الأسد: سلمنا تركيا وديعة للتفاوض مع إسرائيل في إطار الرابع من يونيو.. وننتظر الرد

ساركوزي: ليست لدينا تصورات مشتركة مع واشنطن حول دمشق.. فنحن نحتاج الدور السوري

ساركوزي والأسد والشيخ حمد وأردوغان بعد مباحثاتهم في دمشق أمس (رويترز)
TT

قال الرئيس السوري بشار الأسد إن سورية حددت خط الانسحاب من الأراضي المحتلة (خط الرابع من حزيران 1967) كإطار للتفاوض مع إسرائيل، حيث تم تحديد 6 نقاط في هذا الموضوع أعطيت للجانب التركي كوديعة لديه، موضحا أنه «عندما تقوم إسرائيل بإعطاء النقاط من قبلها للجانب التركي، سيكون رد سورية الإيجابي على النقاط المودعة من قبل إسرائيل لدى الجانب التركي، بعدها يمكن الانتقال إلى مرحلة المفاوضات المباشرة، وعندها من الممكن أن تكون هناك إدارة أميركية جديدة مقتنعة بعملية السلام». وركز الأسد على ضرورة وجود «دور أميركي في عملية السلام»، بالإضافة إلى دور فرنسي، مشيرا إلى حماس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للقيام بهذا الدور. وأكد الأسد أن «تركيا ستبقى الشريك الأساسي في عملية السلام في هذه المرحلة وفي المرحلة المقبلة». وقال الاسد إن اسرائيل وسورية قدمتا، كلا على حدة، أفكارا بشأن اعلان مبادئ ينتقلان بموجبه الى اجراء محادثات مباشرة، لكن تحقيق تقدم تعثر بسبب التطورات في الساحة السياسية الداخلية في اسرائيل حيث سيتنحى ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي بسبب اتهامات فساد. وأوضح الرئيس السوري أن الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل أجلت بعد استقالة كبير المفاوضين الإسرائيليين، مشددا على أن سورية لا تريد توقف المحادثات غير المباشرة مع اسرائيل، والتي تتم بوساطة أنقرة، وذلك في افتتاح القمة الرباعية التي عقدت قبل ظهر أمس في القصر الجمهوري السوري بمشاركة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وساركوزي، ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، الذي قال لاحقا إن المحادثات بين سورية واسرائيل بواسطة أنقرة ستجري يومي 18 و19 سبتمبر (ايلول) الجاري. وكان المفاوض الاسرائيلي يورام تربوفيتش قد أعلن استقالته من منصب مستشار اولمرت في يوليو بعد وقت قصير من إعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي انه سيتنحى من منصبه بعد الانتخابات. غير ان تربوفيتش وافق على الاستمرار في تمثيل اسرائيل في المحادثات غير المباشرة مع سورية. وبحثت القمة الرباعية عددا من القضايا على رأسها مفاوضات السلام بين سورية واسرائيل، والملف النووي الإيراني، والأوضاع الاقليمية. وفيما يتعلق بالانتخابات الإسرائيلية وتأثيرها على المفاوضات غير المباشرة، قال الأسد «إننا ننتظر نتائج الانتخابات الجديدة كي يتحدد مستقبل هذه المرحلة». وفي هذا الإطار قال الأسد «نحن نريد دعما من كل الدول، وبشكل أساسي فرنسا وتركيا وقطر، كي نطمئن بأن رئيس الوزراء (الاسرائيلي) المقبل سوف يستمر في الاتجاه الذي سار عليه اولمرت من خلال استعداده للانسحاب من الأراضي المحتلة». وحول المسار الفلسطيني نبّه الأسد إلى أنه «كي يتحقق السلام، يجب أن لا ننسى المسار الفلسطيني لأنه حيوي بالنسبة لسورية.. سورية لا تريد فقط تحقيق اتفاقية سلام وإنما تريد سلاما.. وأن المسار الفلسطيني يجب أن يدعم من هذه الدول مستقبلا كي يكون داعما وليس معرقلا للمسار السوري وهناك اتفاق حول هذه النقاط مع الرئيس محمود عباس».

