تيار المستقبل: الحريري في طرابلس لـ«رعاية المصالحة» وإفشال «المخطط السوري» لربطها بالإرهاب

حذر من التعامل مع العلويين في الشمال كأنهم جالية سورية

سعد الحريري محاطا بمؤيديه خلال زيارته لمدينة طرابلس أمس (أ. ف. ب)
TT

انتقل رئيس كتلة «المستقبل» النيابية اللبنانية سعد الحريري أمس الى مدينة طرابلس للإقامة فيها لثلاثة أيام عنوانها الاول «المصالحة» بين أبناء مدينة طرابلس، كما أكدت مصادر تيار «المستقبل» لـ «الشرق الاوسط»، مشيرة الى ان الحريري يهدف الى رعاية المصالحة باعتبار أن تيار المستقبل ليس طرفا في المشكلات القائمة في المدينة منذ أشهر.

وقالت المصادر ان الحريري يسعى لاستخدام «رصيده الشخصي ورصيد والده الرئيس الراحل رفيق الحريري مع السنة في طرابلس لدفعهم الى المصالحة»، أما همه الأول فهو «إفشال المخطط الذي فضحه (الرئيس السوري بشار) الاسد بكلامه عن طرابلس والارهاب في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعيد القمة الرباعية في دمشق قبل ايام». ومن المتوقع أن يطلق الحريري دعوات ايجابية باتجاه الطائفة العلوية باعتبار أن ابناءها في طرابلس هم «لبنانيون كبقية سكان المدينة»، وأنه سيدعو الى التعامل معهم ومع مصالحهم وامنهم «كما نتعامل مع أي لبناني»، محذرا من محاولة اظهار العلويين في لبنان وكأنهم جالية سورية ليتدخل النظام السوري في الشأن اللبناني بذريعة حمايتهم ورعايتهم، بينما الحماية والرعاية هما مسؤولية وواجب لبنانيان.

واجرى الحريري فور وصوله الى طرابلس اتصالات هاتفية بكل من الرئيسين السابقين للحكومة عمر كرامي ونجيب ميقاتي والنائب موريس فاضل وتداول معهم في اوضاع المدينة وشؤونا عامة. كما استقبل في مقر اقامته في فندق «كواليتي- إن» وزير الاقتصاد محمد الصفدي والنواب سمير الجسر ومحمد عبد اللطيف كبارة ومصطفى هاشم، في حضور قائد منطقة الشمال العسكرية العميد الركن عبد الحميد درويش وقائد سرية طرابلس في قوى الامن الداخلي العقيد بسام الايوبي، وعرض معهم اوضاع المدينة وشؤونها لاسيما الامنية منها.

واستقبل الحريري ايضا مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الذي اشار الى ان الحريري «يحمل بعض مشاريع الخير، ولعل من مشاريعه الاساسية التشاور في موضوع المصالحة التي ستظهر آثارها قريبا بين ابناء البلد الواحد، ابناء منطقة التبانة ومنطقة جبل محسن. آمل ان تمحى هذه التفرقة لاننا ابناء بلد واحد، ونعيش كما كنا في السنوات الماضية دون اي شعور بالتفرقة او الحرمان باذن الله». وقال: «لقد قدم الينا الشيخ سعد ويريد ان يتشاور مع فاعليات المدينة كلها وخاصة مع الجهة التي كنا نجتمع معها دائما حول استيعاب اي مشكلة في الشمال ليقف على رأيهم وليأخذ المبادرة اذا اكتمل التصور لنعلن باذن الله ان المصالحة اصبحت قاب قوسين، ولعلنا نهنئ فيها اخواننا في الشمال قبل حلول عيد الفطر المبارك». واعلن الرئيس السابق للحكومة، واحد فاعليات مدينة طرابلس، نجيب ميقاتي «أن البحث بدأ جديا في إجراء مصالحة بين مختلف أبناء المدينة بعد الاحداث الاخيرة التي شهدتها المدينة»، مؤكدا «أننا قريبون من تحقيق هذه المصالحة»، مشيرا الى «أننا في صدد البحث في مضمون هذه المصالحة وآليتها».

وقال: «في الفترة الماضية كانت الاوضاع المتردية في طرابلس هي الحدث في كل وسائل الاعلام، ولكن، مع بداية هذا الاسبوع تغيرت الصورة نحو الايجابية بدءا باليوم الطرابلسي الطويل في السراي الحكومي، وكان هناك إجماع على أمرين أساسيين هما أمن طرابلس والمصالحة بين أبنائها. وتلا ذلك خطاب النائب سعد الحريري الذي تناول فيه موضوع المصالحة. اليوم بدأ تنفيذ الخطوات على الارض بدءا من تنفيذ القرار الحازم للدولة اللبنانية والجيش بحفظ الامن، وقد لمسنا بعض الامور الميدانية في هذا السياق. أما موضوع المصالحة فقد بدأ البحث الجدي في شأنه بتجاوب من كل الاطراف، ونحن في صدد البحث في مضمون هذه المصالحة وآليتها، وما يمكنني قوله الآن إننا قريبون من تحقيق المصالحة بين مختلف الاطراف الطرابلسية».

