الجيش الأميركي يضع قوات الصحوة تحت إشراف الحكومة العراقية اعتبارا من أكتوبر

قائد صحوة: ساعدنا الأميركيين في القضاء على «القاعدة» لكنهم يبيعوننا الآن

TT

صرح مسؤولون أميركيون وعراقيون بأن الحكومة العراقية سوف تتولى في أكتوبر (تشرين الأول) مسؤولية دفع رواتب وتوجيه الدوريات المدنية السنية المعروفة باسم «مجالس الصحوة» والتي تعمل في بغداد وما حولها.

ويشمل هذا التحويل 54 ألف عضو في الصحوة، يحصلون في الوقت الحالي على رواتبهم من الجيش الأميركي من أجل حراسة الأحياء، أو في بعض الحالات من أجل مجرد الإحجام عن مهاجمة القوات الأميركية والعراقية. وبمجرد أن يتم هذا التحويل، ستحظى الحكومة العراقية «بسيطرة إدارية كاملة» على كوادر الصحوة، كما قال مسؤول في الجيش الأميركي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث في هذا الموضوع.

ولم يكن من الواضح ما إذا كانت الحكومة العراقية، التي يسيطر عليها الشيعة، قد أعطت الأميركيين أو قوات الصحوة ضمانات حول المدة التي تنوي فيها الإبقاء على الدوريات، أو حتى إن كانت ستبقيها أصلا. وقد أعرب بعض المسؤولين العراقيين رفيعي المستوى عن تحفظاتهم على دفع رواتب إلى ميليشيات مسلحة، جاءت من بين صفوف متمردين سابقين. واشتكى أعضاء الصحوة بدورهم من تأخر الحكومة العراقية بالوفاء بتعهداتها وإلحاقهم بصفوف قوات الأمن العراقية.

وصرح مسؤول رفيع المستوى في الجيش الأميركي أول من أمس بأن إقناع الحكومة العراقية باستيعاب قوات الصحوة شهد تقدما بطيئا ولم يكن أمرا سلسا. ولكنه أشار إلى أن رئيس الوزراء نوري المالكي تعهد الآن بالالتزام بإلحاق 20 في المائة من رجال الصحوة بالجيش العراقي، أو قوات الأمن الوطني، أو قوات الأمن الأخرى. لكنه اعترف أنه إذا قررت الحكومة العراقية تسريح دوريات الصحوة، فلن يكون لدى الحكومة الأميركية سلطة كبيرة لإقناعها بالعدول عن الأمر إلا بواسطة الطرق الدبلوماسية أو بممارسة الضغوط على «مستويات عليا».

وأكد مستشار الأمن القومي العراقي، موفق الربيعي، أن الحكومة العراقية ستصدر أول شيكات لدفع رواتب أعضاء الصحوة في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأضاف أن حكومته ما زالت تتحرى أعضاء الحركة للتأكد من أنهم لا يعملون مع المتمردين. وقال الربيعي: «بمجرد أن ننتهي، ونبدأ في دفع الرواتب، سنفعل ما هو ملائم. وسيلتحق البعض بالشرطة، وآخرون بوظائف مدنية، وسيظل آخرون في مواقعهم المعتادة».

وصرح قائد القوات الأميركية في العراق، ديفيد بترايوس، بأن الجيش الأميركي يدفع رواتب حوالي 99 ألف عضو في حركة الصحوة في العراق، حيث يبلغ الراتب حوالي 300 دولار في الشهر. وقد انضم 5200 آخرون إلى قوات الأمن العراقية. وحصل 15 ألفاً، أو ما يقرب من ذلك، على وظائف مدنية أو ألحقوا ببرامج تدريبية.

وقد أفاد الجيش الأميركي بأن حركة الصحوة لها أهمية كبرى في المساعدة على الحد من العنف في العاصمة وفي أرجاء العراق، مثل محافظة الأنبار التي عاد إسناد المهام الأمنية فيها إلى العراق يوم الاثنين. وفي واقع الأمر، يؤكد بعض الضباط الأميركيين أن هذه الدوريات قدمت إسهاما مهما في تهدئة البلاد أكثر مما أسهمت به زيادة القوات الأميركية في العراق. وهم قلقون من أن أي إضعاف للحركة سيؤدي إلى عدم استقرار كبير.

وأول من أمس بدا القليل من قادة حركة الصحوة في بغداد على دراية بالتحول الوشيك في أوضاعهم. وقال البعض إنهم قد وقعوا مؤخرا عقودا مدتها ستة أشهر مع الجيش الأميركي. وأعرب الكثيرون عن قلقهم من أن الحكومة العراقية ستفكك وحداتهم. وقال سعيد مالك الذي يرأس مجلس أمن حركة الصحوة في العديد من الأحياء في جنوب غرب بغداد «لا أظن أننا سنتعاقد مع الحكومة العراقية لأنهم يعتبروننا ميليشيات»، وأضاف «لن تعطينا الحكومة العراقية الامتيازات التي كان يمنحها لنا الأميركيون».

وقال بعض القادة أيضا إنهم يخشون من أن هذا التغيير قد يمنح الحكومة العراقية فرصة للتخلص من زعماء الحركة الذين تعتبرهم متمردين نشطين أو سابقين. وقد صرح مسؤولون في الجيشين الأميركي والعراقي بأنه قد صدرت أوامر للجيش العراقي باعتقال المئات من أعضاء الصحوة في محافظة ديالي. وقال الشيخ صلاح العقيدي، قائد حركة الصحوة في حي الدورة ببغداد: «لقد وضعتنا القوات الأميركية في مأزق». وأضاف «إن الصحوة هي السبب وراء التقدم الأمني الذي تشهده بغداد، بعد القضاء على القاعدة والميليشيات، ولكنهم يبيعوننا الآن. وأصبحت الخيارات المتاحة أمامنا الآن هي أن نتعرض للقتل أو الاعتقال، أو أن نغادر العراق». وكان يقصد الإشارة إلى تنظيم «القاعدة في بلاد ما بين النهرين»، وهي جماعة إرهابية داخلية ذكرت وكالات الاستخبارات الأميركية أن قيادتها في الخارج.

وذكر السيد مالك، وهو مسؤول الصحوة في بغداد، أنه حتى الآن، هناك من 1000 إلى 1500 عضو فقط في منطقته التحقوا بقوات الأمن. وقال علي بهجت، قائد الدوريات الأمنية في حي الأعظمية، إن أحد ضباط الجيش الأميركي أكد له أنه «سيتم تجديد عقودهم لمدة ستة أشهر أخرى، بدءا من الأول من سبتمبر (أيلول)». وأضاف: «نحن متأكدون من أن الأميركيين سيستمرون في تمويل برنامجنا، لأن هذا البرنامج حقق الأمن للجنود الأميركيين وليس للعراقيين. ولكننا ما زلنا قلقين من هذا التطور. فإذا حدث هذا التغيير، فسيكون مصيرنا مجهولا».

وصرح الشيخ علي حاتم السليمان، وهو قائد لأحد أكبر القبائل في محافظة الأنبار، بأنه يجب على الحكومة العراقية أن تلحق جميع أعضاء الصحوة بقوات الأمن التابعة لها. وأضاف أنها إذا لم تستطع فعل هذا، «فلن تكون حكومة حقيقية».

* خدمة: «نيويورك تايمز»