أوباما يواجه تحدي توضيح رسالته للناخبين

مخاوف من سيطرة الأخبار على الخلاف الحزبي وتجاهل سياساته الصلبة

TT

يبدو أن الاجتماعات الرئاسية الحديثة قد أصبحت في معظمها أشبه بالسيرك، لكن بالنسبة للسيناتور باراك أوباما فإن السؤال هو ما إذا كان التمثيل المسرحي والدراما الخاصة به تخدم إحدى أهم المهام المنوطة به في هذه الانتخابات، ألا وهي: معالجة القلق الاقتصادي الذي يتخوف منه الناخبون وإقناعهم بأنه يمتلك حلولا ملموسة يمكن تحقيقها.

والديمقراطيون المجتمعون في المؤتمر العام للحزب الديموقراطي يتحدثون عن الاقتصاد المتهاوي ويحاولون تسويق وصفات العلاج الخاصة بالسيد أوباما، كما ينتقدون سياسات الجمهوريين ويحاولون ربط مرشح الحزب الجمهوري بالسيناتور جون ماكين دائما بالرئيس الأميركي جورج بوش. وقد أذاعت حملة أوباما إعلانا جديدا يسخر من اعتراف ماكين بنقص معرفته في الأمور الاقتصادية. ولكن في المؤتمر الذي يتحول فيه الانتباه إلى نجوم السياسة الديمقراطيين الجدد والقدامى منهم، وما يتعلق بهم من حكايات حول شخصياتهم وصراعاتهم، لا يبدو أنه من الواضح أن رسالة حملة أوباما تصل إلى جمهور الناخبين.

والتحدي الذي يبرز أمام أوباما، في ما يتعلق بتقديم نفسه على أنه أفضل معالج لاقتصاد هذه الأمة المتهاوي، كان واضحا مساء أول من امس في خطاب السيناتورة هيلاري كلينتون. وقد عملت كلينتون على إعادة تأكيد محاور حملتها الانتخابية لإعادة إصلاح الاقتصاد الذي تدهور على مدى ثمانية أعوام من حكم الجمهوريين، وذلك مع رئاسة مستقبلية لأوباما.

ومثلما كان واضحا في كل وسائل الإعلام مساء الاثنين الماضي، اذ هيمن ظهور السيناتور إدوارد كنيدي في مشاهد عاطفية وكلمة ميشيل أوباما الشخصية على التغطية. ولكن محاولة عدد كبير من المتحدثين لتقديم أوباما على أنه الحل الذي ينتظره الاقتصاد الأميركي المتهاوي، ومحاولة كذلك إظهار ماكين على أنه أسوأ من ولاية ثالثة لبوش، لم تحصل على الا القليل من التغطية التلفزيونية. عدم الوضوح في تسليط الأضواء المعتمد على خطاب اوباما السياسي يشكل نزاع مستمر يواجهه أوباما وهو: مع اربعة ايام من التغطية التفلزيونية المجانية، يحاول أوباما تعريف الناخبين به بشكل شخصية والسعي للفوز بأصوات مؤيدي كلينتون. وفي الوقت نفسه، فإنه يحاول تعريف شخص برنامجه السياسي الصلب. والفشل في أي من المحاولتين قد يكلفه الفشل في الانتخابات. وكاد نجاح كلينتون أثناء الانتخابات التمهيدية في تصوير نفسها على أنها مرشحة الطبقة العاملة، ان يكلف اوباما ترشيحه لمنصب الرئاسة. ويحاول أوباما الآن أن يرتدي عباءة كلينتون السابقة من خلال رسالة اكثر وضوح وتركيز. وستكون الكلمة الاخيرة لأوباما اليوم، في خطاب قبوله الترشح عن الحزب الديمقراطي، حيث سيلقي خطابا يغلب عليه الطابع الاقتصادي ويتناول المشكلات الاقتصادية، حسبما يفيد مساعدوه.

وقد صدت حملة أوباما بقوة تعليق جيمس كارفيل، مهندس حملة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون عام 1992، الذي ورد على شاشات التفزيون مساء الاثنين الماضي، اذ اتهم حملة اوباما بأنها تضيع الوقت المتاح لها تحت الأضواء. ويذكر ان كارفيل كان من خرج بشعار «انه الاقتصاد يا أهبل»، في تأكيد على ان الاقتصاد هو العامل الأساسي في الحملات الانتخابية. وبعد البرنامج العاطفي يوم الاثنين والذي كان مخصصا لخطاب السيد كنيدي والسيدة أوباما، قال كارفيل لقناة «سي إن إن»: «إذا كان هذا الحزب لديه رسالة، لقد قام بعمل رائع في إخفائها الليلة». وقلل الناطق باسم أوباما، بيل بيرتون، من اهمية هذا التعليق، معتبرا إياه «حالة سابقة لأوانها من التكهنات». وأضاف: «هناك العديد من الأشياء التي ننجزها هذا الأسبوع في المؤتمر. ففي ليلة (الاثنين) نجحنا في تأكدنا من تعرف الشعب الأميركي بنشأة السيناتور أوباما. ونعمل في المرحلة المتبقية على التأكد من معرفة الشعب الأميركي للفارق بين اختيار أوباما وماكين».

وكانت السيدة كلينتون تنوي تحديد المشكلات الاقتصادية للطبقة المتوسطة في خطابها أول من أمس وأن تجعل من ذلك محور حديثها لصالح أوباما. وبالإضافة الى هيمنة خطابين من هيلاري وبيل كلينتون على نصف ليالي المؤتمر، التهت وساءل الإعلام بتغطية عدم رضى بعض موفدي كلينتون. ومن جهة اخرى، هناك الحرب الإعلامية المتصاعدة بين قوات أوباما وماكين، والتي سمحت لماكين بالتقليل من ادعاء الديمقراطيين بتفوقهم في القيادة الاقتصادية. وبصورة خاصة، فإن حملة ماكين حاولت تصوير أوباما على أنه يتصرف مثل المشاهير. وقد جاء في أحد الإعلانات الجمهورية «إن المشاهير يحبون إنفاق الملايين». وقال آخر «إن باراك أوباما ليس مختلفا، لكن يرغب في إنفاق أموالكم فقط». وقد ردت حملة أوباما بإعلان جديد من جانبها، حيث سخرت من اعتراف ماكين بأنه لا يعرف الكثير في أمور الاقتصاد. ويقول أحد المغنين في هذا الإعلان: «لا تعرف الكثير عن الصناعة. حقا لا تستطيع شرح سبب رفع أسعار الغاز. أو ما حدث للطبقة المتوسطة».

وأثناء بث الأغنية، تظهر صورة في خلفية الإعلان تجمع بين ماكين وبوش وهما يحتضنان بعضهما بعضا. وأفاد مستشارو أوباما بأن السباق اتجه ناحية الأمور الاقتصادية بشكل اكبر في الأسابيع القليلة الماضية، كما استمر أول من أمس مع وجود حملة أوباما في كانساس سيتي. وقد قام أحد عمال الطيران من الجيل الثالث بتقديم أوباما على أنه «رئيس الطبقة العاملة بحق». ومن جهته، وصف أوباما ماكين بأنه «بعيد عن الطبقة العاملة».

*خدمة «نيويورك تايمز»