وردا على سؤال عن الحملات العديدة التي تربط بين طرابلس والارهاب، قال: «طرابلس مدينة معروفة بتسامحها وحسن ضيافتها وحفاظها على كرامتها، وبأنها تضم كل مكونات المجتمع اللبناني. قد يكون هناك تطرف ديني معين في بعض مناطق طرابلس ولكن السمة الاجمالية لطرابلس هي الاعتدال والوسطية بكل ما للكلمة من معنى».

ورفض الوزير محمد الصفدي «أي خطاب أو موقف سياسي من شأنه أن يضعف الموقع الوطني لمدينة طرابلس ويفقدها هويتها كعاصمة حاضنة للشمال بجميع مناطقه وطوائفه». ودعا الجميع الى «تحمل مسؤولياتهم والى رفع الغطاء عن العابثين بالأمن»، مؤكدا ثقته بالجيش اللبناني «الذي أوكلت اليه مهمة بسط الأمن ومنع تجدد الاشتباكات والاعتداءات على المواطنين الآمنين». ورحب بزيارة سعد الحريري لطرابلس وقال: «إنه بين أهله، ونحن واياه في موقع تحقيق المصالحة بين أبناء طرابلس وتعزيز الخطاب المعتدل والمنفتح والجامع لمنع انزلاق لبنان الى الفتنة التي يريدها له أعداؤه». وتمنى الصفدي على القيادة السورية «إخراج العلاقات اللبنانية ـ السورية من عقدة الوصاية الى معادلة التعاون المتكافئ والمتوازن بالشكل والمضمون». وقال: «ان لبنان دولة مستقلة وقراراتها تنبع من المصلحة الوطنية فقط. ونحن نرحب بالانفتاح العربي والدولي على سورية، ولكننا ندعو المعارضة الى عدم الاستقواء بالقمة الرباعية وتوظيفها في الحسابات الداخلية».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علوش ان زيارة الحريري «تأتي في وقت شديد الاهمية بعد الحملة التي يقوم بها الرئيس السوري لتصوير الشمال بأنه منطقة متطرفة».

وقال: «الزيارة تؤكد ان هذه المحاولة بعيدة عن الواقع والزيارة هي للوقوف بوجه محاولات تشويه صورة المدينة والشمال»، مشيرا الى ان الحريري «سبق ان صرح أنه راغب في لعب دور المصلح تماما كالدور الذي اضطلع به والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري حين ساهم في انقاذ الطائف، ووقف الحرب، واعادة بناء لبنان». وحذر النائب السابق الداعية فتحي يكن من وجود «مؤامرة اكيدة على المدينة»، مشددا على ان طرابلس «لن تكون سلعة للاستهلاك السياسي والبازار الانتخابي، وأن سواد شعبها واهلها مع نهج الوسطية والاعتدال وليس التطرف والغلو، وأنه ليس لأحد أن يزايد على وطنيتها ودورها الجهادي المقاوم للعدو الصهيوني». وانتقد مؤسس «التيار السلفي» الشيخ داعي الاسلام الشهال «التلفيق والافتراءات حول طبيعة التيار السلفي بحيث يتم تصوير السلفيين بشكل غير بريء، كأن التيار دخيل طارئ على المدينة، يغير معالمها ويشوه صورتها»، مؤكدا انه «رغم كل ما يقال عن السلفية وما يحاوله البعض من وضعها في مصاف الارهاب وتوتير البلاد، نقول ان الانتساب الى التيار السلفي هو شرف كبير ومدعاة فخر، فالدعوة السلفية ناصعة». وقال: «سمعنا في الفترة الاخيرة تصريحات كثيرة عن خطورة الوضع في طرابلس وتحذيرات دبلوماسية تشبه لبنان بجورجيا تارة وبقندهار تارة اخرى، وتحذر من التطرف في شمال لبنان عموما وطرابلس خصوصا، وكان آخرها تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد. وفي هذا المجال نستذكر الدور السوري في لبنان طوال ثلاثين عاما، ونستغرب اليوم هذا الحرص على الاستقرار في حين كانوا دائما حريصين على اللااستقرار لتبرير بقائهم في لبنان، واليوم يتحدثون عن التطرف والفوضى طامحين الى العودة الى لبنان بمختلف الاشكال والاوجه».

وكان النائب سعد الحريري اتهم دمشق بـ«تصدير الارهاب» الى لبنان وذلك اثر تصريحات للرئيس السوري بشار الاسد حول اعمال العنف في طرابلس.

وقال الحريري اثناء مأدبة افطار رمضانية مساء اول من امس «ان الجهة التي تصدر الارهاب الى شمال لبنان لا يجوز لها ان تتخوف على لبنان من استفحال التطرف». وتابع الحريري «انهم (السوريون) يريدون ان يتخذوا من الاوضاع في طرابلس ذريعة للدخول مجددا على ملف لبنان والعودة الامنية والعسكرية من بوابة طرابلس».