام الدولي واللبناني والعربي. هناك الكثير من المناقشات التي تدور بين اطراف خارجية تهتم بالشأن اللبناني. والمؤكد ان هناك قوى تسعى الى تحقيق انفجار في الوضع». فسئل هل هي محلية ام اقليمية؟ فاجاب: «لا استطيع ان اقول ان كانت محلية ام اقليمية. ولكن يجب ان يتمسك اهل لبنان بالتوصل الى الصيغة اللبنانية التي تحقق التواصل من دون صدام، على الارض في لبنان وفي مدينة طرابلس. العلاقة بين الاطراف المختلفة علاقة اساسية. ويجب ان يعيش الجميع في سلام واستقرار. اذا غاب هذا السلام واندفع البعض الى المواجهات والصدام، فهذا له تأثيره البالغ. والضرر ليس فقط على لبنان، وانما على المنطقة كلها ايضا».

وعن قيام مصر بجهود للتقريب بين السعودية وسورية، افاد ابو الغيط: «دعوني اقول إن كثيرا من الجهد يبذل. لكن المفتاح مرة أخرى في يد اهل لبنان. ان الخلاف في الرؤى السعودية ـ السورية نبع من تطورات الوضع اللبناني. وبالتالي دعونا نتحرك في لبنان خارج هذا الوضع. وهو يتجه الى وضع جديد ومستقر ويستثير الاسترخاء ويحقق الراحة لنا، لكننا نتحسب مما لا نراه الآن». واضاف: «المطلوب هو حوار ومصالحة واجراءات وانفراجات كاملة ونهائية، تقود الى وضع يحقق للبنان استقراره. وزار ابو الغيط رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، حيث تحدث عن «الرسالة الواضحة التي نقلتها الى الرئيس وهي استعداد مصر لتقديم كافة عناصر الدعم للبنان على صعيد الربط الكهربائي، أو بالنسبة الى ربط خطوط الغاز في لبنان بالخط المصري العربي، بما يتيح للبنان الحصول على حصة كبيرة من الغاز».

وسئل: تحدثتم عن الوضع في طرابلس، والرئيس (السابق للحكومة اللبنانية) عمر كرامي لبى دعوة الرئيس مبارك لزيارة مصر، فكيف يمكن لمصر أن تساعد لبنان في موضوع الأمن في طرابلس تحديدا؟ فأجاب: «نحن على استعداد لبناء قدرات الجيش اللبناني لكي يتحمل مسؤولياته، بناء القدرات اللبنانية في المجالات الأمنية كافة. ومصر لديها إمكانات كبيرة في هذا الصدد وبشكل يؤدي إلى تقوية هذا الجيش لتحمل مسؤولياته. هذا بعد، أما البعد الآخر، فإن لمصر اتصالاتها مع الأطراف الإقليمية والدولية كافة. ونأمل في أن نساهم في تحقيق هذا الاسترخاء ونؤدي رسالة مفادها أن عليكم الحذر حتى لا ينفجر الوضع في طرابلس. على الجميع أن يتحرك ويحسب حساباته بشكل لا يقود إلى صدامات بين الاخوة من أبناء الشعب الواحد».

وعلى صعيد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإنه يفترض ان يضع المسؤولين اللبنانيين في جو المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية ويطلعهم على ما آل اليه الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني. وليس متوقعا ان يطرح مسألة المخيمات الفلسطينية مع الرؤساء سليمان والسنيورة وبري، انما سيطرح هذا الموضوع مع رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني السفير خليل مكاوي في اجتماع يعقد قبل ظهر غد الجمعة، كما سيطرح هذا الموضوع خلال اجتماع آخر يعقد مع قيادة منظمة التحرير في لبنان.

وسيستقبل الرئيس سليمان عباس ويستبقيه الى مأدبة غداء في قصر بعبدا. وسيجتمع عباس برئيس مجلس النواب نبيه بري عند السادسة والنصف مساء، ليجتمع بعد ذلك برئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، الذي سيستبقيه الى مأدبة عشاء.