جنبلاط: الأسد يسعى إلى تسوية أكبر من الجولان وعلينا الحذر من التدخل السوري بذريعة الوضع شمالا

«14 آذار» تستغرب «الكلام المعيب» بحق سليمان وترفض خيانة قضية العرب

TT

استأثرت القمة الرباعية التي انعقدت في دمشق باهتمام القيادات اللبنانية، وتحديدا قوى «14 اذار» التي انتقدت بشدة الاداء السوري. وفيما رأى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح لـ«الشرق الاوسط» أن الرئيس السوري بشار الأسد يسعى إلى كسب الوقت وأنه يبحث عن «تسوية أكبر من الجولان» استغربت مصادر بارزة في قوى «14 آذار» «الكلام المعيب الذي صدر عن الأسد بحق الرئيس اللبناني ميشال سليمان».

وقال جنبلاط: «هذا اللقاء الرباعي الذي أتى نقيضا للمبادرة العربية التي أطلقها جلالة الملك عبد الله وقرارات قمة الرياض، لم يصدر عنه أي شيء» معتبرا «ان هدف (الرئيس السوري) بشار الاسد هو فقط الحوار مع الولايات المتحدة. وكل ما يريد هو العلاقات معها على حساب علاقته الخاصة مع قطر وتركيا». ورأى ان الاسد «لا يريد تسوية حول الجولان، بل ربما يريد تسوية أكبر من ذلك». ولاحظ أن الاسد «اراد من خلال ربطه المفاوضات المباشرة بالوضع الحكومي الاسرائيلي والانتخابات الاميركية مجرد كسب الوقت».

ودعا جنبلاط اللبنانيين الى «الحذر الشديد من النوايا السورية» معتبرا ان كلام الاسد حول الوضع في شمال لبنان «يدفعنا الى الريبة من مواقفه ونواياه» محذرا من «ان الاسد يربط في كلامه بين الامن في سورية والوضع في شمال لبنان. وقد يستخدمه ذريعة جديدة للتدخل في الوضع اللبناني أو للتنبيه الى ان اختلال الامن في شمال لبنان يهدد أمن سورية. وهذا أمر خطير جدا علينا العمل لتفاديه».

ورأى أن الكلام عن مزارع شبعا «ابقى الوضع فيها ضبابيا للغاية وتركها تحت رحمة القرار الدولي 242» مشيرا الى أنه «لا بد من وثيقة سورية – لبنانية تزيل الغموض عن هوية هذه المزارع بما ينقلها الى اجواء القرار 425» والى ان «الامم المتحدة استطاعت تقريبا انجاز الترسيم عبر الاقمار الاصطناعية ويبقى مجرد ارسال المساحين الى الارض لوضع اللمسات الاخيرة».

وفي الاطار نفسه، قالت مصادر بارزة في «14 اذار» لـ«الشرق الاوسط» أن الكلام الذي صدر عن الرئيس السوري «كان معيبا بحق فخامة الرئيس (اللبناني) ميشال سليمان». واستغربت هذه الطريقة في الكلام عنه بما جعله يبدو وكأنه يتلقى أوامر بشار الاسد بشأن ارسال الجيش الى الشمال وينفذ هذه الاوامر».

وردت المصادر على كلام الاسد بشأن المفاوضات المباشرة بين لبنان واسرائيل بأن «الدولة اللبنانية السيدة المستقلة هي من تقرر هذا الامر وليس تلازما لم يعد موجودا الا في احلام بشار الاسد» مذكرة بأن «القرار اللبناني الجامع والموحد من هذه المسألة هو الالتزام الكامل بالتضامن العربي كما عبرت عنه مبادرة الملك عبد الله في قمة بيروت، ورفض أي خيانة متمثلة بالتفاوض المباشر أو غير المباشر مع العدو». وقالت: «ان المعادلة التي ارساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأن لبنان سيكون آخر العرب الموقعين على اتفاقية السلام مع اسرائيل ـ هذا إذا وقع ـ باتت من ثوابت، ليس فريق «14 اذار» وحده، بل من ثوابت لبنان الوطنية». وختمت المصادر بالقول: «بين منع الجيش اللبناني من التحليق في اجواء الجنوب (في اشارة الى اطلاق النار على طوافة الجيش الاسبوع الماضي) وأمر الجيش اللبناني بالانتشار على ارض الجنوب بات من الواضح أين يقع محور العدوان على السيادة اللبنانية تحت غطاء خيانة قضية العرب على طاولة العدو الإسرائيلي».