وفيما يخص المسار اللبناني، كشف الأسد أنه أثناء زيارة الرئيس اللبناني ميشيل سليمان إلى دمشق تحدث معه حول ضرورة «دخول لبنان في هذه العملية لدى الوصول إلى المفاوضات المباشرة»، موضحا أن الرئيس سليمان «موافق ومتفق» مع الأسد حول «هذه النقطة». ووصف المرحلة الراهنة من المفاوضات بأنها «حساسة»، معربا عن أمله بتحقيق شيء واضح في الجولة الخامسة.

وقال الأسد إن الوضع في لبنان «ما زال هشا»، معربا عن قلق بلاده «مما يجري في شمال لبنان، في طرابلس». وقال إن هذه النقطة كانت محور حديث له مع الرئيس سليمان. وتابع الأسد «تحقيق أي شيء ايجابي في لبنان لا قيمة له من دون حل مشكلة التطرف والقوى السلفية التي تتحرك في شمال لبنان»، مشيرا إلى وجود «دول تدعم هذه القوى بشكل رسمي». وأضاف الأسد أنه طلب من الرئيس سليمان إرسال المزيد من القوات من الجيش اللبناني إلى الشمال، وبدوره سليمان قال له «هناك لواء في الجنوب واليونيفيل بحاجة لهذا اللواء»، إلا أن الأسد رد بالإصرار «على إرسال مزيد من القوات لحسم هذه المشكلة». واعتبر الأسد أن اتفاق الدوحة ابعد شبح الحرب عن لبنان. وحول التبادل الدبلوماسي بين البلدين قال الأسد ان هناك إجراءات قانونية من المتوقع انتهاؤها قبل نهاية العام وسيتم تعيين سفراء بين البلدين.

وبعد انتهاء القمة الرباعية عقد مؤتمر صحافي افتتحه الأسد بالقول: «إننا التقينا منذ نحو أقل من شهرين في باريس، سمو الشيخ حمد والرئيس ساركوزي وأنا، واليوم ينضم الينا الرئيس رجب طيب أردوغان»، مضيفا «أقل من شهرين تبدو قصيرة نسبيا بالنسبة لهذا النوع من اللقاءات لكن بالنسبة لتسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط فهذا زمن يعتبر زمنا طويلا في منطقة تتغير فيها المعطيات بشكل أحيانا شبه كامل، كل شهر، وربما في كل بضعة أسابيع»، لافتا إلى أن «الدول التي لا تتماشى سياساتها مع سرعة هذه الأحداث لا يمكن لها أن تكون دولا فاعلة أو مؤثرة في مجرى الأحداث في مثل هذه المنطقة». وأضاف الأسد أنه «على الرغم من الصورة المعقدة بدأت تظهر بعض البقع المضيئة، والقلق من أن تختفي هذه البقع، والأمل من أن نتمكن من جعلها أكبر هو الذي يدفعنا لمثل هذه اللقاءات وبشكل مكثف، بالإضافة إلى المشاورات التي تحدث بين المسؤولين بشكل مستمر». وفيما يتعلق بعملية السلام، أكد الأسد أن «قطر داعمة بشكل مستمر لعملية السلام، وساركوزي متحمس لان يكون لفرنسا دور في عملية السلام، ففرنسا لها موقع مهم في العالم العربي ولها معرفة كبيرة في منطقتنا ودورها ضروري في عملية السلام». وعن الدور التركي قال ساركوزي «تركيا من الدول القليلة التي اهتمت بعملية السلام جديا في الأعوام الماضية وهي الوحيدة التي استطاعت إطلاق عملية المفاوضات في وقت بدت فيه مستحيلة» وأن «هناك عوامل عديدة أهمها مصداقية الرئيس رجب طيب أردوغان، فمن دون مصداقية وثقة لا يمكن أن تتم رعاية لعملية السلام». وحول الأوضاع في لبنان قال الأسد: «مرتاحون للخطوات الايجابية التي تمت في لبنان بعد اتفاق الدوحة وبعد أن تمكنت قطر من إبعاد شبح الحرب وهناك خطوات لا تزال منتظرة من اللبنانيين ومن بينها الحوار الذي يفترض أن يحل المشاكل العالقة»، لافتا الى أن «الخطوات الايجابية التي تمت مع لبنان كان جزء أساسي منها متعلقا بزيارة سليمان إلى سورية، والخطوات القانونية في العلاقات الدبلوماسية تسير قدما، وهناك إجماع لدعم سليمان لكي يرعى كل هذه الخطوات». من ناحيته، قال أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني حول الاوضاع في لبنان «عانى لبنان من محنة كبيرة والآن بدأ الأمن يستتب»، مؤكدا ضرورة استمرار اللبنانيين في «اتفاق الدوحة والعمل على الحصول على مزيد من الدعم الدولي للتنمية في لبنان». وفيما يتعلق بالدور الأميركي في عملية المفاوضات قال الأسد: «بالنسبة لدور أميركا نحن نتحدث دائما عن ضرورة وجودها لرعاية عملية السلام لعلاقتها مع إسرائيل، والرعاية بحاجة لثقة مع الأطراف المعنية بأي صراع، فلا بد من هكذا حوار، لكنه لم يبدأ حتى الآن، ونحن نتحدث عن المرحلة المقبلة أي بعد الانتخابات الأميركية»، مضيفا «فرنسا وقطر وتركيا لديها علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والدول الثلاث مهتمة بعملية السلام، وأعتقد أنهم سيتصلون بالأميركي ليشجعوه. نحن لم نتحدث عن هذه النقطة لكن هذا شيء بديهي باعتقادي».

