مصادر أوروبية وإسرائيلية: المفاوضات مع دمشق تستأنف بعد أسبوعين بحضور مندوب أميركي

باراك يطالب أن تكون مفاوضات سرية ويسخر من تهديدات نصر الله

TT

على الرغم من الأجواء التشاؤمية المنتشرة في دمشق والقول ان المفاوضات مع اسرائيل ستؤجل الى ما بعد تسوية الأزمات الحزبية للائتلاف الحاكم برئاسة ايهود أولمرت، أكد مصدر أوروبي رفيع في تل أبيب أمس ان المفاوضات ستستأنف بعد أسبوعين في اسطنبول وان مسؤولا أميركيا رفيعا سيشارك فيها بصفة مراقب.

وعقب مسؤول اسرائيلي على هذا الاعلان بالتأكيد ان هناك أساسا من الصحة لما قاله المسؤول الأوروبي. وأوضح ان هذا المسؤول قدم الى اسرائيل صباح أمس ليطلع المسؤولين فيها عن نتائج القمة الرباعية في دمشق (سورية وفرنسا وقطر وتركيا) وانه طرح موعدا محددا لاستئناف المفاوضات هو الثامن عشر من الشهر الجاري. وقال ان هناك مساع جارية حاليا لتغيير شكل المفاوضات غير المباشرة لتصبح مفاوضات مباشرة حول طاولة واحدة.

وقال المسؤول الاسرائيلي ان حكومته تطالب منذ البداية أن تكون المفاوضات مباشرة وترى ان المفاوضات القائمة حاليا تثير تعليقات ساخرة في اسرائيل ودول الغرب، حيث ان الوفدين يجلسان كلا في غرفة والوسطاء الأتراك يتنقلون بين الغرفتين لنقل الأفكار والرسائل. ولكن سورية تصر على هذا الشكل طالما ان الولايات المتحدة لا تشارك في المفاوضات وترى انه من دون مشاركة أميركية جدية، لا أمل في هذه المفاوضات. وعندما تقرر أن يشارك في المفاوضات مساعد وزيرة الخارجية الأميركي دافيد وولش، تغير الموقف السوري كما يبدو، لكن دمشق اشترطت أن يبدأ الطرفان ومن جلسة المفاوضات المباشرة الأولى الحديث عن مسألة الحدود.

وفي السياق نفسه، صرح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أمس أن المفاوضات مع سورية يجب أن تتم بسرية تامة. وقال «التصريحات التي سمعناها من الرئيس السوري وغيره من المسؤولين في دمشق، والتي راحوا يتحدثون فيها عن أهمية العلاقات مع ايران ومع حزب الله في لبنان، تؤكد الحاجة لهذه المفاوضات السرية. فعندما تكون المفاوضات علنية، يحاول كل طرف وليس السوري فقط، استعراض عضلاته وقد يطلق تصريحات متطرفة تلزمه في اطار التنافس على الكلمات الكبيرة. لذلك، يفضل الحوار بسرية وهدوء. فكل طرف يعرف ما الذي يتوقعه الطرف الآخر منه، ولا حاجة للمزايدات».

وكان باراك يتكلم في جلسة لقيادة حزب العمل الذي يرأسه، فقال ان اسرائيل تدير المفاوضات مع سورية من خلال حرصها على مصالحها السياسية والأمنية. فإذا نجحت هذه المفاوضات، فإن خريطة الشرق الأوسط ستتغير لصالح كل شعوب المنطقة. وسئل باراك عن رأيه في تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله التي جاءت خلال حفل الافطار الرمضاني الذي اقامته هيئة دعم المقاومة الاسلامية في مدينة النبطية جنوب لبنان، وهدد فيها بتدمير الفرق القتالية الخمس المختارة للجيش الاسرائيلي في حال شن حرباً جديدة على لبنان. فأجاب باراك: «لا تكترثوا لهذه التصريحات. وتذكروا دائما ان نصر الله يتكلم من وراء شاشة بعيدة مختبئا. وإسرائيل تتابع عن كثب ما يحصل في الجانب الآخر من الحدود وما يحدث على وجه الأرض وتحت وجه الأرض، وأنا أنصح جيراننا بعدم ارتكاب الخطأ وعدم وضعنا تحت الاختبار، لأننا جاهزون لأية محاولة لخرق التوازن الهش القائم وبشكل لم يسبق له مثيل».

وقال باراك ان الجيش الاسرائيلي أعاد بناء نفسه خلال السنتين الماضيتين بعد الاستفادة القصوى من إخفاقات الحرب الأخيرة. وأصبحت لديه «أجوبة أخرى» لكل التحديات في المنطقة، الصغيرة منها والكبيرة. وأضاف: «نحن ننشد السلام ونريد لشعبنا فقط الحياة الآمنة والازدهار، ولكننا لن نسمح لقوى الشر والارهاب أن ترفع رأسها ضدنا بعد اليوم».

من جهة ثانية، خرج الجنرال في الاحتياط، موشي عبري سوكينيك، بتصريحات مغايرة حول جاهزية الجيش، وقال خلال محاضرة له في مجلس الأمن القومي ان الجيش قبل حرب لبنان كان «صدئا»، وعاد الى اسرائيل بعد الحرب بنتائج مخجلة. وحذر من أن الجيش غير جاهز لخوض حرب، ووجه انتقادات شديدة لخطة التدريبات التي نفذها الجيش، وقال إنها «لا تكفي لمواجهة التحديات المتوقعة».

وفي دمشق، رفض مصدر مطلع الدخول في حديث حول ما يتردد من أنباء عن إرسال أو عدم إرسال مراقب أميركي إلى جولة المفاوضات غير المباشرة المقبلة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، ان «سورية غير معنية» بذهاب مراقب أميركي إلى المفاوضات غير المباشرة. وتابع المصدر إن «سورية بالأساس لا تعتقد أن أميركا في ظل الإدارة الحالية معنية بعملية السلام على المسار السوري»، مضيفا ان «السوريين يتطلعون في المستقبل الى أن تكون هناك إمكانية لبدء مفاوضات مباشرة مبنية على الأسس التي طرحوها، وبرعاية أميركية فرنسية تركية، وأي طرف آخر يرغب بذلك لكن في الوقت الحاضر ذهاب مراقب أو عدم ذهاب مراقب أميركي للمفاوضات غير المباشرة أمر لا يعني السوريين، لأنهم بالأساس لا يعتقدون أن الإدارة الأميركية الحالية سوف تلعب أي دور في ما يتعلق بعملية السلام على المسار السوري، باعتبارها لا ترغب في ذلك ولم يعد لديها الوقت». وأشار المصدر إلى ان تصريح الرئيس بشار الأسد في هذه الخصوص كان واضحا، بأن سورية حين تتحدث عن دور أميركي فهو حديث عن «المرحلة المقبلة أي بعد الانتخابات الأميركية».