ماكين يستعيد صورته المتفردة باختياره بالين رغم المخاطر

اختيارها يساعد على سد فجوة بينه وبين أوباما عن طريق أصوات النساء

المرشّح الجمهوري ماكين بصحبة زوجته سيندي ونائبته سارة بالين في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا امس (رويترز)
TT

قبل أسابيع، توقع مستشارو جون ماكين أن المرشح المفترض للانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري سيستبق الأسبوع الذي يعقد فيه حزبه مؤتمره الوطني كي يسعى لاستعادة صورته كإصلاحي متفرد ولقلب موازين السباق الرئاسي. وهذا ما قام به ماكين يوم الجمعة باختياره المفاجئ لحاكمة ولاية ألاسكا سارة بالين لتخوض معه الانتخابات كمرشحة لمنصب نائب الرئيس. ويعد اختيار بالين، التي تُختبر على المستوى القطري، أكثر الخيارات التي لم تكن متوقعة منذ اختيار جورج بوش للسيناتور دان كوايلي في عام 1988. ويكتنف تلك الخطوة الكثير من المخاطر بقدر الجرأة التي تميزت بها. ويضمن هذا القرار لماكين، السيناتور عن ولاية أريزونا، مكاسب فورية في إطار قاعدته، وربما تكون هناك مكاسب بين الأصوات المتأرجحة. ولكن ذلك يأتي على حساب شيء هام وهي جهود ماكين للنيل من مرشح الحزب الديمقراطي السيناتور باراك أوباما بوصفه أنه غير مؤهل لمنصب الرئيس. ويضيف اختيار بالين، وهي أول امرأة عن الحزب الجمهوري على بطاقة انتخاب رئاسية، فصلا جديدا في الحملة الرئاسية التي تناولت كسر الحواجز العرقية وتلك الحواجز الخاصة بالنوع، وكان ذلك في أغلب الأحيان في الجانب الديمقراطي. وبما أن السيناتور هيلاري كلينتون قد أصبحت خارج السباق، فإن ماكين يأمل في أن تساعده بالين على سد فجوة كبيرة بينه وبين أوباما عن طريق أصوات النساء اللاتي يهددن بإعاقته عن الوصول للبيت الأبيض. ويساعد اختيار بالين ماكين على توحيد القاعدة المحافظة داخل الحزب الجمهوري، التي كان يعوزها الحماس حيال ترشيحه، فاتجاهات بالين المحافظة لا يمكن التشكيك فيها، سواء فيما يتعلق بقضية الإجهاض أو حق حمل السلاح أو موقفها من زواج الشواذ. وقد صحب الإعلان عن ضمها للبطاقة الانتخابية حماس شديد في جناح اليمين داخل الحزب الجمهوري ويساعد ذلك على ضمان مؤتمر مفعم بالنشاط خلال الأسبوع القادم في مينيسوتا. ولكن، ما رجح الكفة تجاه بالين هو أنها تمنح ماكين شريكا معروف بوقوفه أمام المؤسساتية داخل الحزب الجمهوري وفي مدينة أنتشوراج، ويعزز ذلك من فكرة أنه سيكون أكثر كفاءة وشجاعة من أوباما في التعامل مع المصالح الخاصة داخل واشنطن. وقد قال ماكين في تقديمه لبالين يوم الجمعة: «لقد وجدت الشريك المناسب الذي سيساعدني على الوقوف أمام من يقدّمون مصالحهم على مسؤولياتهم، ومن يرفعون السلطة فوق المبادئ ومن يفضّلون مصالحهم على احتياجاتكم. لقد وجدت شخصا يتمتع بسمعة كبيرة في الوقوف أمام المصالح الخاصة والبيروقراطية المترسخة، شخصا يحارب الفساد والسياسات الفاشلة التي عفا عليها الزمن». ولكن بالنظر الى بالين، التي تقضي أول فترة لها كحاكمة لولاية ألاسكا والتي شغلت في الماضي منصب عمدة مدينة واسيلا الصغيرة خارج، فإن ماكين يخاطر بحجته الأكثر تأثيرا والتي يروج لها مع زملائه الجمهوريين ضد أوباما. فعلى مدى أشهر، يهاجم الجمهوريون أوباما، السيناتور عن ولاية الينوي، ويتهمونه بأنه غير مؤهل لمنصب الرئيس. والآن، اختار ماكين شخصا يقول عنه الديمقراطيين أنه أقل خبرة. ويراهن ماكين على أن حاكمة ولاية ألاسكا، التي تتميز بمساحتها الكبيرة وعدد السكان القليل، يمكن أن تمثل انتقالا للمرحلة الوطنية. وعلى عكس بعض السياسيين البارزين الذين يعتقد أنهم كانوا مطروحين، فإن بالين وافد جديد على الساحة الوطنية ولذا فإنها عرضة لارتكاب ذاك النوع من الأخطاء الذي يمكن أن يثير تساؤلات حيال قرار ماكين. ومع ذلك، قال مارك سولتر، وهو من أقرب المقربين لماكين، إن بالين تتجاوز بخبرتها الفعلية خبرة باراك أوباما، سواء كمسؤولة تنفيذية أو كإصلاحية مستعدة لمحاربة المصالح الخاصة، بل وكمحاربة داخل حزبها نفسه. وأضاف سولتر: «ليس لدى أوباما مثل هذا التاريخ».

ويحدو حملة ماكين الثقة بالنفس بعد مرور شهر هاجمت خلاله أوباما بشدة ووصفته بأنه نخبوي وشخصية عامة من الوزن الخفيف. ولكن يشير اختيار بالين إلى القلق المستتر في دائرة الحملة من أن الناخبين مازالوا يفضلون أوباما والديمقراطيين. وظل ماكين يبحث عن سبل يواجه بها ما يقوله الديمقراطيون من أنه مجرد امتداد للرئيس بوش، وخلص إلى أنه في حاجة إلى خيار يغير من طبيعة اللعبة، بغض النظر عن المخاطر التي يتضمنها. كان لديه خيارات أكثر أمانا وأكثر تقليدية، على الرغم من أن هؤلاء قد أصبحوا أقل جاذبية، كما تراءى له وهو يشاهد الديمقراطيين يرحبون بمهرجان ترشيح أوباما التاريخي في دينفر. وعلى الرغم من ذاك القدر من الحماس الذي تسبب فيه اختيار بالين داخل الدوائر المحافظة، فإن الكثير من واضعي الاستراتيجيات داخل الحزب الجمهوري قد فوجئوا بخيار ماكين.

* خدمة (واشنطن بوست) خاص بـ «الشرق الأوسط»