رايس: ليس لنا أعداء دائمون.. وزيارتي استثنائية

قالت: «عندما تتغير الدول في الاتجاه الصحيح.. تكون الولايات المتحدة مستعدة للاستجابة

وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس اثناء وصولها الى مطار طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

في اول زيارة لمسؤول اميركي رفيع الى ليبيا منذ عام 1953، وصلت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى طرابلس أمس، إيذانا بانتهاء عقود من العداء المستحكم بين نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والولايات المتحدة، قد يتوج بتطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية قريبا.

وقالت رايس للصحافيين المرافقين لها الى طرابلس ان الزيارة دليل على ان واشنطن ليس لها «أعداء دائمون». وقالت ان ليبيا تتغير.. ونحن نريد ان نبحث كيفية هذا التغيير.

واجتمعت رايس في طرابلس بالزعيم الليبي معمر القذافي بعد ان عقدت جلسة محادثات مع وزير الخارجية عبد الرحمن شلقم. وقالت في تصريحات ان زيارتها تظهر أنه «عندما تكون الدول مستعدة لاحداث تغييرات استراتيجية في الاتجاه الصحيح.. تكون الولايات المتحدة مستعدة للاستجابة. بصراحة لم أظن مطلقا أنني سأزور ليبيا.. لذلك فهذا شيء استثنائي».

واضافت «هذه الزيارة اقرار بمدى ما وصلت اليه العلاقات الليبية الاميركية.. لكن هذه هي البداية وليست النهاية». وطرابلس التي امضت رايس فيها ساعات، هي محطتها الاولى ضمن جولتها المغاربية التي ستنقلها إلى تونس والجزائر والمغرب.

واشاد البيت الابيض بـ«الفصل الجديد» في العلاقات الاميركية مع ليبيا التي كانت خصمها لفترة طويلة. وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض ان «زيارة رايس الى ليبيا تمثل فصلا جديدا في العلاقات الثنائية» بين البلدين.

واضافت ان العلاقات «تغيرت في اعقاب قرار البلد (ليبيا) التخلي عن اسلحة الدمار الشامل وقدراتها على انتاجها. وهذه تغيرات كبيرة ومهمة». واضافت «اننا بتحسين علاقاتنا مع ليبيا سنتمكن من توسيع التعاون الثنائي في العديد من المجالات ومن بينها التعليم والثقافة والتجارة والعلوم والتكنولوجيا وبالتاكيد الامن وحقوق الانسان».

وكان اخر وزير خارجية اميركي يزور ليبيا هو جون فوستر دالاس في مايو (ايار) عام 1953 قبل ان تولد رايس.

واجتمعت رايس مع وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم وكان من المتوقع أن تتناول وجبة الافطار مع القذافي. وقالت رايس انها تعتزم مناقشة قضايا من بينها الصراع في السودان ودور ليبيا «المهم» هناك.

وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان ان واشنطن تتفاوض أيضا بشأن «مذكرة تفاهم عسكرية» مع ليبيا التي تتعاون في مكافحة الارهاب وساعدت في كبح تدفق المسلحين على العراق. ويتوقع أيضا أن تثير رايس بعض قضايا حقوق الانسان وان تضغط على القذافي بشأن اتفاق التعويضات الذي وقع في 14 اغسطس (اب).

وانتهت ليبيا يوم الاربعاء من الترتيبات القانونية لتأسيس صندوق ستودع فيه هذه التعويضات لكن مسؤولا اميركيا كبيرا صرح بأن الامر سيستغرق «أكثر من أيام» قبل امكان دفع اموال للجانبين. ويشمل الضحايا الاميركيون من قتلوا في تفجير طائرة بان اميركان فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988 والذي تسبب في مقتل 270 شخصا والهجوم الذي وقع عام 1986 على ملهى في برلين والذي ادى الى مقتل ثلاثة وجرح 229. كما يعوض الاتفاق الليبيين الذين قتلوا عام 1986 حين قصفت الطائرات الاميركية طرابلس وبنغازي وقتل في الهجوم 40 شخصا.

