مسؤولو إرهاب غربيون: مخاوف من اتخاذ حزب الله فنزويلا قاعدة لشن هجمات

تحدثوا عن تجنيد إيران والحزب مخبرين داخل مطار كاراكاس لجمع معلومات عن مسافرين يهود

TT

بات من الواضح أن مسؤولي مكافحة الإرهاب الغربيين قلقون للغاية من أن يستغل حزب الله اللبناني، الذي صنفته واشنطن على أنه منظمة إرهابية، فنزويلا قاعدة تنطلق منها عملياته الإرهابية. ويوضح خبير حكومي غربي في شؤون الإرهاب، أنه بناء على صلته بالهجمات التي تم شنها على أهداف يهودية في الأرجنتين، في تسعينات القرن الماضي، قد ينتهز حزب الله الروابط الفنزويلية مع إيران الراعية للميليشيا منذ أمد بعيد لنقل الأفراد والمعدات إلى الأميركتين.

وكجزء من معارضته للسياسة الخارجية الأميركية، أنشأ الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز علاقات دبلوماسية حميمة مع إيران وسافر إليها عدة مرات. وفي ما يتعلق بتلك العلاقات، يعتري إدارة بوش وإسرائيل قلق بالغ من أن تظهر فنزويلا كقاعدة تشن منها الجماعات المسلحة المعادية للولايات المتحدة ـ متضمنة حزب الله وباقي الحلفاء الإيرانيين ـ هجماتها وأنشطتها الجاسوسية. ويقول خبير مكافحة الإرهاب الحكومي الغربي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه نظرا لحساسية القضية: «لقد أصبحت هناك شراكة استراتيجية بين إيران وفنزويلا».

وهناك العديد من المشروعات الفنزويلية الإيرانية المشتركة، التي تم تدشينها في فنزويلا، ومنها مصانع الجرارات، والإسمنت والسيارات. هذا بالإضافة إلى أن الدولتين شكلتا برنامجا بتكلفة 2 مليار دولار لتمويل المشروعات الاجتماعية في فنزويلا وأماكن أخرى في أميركا اللاتينية. ويشير الخبراء الاستخباراتيون الغربيون إلى أنه يبدو أن تلك الروابط العميقة بين البلدين أصبحت أمرا مقلقا للمسؤولين الأميركيين، وهذا يرجع إلى أنه من المعروف أن الجواسيس الإيرانيين حول العالم يعملون مع ناشطي حزب الله، وأحيانا يستخدمون السفارات الإيرانية للتغطية على أنشطتهم.

وفي شهر يونيو (حزيران)، صرح توماس شانون مساعد وزيرة الخارجية الاميركية بأن إيران «لديها تاريخ من الإرهاب في هذا العالم، وأن الصلات المتعلقة (بميليشيا حزب الله) بالتفجيرات التي تمت في بيونس آيرس تعتبر خير دليل على هذا».

وتابع شانون: «إن أحد مخاوفنا الشديدة تكمن في ما يمكن لإيران أن تفعله في أي مكان آخر بهذا العالم، وماذا يمكن أن تفعله إذا ما وجدنا أنفسنا في وضع المواجهة مع إيران».

