باريس: متمسكون بالتزاماتنا.. وانفتاحنا على سورية لا يتم على حساب لبنان

المقاربة الفرنسية تشمل مفاوضات السلام بين دمشق وتل ابيب

TT

قالت مصادر فرنسية رسمية إنه «لا سبب يدعواللبنانيين الى القلق من التقارب بين فرنسا وسورية» إثر زيارة اليومين التي قام بها الرئيس نيكولا ساركوزي الأربعاء والخميس الماضيين الى دمشق.

وأكدت المصادر الدبلوماسية التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» أمس أن «التزام فرنسا بلبنان وبالثوابت التي عبرت عنها السياسة الفرنسية باستمرار قائم ولم يتغير»، مضيفة أن الانفتاح على سورية «لا يتم على حساب المصلحة اللبنانية العليا إطلاقا».

وتقول باريس إن الهدف الأول لفرنسا، بالنسبة الى لبنان «كان وما يزال تشجيع الدينامية الإيجابية» التي أظهرتها سورية من خلال الخطوات التي أنجزت في الأشهر الأخيرة والتي «وضعت حدا للفراغ الدستوري وشهدت إعادة إحياء المؤسسات اللبنانية التي كانت معطلة».

وشددت المصادر الفرنسية على ان باريس «تعرف الى أين تذهب» ولا تقدم على الإنفتاح على سورية «بسذاجة» بل إنها تسعى الى «بناء علاقة قوية معها مرحلة بعد مرحلة» وأنه «كان من الضروري مرافقة وتشجيع التوجهات الإيجابية» لدمشق.

وتقول باريس إنه «ما زال هناك الكثير يجب إنجازه في لبنان ونحن مستمرون في متابعة الملفات المقلقة فيه». وتؤكد باريس أنها «تتابع السلوك السوري والدور الذي تقوم به دمشق وهذا الدور هو الذي يحدد الخطوات الفرنسية اللاحقة تجاهها».

غير أنه من وجهة النظر الفرنسية، لا تنحصر المقاربة الفرنسية بالملف اللبناني وحده «رغم أهميته» بل تشمل «تشجيع سورية على الإستمرار في محادثات السلام مع إسرائيل»، إذ أن كل ذلك «يصب في ضمان استقرار منطقة الشرق الأوسط».

وبشكل عام، تعتبر باريس أن زيارة ساركوزي الى دمشق «حققت أهدافها» و«يمكن وصفها بالناجحة بالنظر الى النتائج التي آلت إليها إن على صعيد العلاقات الثنائية الفرنسية ـ السورية أو بخصوص المسائل الإقليمية (لبنان ومفاوضات السلام والدور الفرنسي والأوروبي)».

وأشارت المصادر الفرنسية الى «التزام» الرئيس ساركوزي بـ«مساعدة لبنان وهو ما أشار اليه أثناء زيارته الأخيرة الى بيروت» والى «إبقاء لبنان محوريا» في تعاطيها مع الملف السوري.

أما بخصوص التحفظات الأميركية، فقد أكدت هذه المصادر أن باريس وواشنطن «متفاهمتان» وأن الأميركيين «يعرفون ما نعمل ويعرفون الأهداف التي نسعى اليها»، مشيرة في الوقت عينه الى أن لفرنسا «الحق في اتباع السياسة التي ترى فيها تحقيقا لمصالحها».

وتساءلت هذه المصادر: «ما هو الأفضل؟ هل علينا أن نقف متفرجين بانتظار ان يتحقق كل ما نريد؟ أم أن الأفضل هو أن نواكب ونشجع ونبني علاقة (مع سورية) يستفيد منها اللبنانيون وتفيد الاستقرار والسلام في المنطقة؟»، لتخلص الى القول إن فرنسا «اختارت الطريق الثانية التي ربما تكون الأصعب».

وأشارت هذه المصادر الى الانتقادات التي صدرت عن بعض الأطراف اللبنانية لتوجهات الدبلوماسية الأوروبية، معتبرة أنه «ليس لها ما يبررها»، خصوصا أن باريس «لم تخل البتة بالتزاماتها تجاه لبنان» وما زالت «متمسكة بسيادة لبنان وباستقرار قراره السياسي» وأنها «ترفض اليوم كما الأمس الوصاية السورية عليه وعلى قراره».

وفي الملف النووي الإيراني، ترى باريس أنه «كان من الضروري أن يقول ساركوزي ما قاله في دمشق حول اللعبة الخطرة التي تلعبها طهران وبحضور مسؤولين لا ينظرون الى الملف النظرة نفسها للدول الغربية وما يمكن أن يفضي اليه الوضع: إما حصول إيران على القنبلة النووية أو تعرضها لقصف إسرائيلي أو أميركي». وتنفي باريس ان يكون ساركوزي قد كلف الرئيس السوري لعب دور الوسيط بل «إيصال الرسائل» الى القيادة الإيرانية رغم أن موقف سورية الرسمي يتبنى الطرح الإيراني لجهة التأكيد أن برنامج طهران النووي سلمي الطابع.

وتبدي باريس «تفاؤلا» بمستقبل التعاون الاقتصادي والثقافي مع دمشق، وهو ما تمثل بتوقيع عدة اتفاقيات للتعاون الاقتصادي. لكن يبقى عالقا ملف التصديق على اتفاقية الشراكة السورية ـ الأوروبية. وفي هذا الخصوص، أفادت المصادر الفرنسية أن ثمة توجهين يمكن سلوكهما: إما التصديق على هذا الاتفاق الذي وقع عليه بالأحرف الأولى عام 2004 من غير تعديل وبعد قبوله من قبل بلغاريا ورومانيا اللتين انضمتا بداية العام الماضي الى الاتحاد، وإما إعادة النظر به وتحديثه وتعديله، وهو ما سيأخذ وقتا.

وقال الناطق المساعد باسم الخارجية إن الوزير كوشنير «ربما طرح الموضوع على نظرائه الأوروبيين» في اجتماعات أمس أو اليوم في أفينيون. وبحسب المصادر الفرنسة، فإن اختيار هذه الطريقة أو تلك «سيكون له مدلول سياسي، إذ سيظهر ما إذا كان الأوروبيون يريدون جماعيا تسريع التطبيع مع دمشق أم لا». وحتى الآن، لم تعرب سورية عما تريده من الاتفاق، وهو سيكون موضع محادثات لاحقة بين الطرفين.