وفي وقت تراجعت فيه السجالات السياسية حول الاوضاع اللبنانية الداخلية، برزت جملة مواقف، وان متباينة الوجهة والمستوى، حول زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى سورية والقمة الرباعية التي عقدت في دمشق امس وضمت الى الرئيسين السوري بشار الاسد والفرنسي نيكولا ساركوزي، امير قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، وخاصة في ما يتناول منها الوضع اللبناني.

وفي هذا السياق، قال وزير الدولة وائل ابو فاعور (الحزب التقدمي الاشتراكي): «ان لبنان ليس ضيف الشرف الاساسي في هذه القمة، بل اسرائيل. والكثير من الدول الغربية يسيل لعابها لمجرد ان ترى ان هناك احدى الدول العربية تتحدث مع الاحتلال الاسرائيلي. لذلك اعتقد ان الدافع للقاء والزيارة هو اسرائيل وليس لبنان. وقد تردد في الاوساط الاعلامية ان لبنان ربما كان حل تسوية، لكن لبنان ليس ضعيفا ولا مستضعفا الى درجة انه يمكن ان يكون عرضة لتسوية في اي لحظة. ونذكّر بان الشعب اللبناني هو الذي حصل على استقلاله وانتزعه. وهو الضمان الوحيد بان لبنان لن يكون ضحية لتسوية، الى جانب الدعم العربي والدولي».

من جهته، استغرب النائب عزام دندشي (تيار المستقبل) ما اعتبره «تقمص الرئيس السوري بشار الاسد لدور رئيس الجمهورية اللبنانية، الى درجة ظهر فيها امام رؤساء وفود القمة الرباعية المنعقدة في دمشق، انه ما زال الآمر والناهي في كل الشؤون الداخلية اللبنانية، وان اي قرار امني او دبلوماسي يتخذ في لبنان، يمر اولا في قصر الشعب ليحوز مباركته».

وقال في تصريح ادلى به امس: «ان مناورة الاسد هي التفاف على مقررات اتفاق الدوحة امام راعي الاتفاق امير دولة قطر لجهة وجوب احترام سيادة واستقلال لبنان. وهي قفز عن الاتفاق المعلن بعد القمة اللبنانية ـ السورية لجهة اعتماد التبادل الدبلوماسي واحترام البلدين لسيادة بعضهما البعض. وهي اولا واخيرا فخ نصب للعماد ميشال سليمان لمحاولة اظهاره بأنه يرضخ كما سلفه (الرئيس اميل لحود) للإرادة السورية».

ورأى دندشي «ان مثل هذه المحاولات تموت في مهدها من الآن فصاعدا، لأن اللبنانيين يدركون تماما أن عهدا جديدا قد بدأ بعد انتخاب الرئيس السيادي بامتياز العماد ميشال سليمان. وان أي محاولة لهز ثقتهم به لن تنجح وتبصر النور لأن حرية القرار اللبناني لن ترضخ لأحد بعد اليوم». وإذ أعلن «أن اللبنانيين ينتظرون من رئيسهم المنتخب بعيدا عن التدخلات والتسميات الخارجية، موقفا موضحا لما صدر عن الأسد» أكد «التفاف جميع المواطنين الشرفاء حول الرئيس سليمان وحول المؤسسات الشرعية والدستورية لتحصين الجمهورية من أفخاخ خبيثة قد تنصب لإخضاعها وإسقاطها».

اما عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا فقال: «ان التعاطي السوري مع موضوع السيادة اللبنانية هو تعاط احتيالي ويحمل الكثير من محاولات الغش وتمرير الافكار السورية بشكل مستتر وتأجيل بت المواضيع في انتظار توفر ظروف افضل لسورية» آملا من فرنسا «خلال القمة الرباعية اليوم (امس) في دمشق، وهي الحريصة على سيادة واستقلال لبنان، ان تعمل لتكون هناك انعكاسات ايجابية للقمة على الوضع اللبناني ككل».

اما النائب علي خريس (كتلة «التنمية والتحرير») فقال: «إن لبنان بحاجة إلى دعم كل الدول التي تجتمع الان في دمشق سياسيا واقتصاديا. وما من شك ان اللقاء الرباعي ستتم فيه مناقشة الوضع اللبناني. وسيستفيد لبنان من دعم واهتمام هذه الدول. والمفترض ان لا يبقى لبنان قضية مفتوحة على كل الاحتمالات على المستوى الاقليمي والدولي. ولا بد من ان يستعيد حجمه ودوره كدولة ذات سيادة لها علاقاتها العربية والدولية».