خبراء من الأمن القومي يساعدون بالين في مراجعة السياسة الخارجية

سافرت مرتين خلال عملها كحاكم لألاسكا.. ولا يعرف لها سجل حول العلاقات الخارجية

TT

قال مسؤولون في الحملة الانتخابية للسيناتور جون ماكين المرشح لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إن السيناتور جوزيف ليبرمان واحد من بين العديد من خبراء الأمن القومي الذين يساعدون ساره بالين المرشحة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري، حول قضايا السياسة الخارجية، في الوقت الذي تسعى فيه بالين بقوة إلى عقد مناظرة مع خصمها الديمقراطي السناتور جوزيف بايدن خلال أقل من شهر.

وقالت مصادر مطلعة إن ليبرمان، الذي ترشح لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الديمقراطي في عام 2000 والذي يعمل الآن كعضو مستقل، ساعد في تقديم بالين إلى المسؤولين في لجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الأميركية والتي تناصر الدولة اليهودية. وقد قامت بالين الثلاثاء الماضي بإلقاء خطابها الجماهيري الأول في المؤتمر الانتخابي للجمهوريين حيث أكدت على دعمها القوي لإسرائيل وعلى رغبتها في أن ترى الولايات المتحدة تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس وعلى معارضتها لطموحات إيران النووية.

تلك الأحاديث تقدم نظرة مختصرة حول وجهات نظر حاكمة ولاية ألاسكا، التي تولت منصب حاكم الولاية لفترة واحدة ولا يعرف لها سجل حول العلاقات الخارجية ولم تسافر بصورة موسعة خارج الولايات المتحدة، فقالت ماريا كوملا المتحدثة باسم بالين، إنها خلال عملها كحاكم للولاية سافرت مرتين خارج الولايات المتحدة في الصيف الماضي، الأولى كانت إلى كندا والثانية كانت تحت رعاية البنتاغون حيث سافرت إلى الكويت وألمانيا، قامت خلالها بتوقف قصير في أحد المواقع العسكرية في العراق، لزيارة أفراد الحرس الوطني من ولاية ألاسكا المتواجدين هناك كما أنها سافرت في رحلة إلى المكسيك على نفقتها الخاصة.

وقد أثنى مسؤولو حملة ماكين ومستشاروه للسياسة الخارجية على بالين بأنها سريعة التعلم ولديها حكمة ووجهة نظر سديدة ستفيدها في التعامل مع مسائل الأمن القومي، غير أن المسؤولين عن السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري أعربوا عن قلقهم من اهتمام ماكين بالأمور الثانوية المتعلقة بالأمن القومي في الوقت الذي تواجه البلاد تحديات كبرى كحرب العراق وأفغانستان والأنشطة النووية لكل من إيران وكوريا الشمالية.

وتساءل واحد من كبار مفكري المحافظين المهتمين باتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية والذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه «إن حديثها (بالين) يثير إعجاب الجماعات المناصرة للأسرة والجماعات الرافضة لرفع الضرائب، لكن هل بإمكانها التعامل مع اتخاذ قرارات هامة بشأن قضايا الدفاع والخارجية المعقدة؟».

وقد قدم الديمقراطيون تقييماً أكثر انتقاداً. فتقول ديبي واسرمان شولتز عضو الكونغرس في احدى المقابلات: «بالرغم من كم المعلومات الكبير الذي يمكن أن يقدمه ليبرمان إليها إلا أنه لا يستطيع أن يقدم لها الخبرة التي تفتقدها بشدة»، كما أشارت إلى أن إحدى مهام نائب الرئيس العمل كبعوث خارجي خلال الأزمات الدولية فتقول: «المشكلة بالنسبة لبالين أنها إلى جانب افتقارها عامل الخبرة فإنها تترشح مع رجل يبلغ من العمر 72 عاماً ولو أن شيئاً حدث له، لا قدر الله، فإن الأمر سيكون مثيراً للفزع لأنها ستكون مسؤولة عن السياسة الخارجية الأميركية».

وعند إشارتها إلى أن نائب الرئيس يحضر جلسات مجلس الأمن القومي قالت واسرمان «ما النصيحة التي يمكن أن تقدمها بالين لماكين؟ ربما لن تفعل شيئاً ولن يكون سوى مقعد شاغر».

وقد حاول بايدن المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس وعضو لجنة مجلس الشيوخ للسياسة الخارجية تجنب الهجوم على بالين بالقول في برنامج توداي شو على قناة إن بي سي «أعتقد أنها مثيرة للإعجاب، فلديها قصة نجاح رائعة وعائلة عظيمة». وقد حاول مستشارو الحملة والعاملون الآخرون السعي إلى تهدئة المخاوف بشأن خبرتها فيقول ميت رومني الحاكم السابق لولاية ماساشوتس في مقابلة مع مراسلي ومحرري صحيفة واشنطن بوست «إن سارة بالين ستكون جزءاً من الفريق، وإن ماكين لديه من الخبرة بالسياسة الخارجية وسجل الإنجازات في واشنطن التي يمكن أن تقترن مع خبرة بالين كإصلاحية وكحاكمة وكتنفيذية، وبذلك سيشكلون فريقاً قوياً، ولكن دعونا ألا ننسى أنه الرئيس وأنها نائبة الرئيس، وعلى الجانب الديمقراطي فالمرشح للرئاسة لديه خبرة ضئيلة جدًا بأمور السياسة الخارجية والشؤون الداخلية وأنا أتساءل كيف حدث ذلك». وقد رشح مسؤولو حملة ماكين ستيفن إي بيجن مستشار الأمن القومي لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ بيل فرست لكي يكون مستشار بالين للسياسة الخارجية، وقال المسؤولون إن بيجن الذي يعمل حالياً كنائب رئيس في شركة فورد لن يعمل كمعلم لبالين لكنه سيقدم لها مذكرات مختصرة حول تفاصيل القضايا الهامة بصورة قد تبدو مماثلة لما يتلقاه المرشحون الآخرون.

