مسيرة سلمية لمحاربين في العراق تتحول شغبا وعنفا يوم افتتاح مؤتمر الحزب الجمهوري

اعتقال 200 من بين عشرة آلاف متظاهر.. والمحاربون القدامى يطالبون ماكين باحترامهم

TT

المشهد بدأ بمسيرة مسالمة لعشرات من الجنود الاميركيين يطالبون بانهاء الحرب في العراق، يحيط بهم رجال الشرطة يرتدون قمصانا زرقاء على دراجات هوائية... وانتهى بمظاهرة عنيفة شارك فيها الالاف وجههم رجال شرطة مكافحة الشغب حاملين العصي ويطلقون الغاز المسيل للدموع.

وهدوء اليوم الاول لمؤتمر الحزب الجمهوري الذي يعقد في مدينة سانت بول في ولاية مينيسوتا تحول الى يوم صاخب في الشوارع وانتهى بمواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين ادى الى اعتقال اكثر من مئتي شخص.

وارتفعت وتيرة المظاهرات التي بدأت مسيرة سلمية في السابعة صباحا وقادها عشرات الجنود الذين حاربوا في العراق، واصبحوا يعارضون الحرب هناك. الا ان المسيرة المسالمة تحولت الى شغب في حوالي الثالثة من بعد الظهر مع ارتفاع عدد المتظاهرين الذين راحوا يتجمعون في ساحة كبيرة امام مبنى الكابيتول هيل الذي يفصل بينه وبين مبنى «اكسل للطاقة»، حيث يعقد مؤتمر الحزب، بضعة شوارع. وفي الوقت الذي بدأ فيه الحزب الجمهوري عقد لقاءاته التي قلصها الى لقاء واحد من الثالثة بعد الظهر الى الخامسة بسبب اعصار «غوستاف»، كان نحو عشرة آلاف شخص قد تجمعوا في المدينة وبدأوا يسيرون نحو مركز المؤتمرات في مدينة اقفلت محالها ومكاتبها يوم الاثنين احتفالا بعيد العمال في الولايات المتحدة.

والمظاهرة التي شاركت فيها اكثر من منظمة مناهضة للحرب في العراق، كان من المفترض ان تبقى سلمية. غرايس التي انضمت الى المظاهرات ظهرا، قالت قبل اندلاع اعمال الشغب، ان «المسيرة سلمية وهدفها ايصال رسالة ان العنف لا يحل المشاكل وان الحرب في العراق يجب ان تنتهي».

الالاف من المتظاهرات المسالمين كانوا يمشون وينشدون اغاني سلمية تدعو الى انهاء الحرب رافعين شعارات السلام والعدالة، وأخرى تدعو الى اعادة القوات الاميركية من العراق الى بلادهم. ومع تقدم النهار وقبل ان تنتهي المظاهرة، ظهر بين المتظاهرين شبانا وضعوا لفافات سوداء على وجوههم، وكمموا افواههم ومنهم من خلع قميصه. وبعدما شاهدوا باصا يمر في الشارع المقابل كتب عليه «طاقم الحزب الجمهوري» كان يقل مندوبين في المؤتمر، توجهوا اليه وبدأوا بالضرب على نوافذه. وحاول رجال الشرطة ردع الشبان الذين بدأوا يميلون الى العنف، وراحوا يدفعون الحشود الى الخلف مستعينين بدراجاتهم الهوائية. الا ان بعض الشبان خرجوا من الجموع وراحوا يضربون واجهات المحال الزجاجية.

ورجال الشرطة استعانوا بقوات مكافحة الشغب، وبدأ رجال الامن الذين يرتدون الأسود والمدرعين بالعصي وادوات مكافحة الشغب يتكاثرون. اطلقوا الغازات المسيلة للدموع على المتظاهرن الذين حاولوا منعهم عبر جذب الحواجز الحديدية واقفال الطرقات فيها. ادت المواجهات التي استمرت لبضع ساعات الى احتجاز العديد من النواب الجمهوريين في فندق سانت بول القريب من مركز المؤتمرات. وقال احد الموظفين داخل الفندق ان رجال الامن منعوا النواب من الخروج من الفندق لان المتظاهرين كانوا في الخارج يرمون واجهة الفندق باكياس من البول.

وفي الحصيلة، قالت الشرطة ان نحو 119 شخصا من نحو 250 اعتقلوا سيواجهون تهما بالشغب ويحاكمون.

وفي الصباح، كان عشرات من الجنود، عدد كبير منهم حارب في العراق، قد تجمعوا في مدينة سانت بول، بعضهم يرتدي لباسه العسكري والبعض الآخر بلباس مدني. وشارك معهم في المسيرة التي ارادوها عسكرية، محاربين قدماء حاربوا في فييتنام. الكولونيل جورج ميلر، وهو في محارب قديم في فيتنام في الستينات من العمر، قال انه كان ضد حرب فيتنام وهو اليوم ضد الحرب في العراق. هدف المسيرة، ايصال رسالة الى المرشح الجمهوري جون ماكين، يطالبونه فيها بدعم الحقوق الكاملة للعسكريين الذين حاربوا، في حال اصبح رئيسا. وقالت الرسالة التي كانوا يأملون بتسليمه نسخة منها: «غالبا ما يقال ان طبع الوطن يعرف من الطريقة التي يكرم فيها محاربيه، وهي مقولة نؤمن بها».

وتحمل الرسالة، وطولها 33 صفحة مطبوعة، تفاصيل عن المطالب وشهادات من بعض الجنود الذين عادوا الى بلادهم بعد ان حاربوا في العراق ونقص الضمانات المقدمة لهم ومعاناتهم بعد عودتهم. وهي موجهة من «محاربين ضد الحرب في العراق» التي تضم حتى الان 1300 جندي من انحاء البلاد.

كريس، وهو شاب في 24 من عمره، حارب في مدينة الصدر في العراق لمدة ثمانية اشهر عام 2005. يرتدي كريس نظارات سوداء وبذته العسكرية التي يمكنه الاحتفاظ بها بعد تسريحه من الجيش. لا يبتسم. قال انه بعد عودته من العراق حاول الانتحار. لم يعد ينام، والذكريات التي يحملها معه قاسية ومريرة. قال انه لم يطلق النار على احد مباشرة ولكنه لا يمكنه ان ينسى مشهد القتلى وجثث المدنيين العراقيين الذين قتلوا في علميات عسكرية شارك بها.

ولكن ماكين لم يتسلم الرسالة. ولم يرسل حتى مندوبا عنه لتسلمها. فقد انتظر المتظاهرون خارج مبنى «اكسل» لاكثر من نصف ساعة، بعد ان ارسلوا طلبا بتسليم رسالة، ولم يظهر احد. حاول احدهم الدخول بالقوة، فأخرج بالقوة. كانت هذه محاولتهم العاشرة. ولكن المرشح الديمقراطي باراك اوباما تسلمها عبر احد معاونيه الذي اكد لهم ان اوباما سيبقى على تواصل معهم. عتبهم كان على ماكين لانه كان محارباً قديماً مثلهم. قال احدهم لم يرد ان يذكر اسمه: «نشعر بالاحباط خصوصا لانه كان محاربا مثلنا... لا نطلب الا بعض الاحترام».