إمام مسجد في الخليل يحتجز ولديه لأكثر من 20 عاما في حظيرة أغنام

مدير الشرطة لـ«الشرق الأوسط»: تسّمرت مكاني عندما شاهدتهما عاريين يخرج منهما النمل

بسام ونوال مسالمه في حظيرتهما قبل نقلهما الى مؤسسة انسانية لرعايتهما (ا ف ب)
TT

«دخلت الى حظيرة الأغنام أبحث عن مخدرات وسلاح .. فاذا بمشهد .. يا الله .. تقشعر له الأبدان.. تسمرت (تجمدت) في مكاني، شيء غير معقول.. مش طبيعي». بهذه الكلمات، وصف العقيد رمضان عوض، مدير شرطة محافظة الخليل، جنوب الضفة الغربية، لحظة عثور الشرطة على شاب وفتاة محتجزين في حظيرة للأغنام اسفل احد المنازل، في بلدة بيت عوا، الى الجنوب من الخليل، منذ اكثر من 20 عاما. الوصول الى الحظيرة، المغلقة بسلاسل حديدية يمر عبر عدة سراديب تحت الارض، تشجعت الشرطة على اقتحامها أملا في صيد ثمين، فاذا بهذا الصيد، شابين عاريين كما ولدتهما امهما، تملأهما الديدان، وبدون طعام او شراب وحتى الهواء. وفي محاولة من مدير الشرطة، الذي كان على رأس القوة، لوصف ما شاهده، قال، «كانا عاريين تماما.. الشاب يقفز كأنه حيوان والفتاة تتحرك ببطء». واضاف «الشاب كان شعره كثيفا جدا وكذلك شعر ذقنه والفتاة كانت مليئه ببثور جلدية ورأيت النمل يخرج من جسدها .. شيء لا يمكن تخيله أنا تسمرت في مكاني مما رأيت.. دخلت أبحث عن مخدرات فوجدت آدميين في حظيرة تحت الارض يبدو انها تستخدم ايضا في تربية الاغنام، كانت مظلمة ومقفلة بالسلاسل الحديدية، ويملأ ارضيتها الشعير». ويقول الاب ابراهيم مسالمة، المتورط باحتجاز ابنه وابنته من اكثر من 20 عاما، وهو امام مسجد، إنهما مختلان عقليا، ولهذا كان يحتجزهما. وتساءل العقيد عوض ساخرا من السبب الذي ساقه الأب «ماذا يعني مختلين عقليا.. انهما بشر ايضا، وبحاجة للرعاية اكثر من العاديين».

وبالأمس، اثبتت الفحوص الطبية انهما فعلا مختلان عقليا، كما أثبتت ان لديهما امراضا جلدية مختلفة. وتقدمت عشرات المؤسسات التي تعنى بالانسان وحريته وصحته بطلبات للشرطة من اجل الاحتفاظ بالشابين. وفعلا تم ترحيلهما الى جمعية الاحسان الخيرية لترعاهما. لكن القصة لم تنته. اذ كشف العقيد عوض انه جار البحث عن 3 أبناء اخرين له، يعتقد انه قتلهم ايضا بسبب اصابتهم بلوثة عقلية. وقال عوض «ان (الاب) يقول انهم ماتوا ميتة طبيعية، لكنه لا يجيب كيف ماتوا او أين دفنوا» ويتعهد عوض بمتابعة التحقيق مع مسالمة وتقديمه للمحاكمة بتهمة «احتجاز انسان بغير وجه حق». وأفرجت السلطة عن مسالمة لمدة يومين فقط قال عوض انهما لإنجاز اوراق نقل اولاده الى المؤسسات المتخصصة لترعاهم. وبحسب مدير الشرطة فانه سيجري اعتقال الاب وزوجته الثانية (أم الولدين متوفية) مرة اخرى، لاستكمال التحقيق معهم ومن ثم تقديمهم للمحاكمة .

وربما من المذهل كذلك، ما كشفه مدير شرطة الخليل حول مهنة الاب، الذي قال انه تم اعتقاله من مسجد بلدة بيت عوا حيث يعمل في زارة الاوقاق إمام مسجد. وفي الخليل، تتحول القصة الى قضية رأي عام، وسمحت الشرطة للصحافيين بتصوير الحظيرة. وأفردت وسائل الإعلام المحلية مساحة واسعة للقضية التي كشف عنها بالتزامن مع قضية أخرى مشابهة في بيت لحم. الأمر الذي ترك لدى الشارع الفلسطيني، المعروف بقلة الجرائم في أوساطه، وتماسكه العشائري، صدمة كبيرة. وجاءت قصة الخليل بعد يوم من كشف إدارة المباحث في شرطة بيت لحم انها تمكنت من فك لغز قضية فتاة تعمل خادمة في احد المنازل وعمرها 24 عاما وطفلة عمرها 11 عاما تعرضتا للتعذيب بطريقة بشعة على يد والد الطفلة في ظروف قاسية وصعبة. وقال مدير مباحث بيت لحم، انه عثر على فتاتين مكبلتين بالسلاسل الحديدية والأقفال وبعد الكشف على أجسادهن تبين آثار تعذيب جسدي بواسطة الضرب والحرق. وبحسب المباحث فان الاب اعترف انه كان يقوم منذ فترة بحجز حرية طفلته والخادمة. وبحسب الشرطة فان الأب استمر لأكثر من 23 يوما بحجز طفلته والخادمة تحت الضرب والحرق. ونفت الشرطة ادعاءات للأب قال فيها انه احتجز ابنته والخادمة بتهمة قيامها بسرقة وثائق رسمية له قالت الشرطة انها عثرت عليها لاحقاً لديه. واتهمت الشرطة الاب الذي رفضت الكشف عن هويته، بمحاولة تضليلها، مدعياً أنهما شاركتا بتخطيط من زوجته المطلقة، والدة الطفلة، بدس السم لطفل توفي في العائلة. وقالت ان ادعاءه جاء بسبب الانتقام من طليقته وحرمانها من أطفالها. وبحسب الشرطة فانه جرى توقيف الشخص المتهم، وعدد من المشتبه فيهم الذين علموا أو شاركوا بفعلته تمهيدا لتحويلهم لقسم التحقيق ومن ثم للنيابة العامة لمتابعة الإجراءات القانونية بحقهم وتم تكليف قسم حماية الأسرة والطفل بمتابعة الفتاة والطفلة.