الحكومة العراقية تتعهد بتوفير «أفضل رعاية» للاجئين الفلسطينيين

تتجه لمنحهم بطاقات هوية تضمن معاملتهم كالمواطنين العراقيين

فلسطينيتان هاربتان من بغداد تتبادلان الاحاديث في مخيم على الحدود العراقية ـ السورية (رويترز)
TT

قال دانيل إندرز مبعوث المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في العراق، إن معدلات العنف في شوارع العراق شهدت انخفاضا حادا في الشهور الأخيرة، لكن الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بنحو 11.000 ويقيم غالبيتهم في بغداد يظلون أحد أكثر المجموعات استهدافًا من قبل المجموعات الأخرى خاصة المجموعات الشيعية.

ولا يملك الفلسطينيون في العراق أي نفوذ سياسي أو ملجأ يمكنهم الهرب إليه، سوى بعض الدول القليلة التي تمنح اللجوء السياسي لمجموعات قليلة منهم ـ وهو درس تعلمه 3.000 فلسطيني موجودون في المخيم الذي تديره الأمم المتحدة على الحدود العراقية ـ السورية بعد أن تركوا منازلهم داخل العراق. وكما أن الأبواب موصدة أمامهم في الدول الأوروبية والعربية فإن الأبواب موصدة أمامهم إذا ما حاولوا العودة إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة. فإسرائيل تتحكم في المعابر الحدودية ونادرا ما تمنح الإقامة للفلسطينيين المنفيين في الخارج.

لكن الأيام الأخيرة شهدت خطوات من جانب الحكومة الشيعية التي تقود العراق للوصول إلى تلك المجموعة التي استقرت في العراق في أعقاب حرب عام 1948 وتأسيس دولة إسرائيل، والتي وصل تعدادها إلى 35.000 قبل الغزو الأميركي للعراق في 2003. وبداية من الشهر المقبل سيحصل الفلسطينيون على بطاقات هوية جديدة بدلا من تلك التي كانوا يحملونها إبان عهد صدام.

ويشير دليل قسوس القائم بالأعمال الفلسطيني في بغداد إلى أن البطاقات الجديدة ستشير إلى أن حاملي هذه البطاقات سيعاملون كالعراقيين. وحسب وكالة اسوشييتد برس، فان البطاقات التي ستوزع بدعم من الأمم المتحدة، يتوقع منها أن تخفف المضايقات التي يتعرض لها المواطنون الفلسطينيون عند نقاط التفتيش كما ستمكنهم من الحصول على معاشات ضمان. ويقول علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية «على الرغم من صعوبة موقف العراق، إلا أننا سنحيط الفلسطينيين بأفضل رعاية».

لكن الكثير من العراقيين لا يميلون إلى الفلسطينيين؛ إذ يعتقدون بأنهم كانوا يحظون برعاية تفضيلية أيام صدام حسين لأنهم كانوا يتلقون إعانات إسكان. وقد ظل الكثير من الفلسطينيين موضع شكوك من العراقيين، ويقول عن ذلك أحمد الذي يقطن في أكبر الأحياء الفلسطينية في بغداد، والذي يتألف من 16 منزلا محاطة بمنطقة البلديات الشيعية: «بالرغم من أنني ولدت في العراق إلا أنني أخشى السير في عاصمته».

وبعد سقوط صدام حسين تعرضت الأحياء الفلسطينية في منطقة البلديات والمناطق الأخرى لهجمات متكررة من قبل المسلحين الشيعة والقوات الأمنية لاسيما في أعقاب تفجيرات المرقدين الشيعيين في فبراير (شباط) 2006، حيث ألقى الشيعة باللائمة على المقاتلين السنة.

وأشار قسوس إلى أن الفلسطينيين في البلديات قالوا إن القوات العراقية كانت تأتي إلى الحي وتطلق النار على المنازل بصورة عشوائية، كما تعرض الحي لهجمات متكررة بقذائف المورتر، مما أدى إلى فرار الآلاف من السكان.

والحي فيه أربعة صفوف من المنازل تنتهي بشارعين أغلب متاجرهما مغلقة لكن لا تزال السمة الفلسطينية تملأ الأجواء. فعلى إحدى اللوحات الجرافيتية التي حفرتها الرصاصات عبارة: «عاشت فلسطين أرضنا الحبيبة». ولا يوجد في المنطقة سوى مقهى إنترنت حيفا ومطعم القدس ومستوصف يديره الهلال الأحمر الفلسطيني. وتشير لويزيانا أمير التي تعمل ممرضة في المستوصف إلى أن الخوف يجعلها ترتجف في الطريق بين عملها ومنزلها، حيث تبقى على اتصال بأصدقائها من العراقيين عبر الهاتف، فزوجها مفقود منذ أن قبض عليه في غارة للشرطة في عام 2005. لكنها تؤكد أنها ستظل في بغداد حتى وإن عرض عليها اللجوء السياسي في مكان آخر، فتقول: «أشعر أن هذا وطني»، وعلى النقيض منها يرغب آخرون مثل عمر أحمد الذي يقطن في بغداد في الحصول على فرصة للخروج من العراق، حيث يقول: «نحن نعيش في هذا البلد بلا أمل أو مستقبل».

والفلسطينيون عالقون في العراق؛ إذ لا توجد دولة ترغب في استضافة ذلك العدد الكبير من اللاجئين الفلسطينيين، وقد أغلقت دول الجوار مثل سوريا والأردن حدودها في وجه الفلسطينيين، حيث إن مثل هذه الدول قد استقبلت لاجئي حربي عام 1948 و1967 لكن حدودها متخمة بمئات الآلاف من النازحين العراقيين. ويتوجه الفلسطينيون الذين يخشون المكوث في بغداد إلى المخيمات التي تقيمها الأمم المتحدة على الحدود السورية ـ العراقية.