نهاية سلمية لاختطاف الطائرة السودانية واستسلام الخاطفين للسلطات الليبية

استمرار التوتر في معسكر النازحين في جنوب دارفور ونفي استقالة مسؤولين

TT

بعد نحو 15 ساعة من ماراثون المفاوضات التي أجرتها السلطات الليبية مع خاطفي طائرة الركاب السودانية التي هبطت أول من أمس بشكل مفاجئ في مطار الكفرة الليبي، تمكن فريق المفاوضين الليبيين من إقناع الخاطفين بتسليم نفسيهما وإنهاء أزمة الطائرة المخطوفة بشكل سلمي بدون اللجوء إلى خيار التدخل العسكري.

وقال الدكتور محمد شليبك، مدير مصلحة الطيران المدني في ليبيا، إن الخاطفين الاثنين نقلا عصر أمس إلى إحدى قاعات مطار الكفرة بعد أن سلما نفسيهما، لافتا إلى أن الطائرة السودانية المخطوفة أصبحت خالية من كل أفراد طاقمها وجميع الركاب الذي تم الإفراج عنهم في وقت سابق.

وقال شليبك في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن وفداً سودانياً يضم 20 مسؤولا برئاسة مدير الطيران المدني السوداني سيصل إلى المطار في وقت لاحق من مساء أمس، بالتزامن مع وصول طائرة ركاب ليبية تمهيدا لنقل ركاب الطائرة السودانية وإعادتهم إلى السودان.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت ليبيا تسلم الخاطفين إلى السلطات السودانية لمحاكمتهما أو ستحاكمهما على أراضيها.

وقالت مصادر ليبية وعربية لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضين الليبيين طلبوا من الخاطفين في وقت سابق عدم الإقدام على أي عمل متهور حفاظا على سلامة الطائرة وركابها، مشيرة إلى أنه إلى جانب عملية المفاوضات كانت فرقة خاصة من القوات الليبية لمكافحة الإرهاب تستعد لاقتحام الطائرة إذا ما حدثت أي مشكلة وبدأ الخاطفان في قتل الركاب أو إيذائهم.

وسبق عملية تسليم الخاطفين نفسيهما للسلطات الليبية، قيامهما بالإفراج عن جميع الركاب ومن بينهم عدد من كبار موظفي السلطة الانتقالية بإقليم دارفور بغرب السودان بالإضافة إلى خمسة ركاب أجانب، اثنان منهم ضابطا شرطة مصريان يعملان في القوة الهجين من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بدارفور، والثلاثة الآخرون هم مواطن أوغندي ومواطنان إثيوبيان.

وبعد مضي نحو تسعين دقيقة على إطلاق سراح جميع الركاب استجاب الخاطفان لطلب الفريق المفاوض الليبي وقررا تسليم نفسيهما وإنهاء احتجاز ستة من أفراد طاقم الطائرة.

وشارك يعقوب الملك محمد الملك، مستشار شؤون القبائل بالسلطة الانتقالية في دارفور، الذي كان أحد الركاب المفرج عنهم، في المفاوضات التي أدت إلى استسلام الخاطفين.

وطبقا لما أعلنه مدير مصلحة الطيران المدني في ليبيا فقد كانت المفاوضات تتم عبر قائد الطائرة وأن الخاطفين يتدخلان مباشرة من حين لأخر للإلحاح على تزويد الطائرة بالوقود للتوجه إلى العاصمة الفرنسية باريس.

واختطف اثنان، قالا لاحقا إنهما تابعان لحركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد نور، طائرة الركاب السودانية وعلى متنها 95 راكباً وهي من نوع بوينغ 737 ـ 200، بعد ثلث ساعة فقط من إقلاعها في رحلة داخلية من مطار نيالا باتجاه مطار العاصمة السودانية الخرطوم وأعلنا أن مطالبهما ستعلن لدى الوصول إلى فرنسا.

ووصف رئيس اللجنة العليا لإنقاذ اتفاقية دارفور محمد التيجاني الطيب الظروف السيئة التي مر بها ركاب الطائرة بأنها كانت ليلة مرعبة انتاب الخوف خلالها جميع الركاب.

ويتوقع ان يصل ركاب الطائرة المختطفة والطاقم الى الخرطوم صباح اليوم، ولم تتسن معرفة هوية الخاطفين، وكشف المسؤولون في شركة «صن اير» المالكة للطائرة ان الخاطفين استخدما مسدسين في عملية الاختطاف. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط» ان الخاطفين اصرا في التحقيقات الاولية معهما على ان الهدف من الاعتقال هو اللجوء الى فرنسا.

وقال مرتضى حسن جمعة المدير التجاري لشركة «صن اير» المالكة لطائرة البوينغ المختطفة ان المعلومات التي لديهمم تقول ان الخاطفين استسلما، بعد ان قاما في الصباح بالافراج عن ركاب الطائرة وطاقمها على دفعات: الاطفال والنساء ثم الرجال. وكشف المسؤول في الشركة السودانية وليدة الانشاء «شهران» ان الخاطفين استخدما مسدسين دخلا بهما في عملية الاختطاف، ولم يتمكن من تحديد هوية الخاطفين، ولكن رحج بانهم دخلا الطائرة بدون تفتيش. الى ذلك ظل التوتر قائما لليوم الثالث في معسكر «كلمة» للنازحين في جنوب دارفور، والذي شهد صدامات ادت الى مقتل 36 من النازحين في المعسكر، وافادت الانباء بتقديم 6 من المسؤولين بحكومة ولاية جنوب دارفور استقالاتهم لحكومة الولاية احتجاجاً على اقتحام الاجهزة الامنية لمعسكر «كلمة» للنازحين، غير ان والي ولاية جنوب دارفور علي محمود نفى عدم تسلمه لأي استقالات، ووصف الحديث عن استقالات وزراء حكومته بأنه حديث عار من الصحة وافتراءات، وقال في تصريحات إن ما حدث مجرد احتجاجات لمنسوبي إحدى القبائل الذين يعتقدون أن الأحداث قد تقطع الطريق أمام عودة النازحين لقراهم والتي يتم الإعداد لها الآن من حكومة الولاية بإشراف عدد من الوزراء.

وقال صلاح الدين الفضل مستشار الوالي لشؤون النازحين احد الذين وردت اسماؤهم ضمن المستقيلين ان ما حدث بمعسكر كلمة شيء مؤسف.

ودعت واشنطن الحكومة على لسان المتحدث باسم مساعد وزيرة الخارجية الأميركية روبين وود للتحقيق في احداث معسكر «كلمة»، غير ان وزارة الخارجية السودانية رفضت ما أثارته نظيرتها الأميركية.

من ناحية اخرى، أيدت المحكمة العليا في السودان قرار محكمة الاستئناف بالإعدام شنقاً حتى الموت على 9 مدانين في قضية مقتل الصحافي السوداني محمد طه محمد أحمد رئيس تحرير صحيفة «الوفاق» في العام 2006، وأدانت المحكمة التي يرأسها القاضي محجوب الأمين الفكي المتهم الثالث الطيب عبد العزيز 4 سنوات لمخالفته المادة 107 من القانون الجنائي لحضوره الجريمة بالغرفة التي طُمست بعض معالمها بغسلها بعد تلوّثها بدماء المجني عليه، على أن تسري العقوبة منذ تاريخ دخوله السجن. وكانت محكمة الموضوع التي رأسها القاضي أسامة عثمان محمد أصدرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت على 10 متهمين.