13 حكما بالسجن ضد عبد الحليم خدام أشدها الأشغال المؤبدة بتهمة «الافتراء» على القيادة السورية

خدام لـ«الشرق الأوسط»: الحكم لتخويف السوريين

TT

اعتبر نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام ان الحكم بالاشغال الشاقة المؤبدة الصادر عن القضاء العسكري السوري بحقه امس هو محاولة لـ«تخويف» الشعب السوري من قبل النظام وفسر صدوره بحالة «الاحتقان الداخلي» التي يشهدها برأيه المجتمع السوري ومنها الانقسامات الطائفية وغلاء المعيشة، فضلا عن عدم الرضا عن السياسات الخارجية والتي جعلت البلاد أشبه بـ«سلة بندورة معروضة للبيع»، على حد تعبيره.

وكانت المحكمة العسكرية الجنائية الاولى بدمشق برئاسة العميد القاضي محمد قدور أسد، قد أصدرت امس قرارها رقم 406 تاريخ 17 اغسطس الحالي بالاجماع، والقاضي بالحكم على خدام 13 حكما بالسجن لمدد مختلفة اشدها الاشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة وذلك بتهم مختلفة ابرزها «الافتراء الجنائي على القيادة السورية والادلاء بشهادة كاذبة امام لجنة التحقيق الدولية بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وكتابات وخطب لم تجزها الحكومة السورية».

كما اتهمته «بالمؤامرة على اغتصاب سلطة سياسية ومدنية وصلاته غير المشروعة مع العدو الصهيوني والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي، واشدها دس الدسائس لدى دولة اجنبية لدفعها العدوان على سورية التي عوقب عليها بالمؤبد».

وقد علق خدام لـ«الشرق الاوسط» في اتصال هاتفي من لندن على القرار الصادر بحقه قائلا «كنت اتوقعه، فالشعب السوري كله سجين نظام فكك الوحدة الوطنية وجَوع الشعب وهنالك عشرات الناس بالسجون من اجل كلمة حرة، وبالتالي اتوقع ان مواقفي ودفاعي عن مصالح الشعب السوري دفعتهم للجوء الى هذا الاسلوب».

واضاف «يقولون في الحكم انني متواطئ مع دولة اجنبية ولكن من هي هذه الدولة؟ اذا كانت الولايات المتحدة فهو نفسه «النظام» يزحف باتجاهها، واذا كان المقصود اسرائيل، فان كل السوريين والاميركيين والغرب والعالم يعرفون ان هذا الامر غير صحيح».

وتابع «يقولون انهم يريدون الجولان ولكنهم يساومون به. يقولون انهم يريدون السلام مع اسرائيل ليفتح لهم الاوروبيون او الاميركان الباب ولكن هل هم قادرون على ان يقيمون السلام؟». من جانبه، قال المحامي السوري حسام الدين الحبش لـ«الشرق الاوسط» في دمشق «أنا انصح خدام بتسليم نفسه وأضمن له محاكمة عادلة وعندما يسلم يلغى الحكم الغيابي ويحاكم وجاهيا». مضيفا ان «هذه الاحكام تخص الجرائم التي قام بها خدام يعد خروجه من سورية ولا علاقة لها بما سبق وقام به اثناء وجوده في الحكم».

وتابع قائلا «أنا الذي اخبرت عنه عندما اعطى حوارات لعدد من وسائل الاعلام، واستنادا الى هذه المقابلات تم رفع دعوى امام الحكمة». مشيرا الى انه تقدم بالدعوى «بصفتي محام سوري مستقل، لم اتعاون مع السلطات الرسمية وانما فقط مع السلطات القضائية». ومن شهود الاثبات سعيد دودين رئيس مركز عام الاستراتيجي، والالماني يوركن كولبل رئيس مركز البحث الجنائي الالماني، اما الوثائق فهي نسخ عن المقابلات التي اجراها خدام مع وسائل اعلام عربية. وبعض هذه المقابلات بثته قناة العربية والمستقبل واذاعة صوت السلام الاسرائيلية وصحف السنارة الاسرائيلية والسياسة الكويتية.

واعتبر المحامي ان «هذه خطوة اولى وسيتم وضع آليات لجلبه وسوقه الى المحكمة»، مضيفا «أنا متفائل بالقاء القبض عليه».

يذكر ان الحكم يلحظ ايضا «حجر خدام وتجريده من حقوقه المدنية ومنعه من الاقامة في محافظتي دمشق وطرطوس بلده الاصلي في حال خفضت عقوبته الوجاهية لأي سبب قانوني كان بعد تنفيذ العقوبة المقررة بحقه».

من جانبه، اعتبر خدام ان «الوضع الداخلي متأزم جدا بسبب الممارسات السياسية ولعبة المقايضة، يوم مع اسرائيل ويوم مع ايران، هنالك ايضا مسالة الوحدة الوطنية فالبلد اليوم مقسم طوائف بسبب ممارسات النظام وثمة احتقان طائفي خطير طالما نبهت اليه». وتابع «هنالك مسألة المقامرة بالسياسة الخارجية والارتباط بايران ومحاولة توظيف سورية والجولان من اجل استمرار الحكم الى جانب ايضا احتقان الوضع الاقتصادي وحالة الجوع والفقر فالغالبية الساحقة للسوريين تعيش اليوم دون الحد الادنى لمتطلبات المعيشة».

وردا على سؤال حول ما اذا كان يخشى المطالبة بتسليمه بعد تحسن العلاقات بين سورية وفرنسا، اجاب «فرنسا دولة ديمقراطية ولها قيمها والتزاماتها بميثاق الامم المتحدة، هذا الحكم سياسي وليس جنائي». وقال «رأسي مطلوب وكان هنالك محاولات عديدة للوصول الي ولم يصلوا، أنا انسان مؤمن، تعرضت لمحاولات اغتيال 5 مرات وكادت ان تكون قاتلة، لكن العمر لم ينته، اما ما يقضيه الله فهذا أمر آخر».

يذكر ان الحبش كان رفع دعوى على النائب اللبناني وليد جنبلاط «لتهديده الأمن القومي العربي بدعوته الادارة الاميركية لاحتلال سورية» وصدرت مذكرة توقيف غيابية سارية حتى الان على الاراضي السورية باعتقاله وسوقه جبرا الى القضاء العسكري السوري فور دخوله الاراضي السورية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان خدام انشق عام 2005 بعد انتقاده السياسة الخارجية السورية لاسيما في لبنان، واسس في منفاه عام 2006 جبهة الخلاص الوطني التي تضم معارضين سوريين ابرزهم جماعة الاخوان المسلمين.

وقد دعا خدام الى العمل على «التغيير السلمي في سورية باسقاط النظام الدكتاتوري» والى بناء «دولة ديمقراطية حديثة في سورية تقوم على اساس المواطنة».

واكد بعد لجوئه الى باريس انه «على قناعة تامة» بان الرئيس السوري بشار الاسد «اعطى امر» اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير 2005.