وتعرضت رايس لانتقادات في الولايات المتحدة لتوجهها الى ليبيا قبل دفع أموال التعويضات. كما انتقدتها جماعات مدافعة عن حقوق الانسان بسبب قضايا اخرى منها قضية المعارض السياسي المريض فتحي الجهمي وهي قضايا لم تحسم.

وقال محمد الجهمي شقيق المعارض الليبي الذي يعيش في الولايات المتحدة قرب بوسطن ان رايس تخطئ بلقاء القذافي بينما يحتجز شقيقه في حجرة بمستشفى «موبوءة بالصراصير والبق». لكن رايس ذكرت أنها ستبحث محنته مع القذافي. وقالت «بالطبع سأثير القضية. من المهم الافراج عنه.. ليس كبادرة حسن نية.. لكن من المهم الافراج عنه».

وخلافا لما كان متوقعا فقد غاب عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي عن مراسم استقبال رايس في المطار، بينما استقبلها بدلا منه أحمد الفيتوري مدير إدارة الأميركتين بوزارة الخارجية الليبية والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا. وقال مايكل تالاتييه مدير مكتب التواصل الإقليمي بوزارة الخارجية الأميركية المتواجد في طرابلس لمرافقة رايس، إن وزيرة الخارجية وصلت على رأس وفد دبلوماسي يضم عددا من كبار مساعديها بمن فيهم ديفيد ولش مساعدها لشؤون الشرق الأدنى والذي سبق أن لعب دورا ايجابيا في تطوير العلاقات الليبية الأميركية.

وأوضح مايكل في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من العاصمة الليبية أنه يفترض أن تغادر رايس ليبيا في حوالي الساعة العاشرة من مساء أمس عقب عقد مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الليبي عبد الرحمن شلقم في أحد فنادق طرابلس.

وتنقل رايس لـ«القذافي» رسالة من الرئيس الأميركي جورج بوش تتعلق بالتطورات الراهنة على صعيد العلاقات الثنائية بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ومن المتوقع أن يتم الإعلان خلال وجود رايس في ليبيا عن الاستئناف الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين طرابلس وواشنطن، تتويجا للتحسن المطرد الذي شهدته هذه العلاقات في نهاية الفترة الثانية والأخيرة من إدارة بوش.

وقال مسؤولون ليبيون إن رايس وصلت على متن طائرة أميركية ترافقها طائرات من سلاح الجو الأميركي على رأس وفد يضم نحو أربعين شخصا نصفهم على الأقل من فريق الدعم والحماية الشخصية بالإضافة إلى مترجم.

وقبل وصول رايس أجرى وفد أميركي يضم عملاء من المخابرات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالية مسحا أمنيا بالتعاون مع السلطات الليبية لتأمين زيارة رايس التي تعتبر أول وزير خارجية أميركي يزور ليبيا منذ عهد الرئيس الأميركي الراحل آدويت ايزنهاور عام 1953.

وتقول مصادر غربية إن ليبيا ترغب في أن تبرم اتفاقيات عسكرية وأمنية مع الولايات المتحدة تتيح للجيش الليبي إمكانية الحصول على أحدث الأسلحة أسوة بمعظم دول المنطقة. ولسنوات طويلة اعتمد الجيش الليبي النظامي الذي يقدر عدده في أحسن الأحوال بنحو 15 ألف جندي بالإضافة إلى نحو سبعين ألفا من ميلشيات جيش الشعب المسلح، على السلاح الروسي مع تنويعات محدودة من دول شرقية وغربية أخرى.

يشار إلى أن الحكومة الأميركية، كانت قد أغلقت في شهر مايو (أيار) 1981، المكتب الشعبي (السفارة الليبية) في واشنطن العاصمة وطردت الموظفين الليبيين كرد على ما وصفته وقتها بنمط عام من السلوك غير المقبول.

وفي شهر فبراير (شباط) عام 2004 أعادت الولايات المتحدة فتح قسم رعاية مصالحها بطرابلس، كما ألغت الحظر المفروض على جوازات السفر بالنسبة للسفر إلى ليبيا.