الجنرال بترايوس يوصي بتأجيل عملية التخفيض الكبيرة في القوات الأميركية في العراق

بوش يدرس التسوية التي تترك لخلفه تقرير التغييرات الرئيسية

TT

أوصى الجنرال ديفيد بترايوس، القائد الاميركي في العراق، الرئيس الأميركي جورج بوش بتأجيل عملية التخفيض الكبيرة لأعداد القوات الأميركية بالعراق حتى العام المقبل، بالإضافة إلى تأجيل نقل أعداد كبيرة من القوات المقاتلة إلى أفغانستان، معربًا عن مخاوفه من تفشي العنف من جديد بالعراق. وفي ظل هذه التوصية، سيتم الإبقاء على المستوى الحالي لوجود القوات الأميركية بالعراق والبالغ 140.000 جندي حتى نهاية فترة رئاسة بوش يناير (كانون الثاني) المقبل. وأوضح مسؤول بالبنتاغون ـ لم يرد الكشف عن اسمه نظرًا لعدم الإعلان عن تلك التوصيات بعد ـ أنه بعد ذلك وبحلول شهر فبراير (شباط) سيتم نقل لواء مقاتل يبلغ حوالي 3500 جندي من العراق. وتأتي هذه الخطوة على سبيل التسوية بين بترايوس ورئاسة الأركان المشتركة، التي تتكون من قادة الجيش، والمارينز، والبحرية، والقوات الجوية. فقد كانت رئاسة الأركان المشتركة تأمل أن يتم تخفيض كبير بين صفوف القوات ـ بأكثر من 10.000 جندي ـ بنهاية العام. فيما كان بترايوس يدفع للإبقاء على المستوى الحالي من القوات البالغ قوامها 140.000، أو الـ 15 لواء ودعم الأفراد حتى يونيو (حزيران) المقبل. وأوضح المسؤول العسكري ـ الذي اشترط عدم ذكر اسمه ـ واصفًا النقاشات الداخلية قائلاً: «إنه حل وسط، حيث إنه يشبه الموازنة بين المخاطر والمتطلبات» وأضاف المسؤول أن أي تغييرات مستقبلية ستقررها الإدارة الأميركية المقبلة.

وتتعارض هذه التوصية التي قدمها بترايوس مع بيانه الذي أدلى به أمام الكونغرس في مايو (ايار) الماضي، حيث توقع فيه أن يتم تخفيض أعداد القوات بحلول الخريف المقبل حتى وإن كان تخفيضًا بسيطًا. فيما تأتي التحذيرات من تخفيض أعداد القوات في خضم الجدال الحاد في الحملة الانتخابية الرئاسية، حيث أثنى المرشح الرئاسي جون ماكين على استراتيجية القوات الخاصة ببوش بينما صرح المرشح الديمقراطي باراك أوباما أنه سيسحب القوات من العراق ليرسل الكثير منها إلى أفغانستان. من ناحية أخرى، أكد المسؤولون بالبنتاغون أن الرئيس بوش لم يقبل بعد تلك التوصيات. وتشير الدلالات إلى أن الرئيس بوش كان دائمًا ما يذعن لبترايوس ـ الذي قبل بدوره التسوية ـ على مدار الـ 18 شهرًا الماضية. وقد صرح البيت الأبيض أن الرئيس بوش ما زال يدرس هذه المشورة. وأحجم جيوف موريل ـ السكرتير الصحافي للبنتاغون ـ عن مناقشة تفاصيل توصية بترايوس، إلا أنه صرح بأنها جَسَرت الهوة بين القادة العسكريين. وقال في بيان له: «يمكنني القول لكم إن هؤلاء القادة متفقون بشكل أساسي بشأن كيفية متابعة الأمور بالعراق، فقد توصلوا إلى اتفاق بعد نقاشات جادة ومطولة حول المكاسب الأمنية الكبيرة بالعراق، كما أن التهديدات ما زالت محدقة، وما زالت الشكوك باقية هناك».

يُذكر أنه على مدار الشهور الأخيرة شدد الأدميرال مايكل مولين ـ رئيس هيئة الأركان المشتركة ـ على أهمية زيادة عدد القوات في أفغانستان للتصدي لتهديد المتطرفين المتزايد. ولكن نظرًا إلى الإجهاد وكثرة الانتشار الحالي بين صفوف القوات المسلحة بسبب العمليات القتالية المكثفة، فإن دعم وزيادة عدد القوات في أفغانستان متوقفان على تقليل حجم القوات بالعراق. ومن أحد مصادر الجهد الزائد بين القوات المسلحة، زيادة أعداد القوات في عام 2007، التي أمر بها الرئيس جورج بوش، وأنهت أعمالها في يوليو الماضي، حيث غادر العراق 21.500 جندي من القوات المقاتلة. وبانتهاء عمل الزيادة الأميركية بالعراق خلال العام، انخفضت أعداد القوات المقاتلة بالعراق تدريجيًا. إلا أن بترايوس طالب بالتوقف في عمليات تخفيض القوات خلال الصيف حتى ينتهي المسؤولون من تقييم الوضع. ومن بين التوصيات الأخرى للبنتاغون بشأن أعداد القوات، طالبت الوزارة بوش إرسال كتيبة مارينز ـ أي حوالي 1000 جندي ـ إلى أفغانستان في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث من المتوقع أن يحلوا محل الـ3200 جندي من جنود المارينز الذين سيتم إرسالهم من العراق في وقت لاحق من العام الجاري. وسيتم إعداد هذه التغييرات في أعداد القوات قبل الربيع المقبل، حيث من المتوقع أن يحتدم القتال، حينها سيدعم لواء إضافي إلى جانب كتيبة المارينز القوات الأميركية في أفغانستان بنحو 1300 جندي. وبالإضافة إلى وحدات المارينز الحالية، هناك حوالي 34.000 جندي أميركي في أفغانستان. وسيحول إصرار بترايوس على الإبقاء على الوجود العسكري الأميركي الكبير في العراق دون حدوث عملية النقل الكبيرة التي تسعى إليها هيئة الأركان المشتركة. تجدر الإشارة إلى أن القادة العسكريين في أفغانستان طالبوا بثلاثة ألوية مقاتلة إضافية، وقد كان قادة هيئة الأركان المشتركة يأملون في أن يستطيعوا إرسال لواء واحد على الأقل بنهاية العام الجاري. على صعيد آخر، أعرب الجنرال بترايوس عن قلقه من رحيل دول أخرى من الائتلاف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، متضمنًا تخفيض أعداد القوات البريطانية والاستدعاء المفاجئ من قبل جورجيا لجنودها البالغة أعدادهم 2000 الشهر الماضي. وقد أحجم مسؤولو البيت الأبيض عن التعليق على توصية بترايوس، ومن المتوقع أن يلقي مولين ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بشهادتيهما أمام الكونغرس يوم الأربعاء حول توصية بترايوس، ويُتوقع أن يعلن بوش عن قراره في هذا الصدد بعد ذلك بفترة وجيزة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»