وقد زادت المخاوف من التهديد النابع من شبكة حزب الله العالمية بعد تصفية عماد مغنية الزعيم البارز لحزب الله في فبراير (شباط) الماضي في العاصمة السورية دمشق. وقد اتهم حزب الله وطهران إسرائيل بالتورط في هذا العمل، وهددتا بالانتقام، مما وضع السلطات الغربية في موضع دفاع من جراء احتمالية حدوث أي هجمات على الأهداف الإسرائيلية واليهودية حول العالم. وعلى الرغم من انخراط إدارة الرئيس الأميركي بوش بصورة فعلية في صراع سياسي مع حكومة شافيز، إلا أن الادعاءات والمزاعم بأن حزب الله والجواسيس الإيرانيين يباشرون أعمالهم من الأراضي الفنزويلية ترجع إلى فترة التسعينات، أي قبل أي يتولى شافيز مهام منصبه. وتتضمن أكثر المزاعم الملموسة حول وجود حزب الله في فنزويلا، وجود عمليات لجمع الأموال هناك. ففي شهر يونيو، حددت وزارة الخزانة الأميركية مواطنين فنزويليين على أنهما من المؤيدين لحزب الله وجمدت الأصول التي يمتلكانها في الولايات المتحدة. وقد اتهم مسؤولو وزارة الخزانة غازي نصر الدين الدبلوماسي الفنزويلي من أصل لبناني باستغلال منصبه داخل السفارات بالشرق الأوسط من أجل دعم العمليات التمويلية لحزب الله، ومناقشة القضايا العملياتية مع المسؤولين البارزين بالميليشيا. وحسبما أفاد مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية، فقد عمل نصر الدين على تيسير سفر أعضاء حزب الله من وإلى فنزويلا ولتلقي دورات التدريب في إيران. وأوضحت السلطات أن رئيس المركز الإسلامي الشيعي في كاراكاس عمل في مهام دبلوماسية في دمشق وبيروت. أما الفنزويلي الثاني الذي استهدفه مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية فكان فوزي كنعان، وهو وكيل سفريات في كاراكاس. وقد زُعم انه هو الآخر عمل على تيسير سفر أعضاء من حزب الله، كما ناقش خطط «لعمليات اختطاف محتملة وهجمات إرهابية» مع مسؤولي حزب الله في لبنان. ولم تشر مزاعم وزارة الخزانة ما إذا كانت هذه النقاشات المزعومة قد تضمنت خططا لعمليات اختطاف في فنزويلا أم في أماكن أخرى. وفي تعليقات أدلى بها إلى الصحافة الفنزويلية، أنكر كنعان هذه الاتهامات ووصفها بالأكاذيب. كما رفضت الحكومة الفنزويلية بشدة فكرة أنها تؤوي مسلحين على أراضيها. وفي مارس (آذار) 2007، أدت الروابط الشديدة بين فنزويلا وإيران إلى تدشين رحلات أسبوعية للخطوط الايرانية من طهران إلى كاراكاس، عبر دمشق. وقد أشارت وزارة الخارجية الأميركية في تقييمها السنوي عن الإرهاب العالمي إلى تلك الرحلات الجوية، حيث ذكرت في أبريل (نيسان) من هذا العام أن مسؤولي الحدود الفنزويلية في مطار كاراكاس عادة ما يتجاهلون إدخال المسافرين القادمين على قاعدة بيانات الهجرة الخاصة بها كما أنهم لا يختمون جوازات السفر. وأوضحت مصادر مطلعة أن السلطات الفنزويلية قد شددت من إجراءاتها على المسافرين منذ تلك اللحظة. وعلى الرغم من التطورات التي طرأت، إلا أن رحلات الخطوط الإيرانية قد ظهرت أيضا في المعلومات الاستخباراتية الأخيرة التي جمعها مسؤولو مكافحة الإرهاب الغربيون. وطبقا لمسؤولي مكافحة الإرهاب الغربيين، زُعم أن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله أسسا قوة خاصة لمحاولة اختطاف رجال الأعمال اليهود في أميركا اللاتينية، ثم إرسالهم بعد ذلك إلى لبنان. وأضافوا أن الناشطين الإيرانيين وحزب الله المسافرين من وإلى فنزويلا عملوا على تجنيد مخبرين فنزويليين يعملون داخل مطار كاراكاس لجمع المعلومات عن المسافرين اليهود ليكونوا أهدافا محتملة من أجل اختطافهم. وتعززت هذه المزاعم بعد البيان التحذيري الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي، محذرة فيه المواطنين من خطط حزب الله التي تهدف إلى اختطاف الإسرائيليين من جميع أنحاء العالم انتقاما لاغتيال عماد مغنية. ولطالما باشر حزب الله أعماله بين المجتمعات اللبنانية في أميركا اللاتينية. وقد أوضح ماثيو ليفيت ـ الزميل بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ـ للكونغرس عام 2005، أنه بالإضافة إلى تلقي الميليشيا لملايين الدولارات من قبل إيران، فإنها تقوم بتمويل نفسها عبر طلب الأموال وابتزازها لشتات اللبنانيين، بالإضافة إلى العمليات الأخرى مثل التهريب، والفساد، والاتجار في الماس والمخدرات في أميركا الجنوبية والعديد من الأماكن الأخرى. تجدر الإشارة إلى أنه منذ 3 سنوات، هاجمت شرطتا كولومبيا والإكوادور عصابة دولية لتهريب الكوكايين تمارس أعمالها في دول أميركا اللاتينية ـ ومنها فنزويلا وقد زُعم أنها ترسل أرباحها بعد ذلك إلى حزب الله في لبنان. ويشير مسؤولو مكافحة الإرهاب الغربيون إلى أن المنطقة الحدودية التي لا تخضع لسيطرة القانون بين البرازيل، وباراغواي، والأرجنتين تعتبر مركزا لأنشطة وتمويل الجريمة المنظمة التي تتصل بحزب الله. من ناحية أخرى، شارك ناشطو حزب الله المتمركزون في تلك المنطقة الجواسيس الإيرانيين في تفجير سيارة أمام السفارة الإسرائيلية في بيونس آيرس عام 1992، وتفجير مركز المجتمع اليهودي بعد عامين تاليين للتفجير الأول، الذي أسفر عن مقتل 114 شخصا، وذلك حسبما أفادت الاتهامات التي وجهتها الأرجنتين. وأكد مسؤولو مكافحة الإرهاب الغربيون أنه عقب الاتهامات التي تم توجيهها إلى حزب الله ورعتها إيران، خاصة الحرس الثوري الإيراني عام 2006، قرر الاثنان تحويل أنشطتهم من المنطقة الحدودية التي أصبحت عرضة للكثير من عمليات الفحص والتفتيش إلى دول أخرى، ومنها فنزويلا. وأوضح المسؤولون أن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله ما زالا يتمتعان بالقدرة على شن هجمات داخل أميركا اللاتينية. فتلك المنطقة مازالت ذات أهمية قصوى لكلا الطرفين حتى وقتنا الحالي.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» – خاص بـ«الشرق الأوسط»