بالين تجتاز المرحلة الأولى من المعركة الانتخابية بنجاح

الانطباعات الأولى قد تتغير

TT

فتحت سارة بالين صفحة جديدة في معركة الانتخابات الرئاسية الاميركية، وفاجأت في خطابها الذي ألقته في اليوم الثالث لمؤتمر الحزب الجمهوري في مدينة سانت بول في ولاية مينيسوتا، الجمهوريين والديمقراطيين معا، بقوتها وتفاعلها مع الجمهور وطريقة القائها خطابا قويا لم توفر فيه الانتقادات التي وصلت الى حد الهزء بالمرشح الديمقراطي باراك اوباما.

وبعد أول خطاب مطول تلقيه بالين إثر اختيارها للترشح كنائبة للرئيس، تمكنت المرأة التي كانت قبل اسبوع واحد وجها غير معروف على الصعيد الوطني، من انتزاع كلمات الاعجاب بها حتى من أفواه منتقديها، ووصل الامر بالبعض الى القول بأن نجمة اميركية جديدة ولدت بعد هذا الخطاب.

وفي سانت بول ومينيابولس، المدينتين التوأمين اللتين تميلان عموما الى الحزب الديمقراطي، كانت كلمات الإعجاب على لسان النساء والرجال الذين استمعوا الى بالين قبل ليلة وهي تعرف الاميركيين بها وبعائلتها وتتحدث بثقة عن انجازاتها ورؤيتها وتنتقد منافسها بدون تردد.

ماري هاسبروك، وهي امرأة في الستينات من العمر، تقول انها تنتمي الى الحزب الديمقراطي ولم تصوت أبدا لغير مرشح الحزب، ولكن ذلك لم يمنعها من ابداء اعجابها ببالين. وقالت ان بالين بدت في خطابها امرأة قوية «أنجزت الكثير في حياتها». وماري، مثل بالين، ولدت وعاشت في بلدة صغيرة في ولاية مينيسوتا، تدعى مارشال. قالت انها تعرف أن بالين سعت في خطابها لاستقطاب سكان البلدات الصغيرة الذين كانوا عاملا قويا ساعد جورج بوش على الفوز في الانتخابات، عبر حديثها عن انتمائها الى بلدة صغيرة هي نفسها وابتعادها عن واشنطن. إلا ان هذا العامل بقدر ما جعل ماري تبدو فخورة بوصول فتاة من بلدة صغيرة الى هذا المركز، جعلها تتساءل عن مدى استعداد امرأة لم تغادر في حياتها البلدة، الى الانتقال الى مدينة، وليس اي مدينة، الى واشنطن. وبقدر اعجابها بقوة بالين ووصفها بأنها «مناضلة حقيقية»، فان ماري تعتبر ان طموح حاكمة آلاسكا «غير واقعي».

جاين، امرأة في الثلاثينات من العمر، تنتمي هي ايضا الى الحزب الديمقراطي، كانت تجلس في مقهى مع ولديها براين، ثلاث سنوات، وكارلا، أربع سنوات، وهي حامل بولد ثالث. جاين ايضا ابدت اعجابها بقوة بالين، ووصفتها بان امرأة «استثنائية». وبعد كلمات الإطراء والإعجاب، أشارت جاين الى ولديها، وهما مشغولان بأكل قطعة من الحلوى، وقالت: «ما تفعله لا يمكن إلا ان يثير اعجابي، ولكن لا ادري مع الاطفال... يبدو الامر معقدا جدا». واذا كان الاعجاب هو كل ما نالته بالين من ماري وجاين، فان آخرين مترددون، ويبدو ان اعجابهم بحاكمة آلاسكا كاف لجعلهم يحسمون رأيهم ويصوتون للجمهوريين.

توم، وهو رجل كهل يعمل في محل للبيتزا، خدم في الجيش ضمن فريق الحرس الوطني لمدة 14 عاما بين العامين 1970 و1984، يقول انه مستقل ولا يصوت دائما لحزب معين. في البداية كان يميل الى ماكين، ثم عاد ليميل الى المرشح الديمقراطي باراك أوباما، الا انه بعد سماع بالين، يقول إن القرار أصبح أسهل بالنسبة اليه. يقول ان بالين أثارت اعجابه وانه شعر أنها «واقعية وان قدميها على الارض». أعجبته ايضا روح النكتة لديها. وتوم، الذي انتقد قلة خبرة اوباما، يبدو ان قلة خبرة بالين لا تزعجه، بل ان حديثها عن ادارتها لولاية آلاسكا اقنعته بان خبرتها التنفيذية اكبر من خبرة أوباما، وانها تستحق المركز أكثر من اوباما.

وقوة الاقناع التي يبدو ان بالين تتمتع بها، وصلت الى حد اقناع رودي، وهو اميركي من أصل مكسيكي، يعمل في ترميم المنازل، بالتحول من التصويت لديمقراطيين الى الجمهوريين. يقول رودي إنه ديمقراطي الا ان بالين أثرت فيه لدرجة كافية قد تجعله يغير رأيه ويصوت لها ولماكين. اكثر ما يعني رودي من المرشحين، الضمان الصحي. فشركته لا تؤمن له الضمان الصحي وهو لا يمكنه ان يتحمل نفقات التأمين. يعتبر كلام الديمقراطيين بتأمين ضمان صحي لكل الاميركيين، مجرد وعود. يقول ان هيلاري كلينتون وعدت في السابق ولم تحقق شيئا. وبالنسبة اليه، فان ماكين ليس جمهوريا حقيقيا. ويذكر رودي بان ماكين كان على وشك الترشح كنائب للرئيس مع المرشح الديمقراطي جون كيري. إلا ان كل هذه الانطباعات التي تشكلت بعد اول خطاب لبالين، قد تتغير سريعا. فحاكمة آلاسكا، قطعت نصف الطريق، بحسب ما تقول كاثرين بيرسون، استاذة في جامعة مينيسوتا ومحللة سياسية تهتم بشؤون المرأة. وتقول بيرسون: «أبدت أنها متحدثة جيدة ويمكنها ان تشعل الجمهور ولكن الجزء الاهم في الحملة الانتخابية سيبدأ الآن. عليها ان تبدأ بالرد على اسئلة المقابلات وليس فقط إلقاء خطابات، والدخول في مناقشات والحديث في تفاصيل حول آرائها في السياسة الخارجية وغيرها من القضايا الجدية».

واذا كان خطاب بالين جيدا كانطلاقة، إلا انها قد تكون ارتكبت فيه خطأ بمهاجمتها الصحافة الاميركية التي انهالت عليها بالانتقادات منذ يوم اختيارها، خصوصا ان هناك مئات الصحافيين في آلاسكا يتقصون عنها وينبشون أسرارها وعلى استعداد للانقضاض عليها.