مجلس الرئاسة العراقي يصادق على قانون «مكافأة المخبرين»

مجلس القضاء الأعلى لـ«الشرق الأوسط» القانون سيكشف أرصدة طائلة للنظام السابق

TT

يعتبر الفساد المالي الأخطر على الاقتصاد العراقي، الذي ما زال يدور في حلقة مفرغة رشحته لشغل المرتبة الثانية عالميا من حجم الفساد الاداري وللسنوات الأربع الماضية. غير أن الحكومة العراقية تحاول مكافحة الفساد عبر آليات عديدة بدأت باستحداث هيئة النزاهة وتطبيق تعليمات مالية دقيقة، وأخيرا اقر مجلس الرئاسة العراقي أول من أمس قانون «مكافأة المخبرين» لتشجيع الناس على الإدلاء بمعلومات ترشد المعنيين الى بعض مفاصل الفساد والأموال المسروقة، بما في ذلك أموال النظام السابق، التي هربت للخارج أو ما زالت في الداخل ولم يكشف عنها النقاب، كونها سجلت بأسماء وهمية أو بأسماء أشخاص آخرين احتفظوا بها مستغلين استشراء الفساد في الدوائر المعنية. ويهدف القانون الجديد، الذي أقره مجلس النواب، وبحسب مصدر في مجلس الرئاسة، الى تشجيع البلاغات التي تؤدي إلى استعادة الأصول والأموال المملوكة للدولة والقطاع العام أو الكشف عن جريمة السرقة أو الاختلاس أو تزوير المحررات الرسمية، أو عن حالات الفساد الإداري وسوء التصرف من خلال مكافأة المخبر. وشمل بالقانون، أي المكافأة، موظفو الدولة والقطاع العام، الذين يخبرون عن الأموال المنقولة وغير المنقولة للأشخاص المصادرة أموالهم بعد تاريخ 9/4/2003 أو أموال غير العراقيين التي تقضي التشريعات بمصادرتها، وأيضا من يدلي بمعلومات تؤدي إلى استعادة الآثار العراقية المسروقة، والمخبر عن حالات الفساد الإداري والمالي وحتى جريمة السرقة أو الاختلاس أو تزوير المحررات الرسمية.

وخول القانون الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة، حق مكافأة مالية للمخبرين، على أن تحدد نسب المكافأة بـ5% من قيمة المال الذي لا يزيد على 100 مليون دينار، و3% من قيمة المال على ما زاد على المبلغ المذكور، وتصرف المكافأة بعد حسم الدعوى وصدور حكم بات فيها واستعادة المال.

كما اشترط القانون على الجهة التي تعرضت أموالها للسرقة أو الاختلاس أو حالة فساد إداري أو مالي تثبيت وقائع الجريمة وتقدير قيمة المال المسروق أو المختلس وفق سعر السوق في تاريخ الإخبار، وطلب تحريك الدعوى الجزائية ضد مرتكبي الجريمة، وان تقوم محكمة التحقيق المختصة ومحكمة الموضوع بحسم الدعوى بشكل عاجل، ويمنح الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة من يخبر عن جريمة تزوير المحررات الرسمية ويؤدي إخباره إلى إلقاء القبض على الفاعل مكافأة نقدية لا تزيد على 500000 دينار، كما تقوم الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة عند تشكيل لجنة تحقيقيه للتحقيق والتدقيق والحصر والتوثيق للأموال المسروقة أو المختلسة أو المحررات الرسمية المزورة، ويؤدي عملها إلى الكشف عن الجريمة واستعادة الأموال بعرض الموضوع على مجلس الوزراء لصرف مكافأة مناسبة إذ كانت قد بذلت جهوداً استثنائية أو تعرضت لمخاطر بسبب عملها.

البنك المركزي العراقي بين، وعلى لسان مستشاره الأول الدكتور مظهر محمد صالح، «أن الجميع كان بانتظار صدور هكذا قانون، الذي سيشكل انعطافة كبيرة في مجال مكافحة الفساد المالي في العراق، وهي آلية تطبق في دول متقدمة، هدفها الوصول إلى الجرم عبر آليات اقل كلفة وتتمثل بمكافأة المخبرين، وهي جزء من تكاليف فرض القانون، وهي كلفة تكون منافعها اكبر لان العائد المترتب عليه لصالح الحكومة كبير جدا».

ونفى مظهر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وجود أي إحصائيات تتعلق بأموال النظام السابق المهربة الى الخارج، وقال: «ان إدراج هذه الأموال ضمن بند الجرائم المالية يجرى بعيدا عن الأنظمة المصرفية، وعملية ملاحقتها تتم عبر استخدام قوانين مكافحة غسيل الأموال، ولها أجهزتها الخاصة دوليا، وهنا تحتاج وفي حالة سعي العراق لملاحقتها إلى وجودها أي الأموال المهربة في دول موقعة على هذه الاتفاقية ونعني بها اتفاقية ملاحقة غسيل الأموال، لان عدم توقيع تلك الدولة يشكل عقبة في التزامها بتنفيذ بنود الاتفاقية وتبعدها عن دائرة الإلزام». أما الأموال الموجودة في الداخل فانها، حسب مظهر، ستدخل ضمن بنود كثيرة منها، «أنها أموال راعية للإرهاب، وهنا ستعمل نفس الآلية الأخرى لملاحقتها ومتابعتها وان كانت مسجلة بأسماء أشخاص، لكن وفق وسائل تحر خاصة، لان المال الخاص مصان ويجب أن يرافقه الاعتراف الصارخ، وهنا يجب تبني آلية التوازن في ملاحقتها».

القاضي عبد الستار بيرقدار المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى العراقي أوضح أن نفاذ القانون مرهون بصدوره في الوقائع العراقية التابعة لوزارة العدل، «وسيعمل على كشف الكثير من خبايا الفساد المالي منها، وبخاصة أموال النظام السابق والأموال العراقية المهربة للخارج من قبل مسؤولين وحتى الآثار والفساد الحاصل في دوائر الدولة بشكل عام». وأضاف بيرقدار لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا القانون مقتبس من قوانين دول متقدمة لكنه صيغ ليحاكي الواقع العراقي». وبشأن نسب المكافأة قال «إن أية نسبة ستكون كافية مقابل الهدف منها، وهو إرجاع الحق العام فنرى الناس تتطوع للكشف عن الفساد فما بالكم بوجود مكافأة كبيرة».