مبعوث الأمم المتحدة بحث في نواكشوط سيناريوهين لإنهاء أزمة الانقلاب

قال إنه ناقش آليات العودة إلى الشرعية مع القادة الجدد

TT

أنهى سعيد جنيت، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في غرب أفريقيا، أمس، زيارة لنواكشوط هي الثانية من نوعها له منذ انقلاب السادس من أغسطس (آب) الجاري، التقى خلالها بالرئيس الجديد الجنرال محمد ولد عبد العزيز وعدد من القادة السياسيين وهيئات المجتمع المدني لبحث التطورات الجارية في البلد عقب الانقلاب. وجاء هذا غداة الزيارة التي قام بها رئيس المفوضية الافريقية جان بينغ للبلاد ولقائه الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله في الفيلا التي وضع فيها رهن الاقامة الجبرية منذ الانقلاب عليه.

ولم يكشف موفد الأمم المتحدة عن فحوى اللقاء الذي جمعه بمكونات الطبقة السياسية واكتفى بالقول إنه أبلغ القادة الجدد موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الرافض للانقلاب العسكري والداعي لعودة موريتانيا إلى الشرعية في أقرب وقت، مشيراً إلى أنه ناقش معه آليات هذه العودة.

لكن مصادر مطلعة في «جبهة الدفاع عن الديمقراطية» أكدت لـ«الشرق الأوسط» وجود مساع جديدة لدى مبعوث الأمم المتحدة تهدف لإيجاد حل توافقي لإنهاء الأزمة يتضمن تنازلات من جميع الأطراف المتنازعة، ويتعلق الأمر ببحث صيغة جديدة تضمن عودة البلد إلى العمل بالنظام الدستوري بشكل يرضي الجميع وبأقل خسائر ممكنة. وحسب ذات المصادر فقد تم التطرق إلى سيناريوهات متعددة من بينها العمل على عودة الرئيس السابق إلى السلطة مع تقديم ضمانات بعدم ملاحقة العسكريين وإلغاء مرسوم إقالتهم الذي أصدره الرئيس المعزول صبيحة السادس من أغسطس قبل الانقلاب عليه بساعات، في حين يجري الحديث كذلك عن تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يمكن لكافة القوى السياسية بما فيها رئيس الجمهورية المعزول المشاركة فيها على أن تكون بإشراف دولي مع اشتراط منع أعضاء «المجلس الأعلى للدولة» من الترشح لها. وتتباين مواقف الأحزاب السياسية إزاء مفهوم عودة الشرعية للبلاد، ففي الوقت الذي ترى فيه الأحزاب المناوئة للانقلاب أن جميع الحلول الممكنة لهذه الأزمة مرهونة بإطلاق سراح الرئيس السابق وعودته لممارسة مهامه الدستورية، اعتبرت أحزاب أخرى، سارعت لتأييد الانقلاب ووصفه بالحركة التصحيحية، أن الإطاحة بسيدي ولد الشيخ عبد الله كانت ضرورية لإنقاذ البلاد من انزلاق خطير كان يهدده. وفي مقدمة هذه الأحزاب «تكتل القوى الديمقراطية» الذي يتزعمه أحمد ولد داداه والتحالف من أجل العدالة في موريتانيا برئاسة صار إبراهيم الزعيم السياسي لحركة تحرير الأفارقة (أفلام). ويعتبر هذا التيار أن بقاء العسكر في الحكم بدون تحديد فترة انتقالية وتنظيم انتخابات مبكرة، قد يقود البلاد إلى انزلاقات خطيرة، لكنه يعتبر عودة الرئيس السابق خطا أحمر وانحرافا ينذر بتحولات ربما تكون أكثر خطراً على مستقبل الاستقرار في البلاد. في حين يرى طيف آخر موال لحركة «التصحيح» أن استمرار العسكريين في السلطة هو الخيار الوحيد أمام الشعب الموريتاني، وذلك من أجل تجنب المخاطر المحدقة بالبلاد جراء التجاذب السياسي الذي أصبح يهدد وحدة البلد واستقراره، وتمثل هذا التيار أحزاب الأغلبية التي كانت منخرطة في حزب «العهد الوطني للديمقراطية والتجديد» الحاكم سابقا، وهي الأحزاب التي تنتمي إليها مجموعة النواب البرلمانيين الذين كانوا يسعون لحجب الثقة عن الحكومة الماضية ويطالبون بتشكيل محكمة العدل السامية وفتح تحقيق في الهيئة الخيرية لعقيلة الرئيس المخلوع خت بنت البخاري. ومن جانبه، التقى رئيس المفوضية الافريقية جان بينغ أول من امس بالرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله في الفيلا التي وضع فيها رهن الاقامة الجبرية، حسب ما اعلن المتحدث السابق باسم الرئاسة عبد الله محمدو با. ثم شارك بينغ في «عشاء عمل» في القصر الرئاسي مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز. وكان رئيس المفوضية الافريقية قد طلب مقابلة ولد الشيخ عبد الله. وكان الاتحاد الافريقي قد اعلن بعد يومين من حدوث الانقلاب انه «سيعلق» عضوية موريتانيا «حتى تشكيل حكومة دستورية في هذا البلد».