من جانبه، قال ساركوزي في إجابة حول المفاوضات الجارية ان «سياسية فرنسا الخارجية تعتمد على الاستقرار، وقطر داعمة للسلام، وفرنسا تعمل جنبا إلى جنب مع قطر. ونحن سعيدون بنجاح قطر في إعادة الاستقرار السياسي في لبنان، وما قام به الأسد في لبنان أعاد العلاقات والثقة بين البلدين، وتركيا لعبت دورا في المفاوضات مع إسرائيل». وأضاف: «نحن مستعدون للقيام بدور في المفاوضات المباشرة وتكلمنا في ما بيننا عن السياسة الحذرة التي يمكن أن تخمد نار الفتن في الشرق الأوسط». وعن الدور الأميركي قال ساركوزي: «نحن أصدقاء الأميركيين ونثق ببعضنا، لكن ليست لدينا تصورات مشتركة في موضوع سورية. نحن بحاجة لسورية لتقنع إيران، وأميركا تعرف دور سورية في هذا الإطار. سورية في انفتاحها السياسي الحالي تجعل الجميع يعرفون دورها». وعن القمة الرباعية قال ساركوزي: «هذا اللقاء الرباعي لن يمنع الآخرين من الانضمام إليها، نحن نريد السلام ويجب أن نستقبل كل القنوات التي قد تقنع إيران بألا تذهب باستراتيجيتها السيئة إلى الاسوأ». من جانبه قال أردوغان حول عملية السلام الجارية: «حاليا هناك 4 مراحل، وهذه المراحل تمت على أربع دورات. وبالنسبة للجولة الخامسة حدثت بعض التطورات على الساحة الإسرائيلية وأدت لتأخير، لكن العملية ستستمر، ونحن على ثقة تامة بأن من سيخلف أولمرت سيستمر بهذه العملية» وأضاف: «أود أن أؤكد أن المفاوضات كانت بناءة وفاعلة ونحن سعداء جدا بما حصلنا عليه من نتائج وباستمرار هذه المفاوضات حتى لو كانت غير مباشرة، لكننا على ثقة أننا سنحصل على الثمار وسنستمر بها».