ويقول جون ليبرمان وزير البحرية السابق الذي يعمل كأحد مستشاري ماكين «ليس الهدف من تلك المحاولة أن يكون بيجن معلماً لها في الشؤون الخارجية وإنما إطلاعها على دقائق قضايا السياسة الخارجية الهامة وموقف جون ماكين، ولقد أدهشت الجميع بمدى خبرتها الحالية بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط وهي لا تدعي أنها خبيرة بقضايا الشؤون الخارجية لكنها ليست ذلك الشخص الذي لم يفكر في تلك القضايا على الإطلاق».

وفي بداية عملها كحاكمة لم تتطرق إلى السياسة الخارجية، ولم تقدم سوى إشارات عابرة عن تلك الأمور منذ انتخابها، وفي إحدى المناسبات ركزت حديثها عن مسألة الطاقة في سياق العلاقات الدولية وكحاكمة لولاية ألاسكا فقد قضت وقتا طويلاً في مسائل استخراج النفط والتنقيب.

وقالت بالين في كلمتها في مائدة الغداء التي أقامها اتحاد الحكام الجمهوريين «أنا شاكرة المؤسسة التي تمدنا بالطاقة والتي تسمح لنا بتقليل الاعتماد أكثر وأكثر على مصادر الطاقة الخارجية ـ تلك المصادر التي تتحكم بها في بعض الحالات أنظمة خطرة ومتقلبة بصورة خطرة، وكل ذلك إنما هو من أجل استقلال الطاقة وأمننا القومي».

وكمثال على قبول أوراق اعتماد بالين الدولية قدم مسؤولو حملة ماكين قائمة بأسماء 15 ممثلاً تجارياً من الصين وتايلاند والنرويج وسيشل كانت بالين قد التقتهم أثناء عملها كحاكمة.

وقد تحدثت بالين عن العراق من ناحيتي السياسة وعلاقتها الشخصية بالحرب فخلال خطاب قبولها ليلة الأربعاء ذكرت أنه ليس فقط ابنها تراك، 19 عاماً، الذي سيتوجه إلى العراق الأسبوع المقبل مع إحدى وحدات المشاة، بل إن ابنة أخيها كيسي تؤدي الخدمة في إحدى حاملات الطائرات الموجودة الآن في الخليج العربي. وتحدثت سارة بالين أمام الحشود الغفيرة المتجمعة في المؤتمر: «إني مجرد واحدة من الكثير من الأمهات اللائي يقلن إن المزيد من الصلوات في كل ليلة لأبنائنا وبناتنا (في الحرب) الماضين إلى ويلات الحروب». كما سخرت من المرشح الديمقراطي باراك أوباما في خطابها جراء سياسة الحرب الخاصة به، حيث أوضحت أنها (أي السياسة) ستقوض من المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط . وأضافت: «إن النصر في العراق على مرأى من البصر أخيراً، وهو يريد أن يخسر بخطئه، فالدول الإرهابية مازالت تسعى نحو الأسلحة النووية بلا توان، وهو يريد أن يلتقي معهم دون شروط مسبقة».

وفي وقت سابق في مارس (آذار) 2007، أشارت بالين إلى أنها ليست منغمسة في تفاصيل جهود الحرب الأميركية. وفي مقابلة مع مجلة ألاسكا بيزنس مونثلي قالت بالين: «إنني لم أركز كثيراً بعد على الحرب في العراق، لقد سمعت عن الأنباء التي تتعلق بعمليات نشر القوات الجديدة، وبينما أساند رئيسنا الحالي.. أريد أن أعلم أننا لدينا خطة للخروج».

وتضمنت إحدى الاجتماعات القليلة لبالين هذا الأسبوع، لقاءها مع الجماعات الخارجية لمنظمة إيباك، في إشارة إلى كيف أن من المهم سياسياً لمرشح بالحزب الجمهوري أن يُظهر دعمه وتأييده لإسرائيل. وقال جوش بلوك ـ الناطق باسم إيباك: «لقد أجرينا نقاشات جيدة ومثمرة حول أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ونحن سعيدون من إظهار بالين لالتزامها العميق والشخصي بأمن ورفاهية إسرائيل، كما أنها عبرت أيضاً عن دعمها للعلاقة الخاصة بين الديمقراطيتين وأكدت أنها ستعمل لتعزيز الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل».

* خدمة واشنطن بوست خاص بـ «الشرق الأوسط»