في ظل تراجع الآمال باتفاق سلام.. السلطة تهدد بإعلان الدولة من جانب واحد

تدرس عدة خيارات أخرى بينها استدعاء قوات دولية لحماية الفلسطينيين أو سحب القوات من المدن

TT

جدد احمد قريع رئيس الوفد الفلسطيني، إلى مفاوضات الوضع النهائي، موقف السلطة الفلسطينية الرافض لتوقيع أي اتفاق سياسي لا يضمن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المرجوة. وقال قريع «لن نتنازل عن ذلك». مؤكدا ان اي اتفاق مع الاسرائيليين يجب أن يشمل جميع القضايا المطروحة للتفاوض وفي مقدمتها القدس واللاجئين بدون استثناء.

وجاءت تأكيدات قريع بعد يومين من لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، والذي فشل فيه الاخير باقناع الاول بالتوصل الى اتفاق اطار مؤجل التنفيذ. وابلغ قريع امس، توني بلير مبعوث الرباعية الدولية، خلال لقائه به في مكتبه في ابو ديس، قرب القدس، ان القيادة الفلسطينية ترفض أي اتفاقيات انتقالية أو جزئية، أو تأجيل بحث أي من القضايا المصيرية.

وفي رام الله، تتضاءل الآمال بامكانية عقد اتفاق مع الاسرائيلين، ولذلك تبحث السلطة الفلسطينية البدائل الممكنة لاستمرار المفاوضات، ومن بينها، كما علمت «الشرق الاوسط»، اعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد، او المطالبة باعلان دولة ثنائية القومية، او سحب القوات الفلسطينية الى مدينة اريحا والتخلي عن ادارة شؤون المواطنين وتحميل اسرائيل مسؤولية احتلالها. واكد قريع على تعدد خيارات الشعب الفلسطيني، وأولها «الإعلان بشكل أحادي عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». مشيرا إلى أن استمرار إسرائيل في سياستها المنافية لأسس عملية السلام، تجعل باب الصراع مفتوحا على مصراعيه. وبرغم ان القيادة الفلسطينية لم تتخذ موقفا نهائيا بعد. الا ان عباس، يعتزم دعوة المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، للاجتماع قبل نهاية هذا العام، ليستعرض امامهم اخر ما توصلت اليه المفاوضات مع الاسرائيليين واين تقدمت، وما هي العقبات الحقيقية، بهدف اتخاذ موقف نهائي من العملية السلمية والعلاقة مع اسرائيل.

وفي ظل القناعة الكبيرة التي تولدت لديها أخيرا، باستحالة التوصل الى اتفاق هذا العام، قررت السلطة، دعوة مجلس الامن لارسال قوات دولية الى الضفة الغربية لحماية الشعب الفلسطيني، كخطوة من بين خطوات ستلوح بها للرد على رفض اسرائيل الاعتراف بالحقوق الفلسطينية. وقال صالح رأفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لـ«الشرق الاوسط»: «سنطلب حماية دولية» واوضح «سنطلب ارسال قوات دولية الى الضفة الغربية لحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال».

ولا يريد عباس التفرد في اتخاذ قرار «مصيري»، كهذا لذا يسعى لاعطائه شرعية المنظمة، التي تعتبر حسب دستور السلطة، المرجعية الاعلى للشعب الفلسطيني ومؤسساته وسلطته. وقال رأفت «ستجتمع مؤسسات منطمة التحرير لتدرس كل الخيارات، وتتخذ موقف مناسب من فشل المفاوضات». ويواجه عباس ضغطا متصاعدا للاعلان عن وقف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي. فإلى جانب حركتي حماس والجهاد المعارضتين، فان فصائل في منظمة التحرير، واكاديميين، وقياديين في فتح التي يتزعمها عباس، يرون في المفاوضات غطاء للعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني. الا ان عباس واعضاء الوفد الفلسطيني لا يميلون لهذا الاقتراح. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال لـ«الشرق الاوسط»: «ان السلطة على استعداد لمواصلة المفاضات حتى بعد نهاية العام، لكن ان لا تبقى مفتوحة للابد». وتشكو السلطة الفلسطينية، من استمرار الاستيطان في القدس، واطلع قريع موفد الرباعية على ما وصفه بالاجراءات الاسرائيلية المدمرة لعملية السلام. وقال رافت «بالاستيطان، اسرائيل وحدها تحسم معظم قضايا الوضع النهائي من جانب واحد». وتابع، «الاستيطان يرسم الحدود ويهود القدس ويسيطر على المياه والامن». ومن جانبه، أعرب مبعوث الرباعية الدولية عن تفهمه للموقف الفلسطيني الرافض لتجزئة القضايا الجوهرية التي من شأنها إنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وجدد رفضه لاستمرار إسرائيل في توسيع وبناء المستوطنات الجديدة .

وفي اسرائيل يواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت معارضة شديدة للتوصل الى اتفاق سريع مع الفلسطينيين. ويراه وزراء انه لا يملك الشرعية الكاملة لابرام مثل هذا الاتفاق. الا ان القلق الاسرائيلي من امكانية سيطرة حماس على الرئاسة الفلسطينية مستقبلا كما قالت مصادر اسرائيلية لـ«الشرق الاوسط» يقلل حتى من اهمية التوصل الى اتفاق.

وقالت هذه المصادر ان اي اتفاق لا يمكن تطبيقه لاحقا بسبب التغييرات التي ستحدث في اسرائيل والسلطة «فمن يعرف من سيحكم الضفة في المستقبل». وكان يوفال ديسكن، رئيس جهاز الأمن العام الاسرائيلي، «الشاباك»، عرض في جلسة الحكومة الاسرائيلية الاحد، ما سماه تفاصيل من النقاشات الداخلية في السلطة الفلسطينية، حول سيناريوهات ممكنة لتطور الأحداث، على أعتاب انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس «في يناير/ كانون الثاني المقبل». وبينها ان يستقيل ابو مازن.

وقال ديسكن «حماس تدرك أن ساعة الرمل لأبي مازن آخذة في النفاذ. وفي حال أنه قرر الاعتزال سيكون خليفته حسب القانون الفلسطيني، رئيس المجلس التشريعي، عزيز الدويك، وهو من حماس ومسجون في إسرائيل، الأمر معقد جدا وأطرح ذلك أمامكم بسبب أهمية الموضوع لأن ذلك سيؤثر على مستقبل علاقاتنا مع الفلسطينيين».