جنبلاط يلتقي مع نصر الله في فصل السلاح عن مزارع شبعا وينتقد ساركوزي

مواقف سياسية منددة بتدخل الأسد في الشؤون اللبنانية

TT

المواقف التي اطلقها الرئيس السوري بشار الاسد في القمة الرباعية في دمشق والتي اعتبرت قوى 14 اذار تدخلا في الشؤون الداخلية اللبنانية، خصوصا دعوته الرئيس اللبناني ميشال سليمان لتعزيز وجود الجيش اللبناني في طرابلس وشمال لبنان للقضاء على ما سماه «التطرف السلفي المدعوم من بعض الدول»، وكلام الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي اعلن فيه رفضه تسليم سلاح الحزب حتى لو تحررت مزارع شبعا، هذه المواقف شكلت مادة لردود فعل وزارية ونيابية وسياسية رافضة لهذا التدخل السوري، وداعية الى تعزيز بناء الدولة بكل مؤسساتها.

رئيس اللقاء الديمقراطي ـ الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط دعا في كلمة له في حفلة افطار الى اخراج حادث الاعتداء على الطوافة العسكرية التابعة للجيش اللبناني «من التجاذبات السياسية وافساح المجال امام التحقيق ليأخذ مجراه امام القضاء العسكري، والابتعاد عن الجدل الذي يسمم الاجواء».

وتوقف جنبلاط عند كلمة نصرالله فقال: «بالامس قرأت كلام الامين لحزب الله حول السلاح وحول مزارع شبعا وعدم ربطها بالسلاح، فهذا الكلام ايجابي ويلاقي موقفنا الرسمي، لن نربط شبعا بالسلاح، شبعا شيء وهي جزء من الارض اللبنانية، وننتظر من الحكومة السورية ان توثق شبعا رسميا مع الحكومة اللبنانية، كي تكون ذات هوية لبنانية لدى الامم المتحدة. اما السلاح فننتظر طاولة الحوار من اجل الخطة الدفاعية».

وانتقد جنبلاط ما سماه «تهديد الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) ايران من دمشق»، وقال: «كنا بغنى ان يهدد ايران من دمشق، لاننا لاحقا سندفع الفاتورة هنا في لبنان، فليذهب الى ايران وليتفاهم معهم هناك، وليعملوا ما يشاؤون، ولكن فليتركونا مع امننا ولا يغامروا بامننا».

وختم: «حسنا فعلنا بالامس حين اكدنا اهمية الطائف في ما يتعلق باتفاق الهدنة مع اسرائيل. ننتظر كل الدول العربية ان توقع السلم مع اسرائيل، ولن نوقع السلم معها ونبقى على الهدنة. ونحن في الصراع العربي ـ الاسرائيلي مرتبطون بشق اساسي وهو التضامن مع الشعب الفلسطيني وبحق العودة، وعندما يعود آخر فلسطيني الى فلسطين نفكر ربما في اقامة علاقات طبيعية مع هذا الكيان الغادر».

ورأى وزير الدولة وائل ابوفاعور في عشاء اقامه الحزب التقدمي الاشتراكي انه «آن الاوان لتنطلق عجلة المصالحة بين اللبنانيين، وان يدخل لبنان مرحلة التنافس السياسي من ضمن قواعد العمل السلمي الديمقراطي بدل مرحلة الاستقواء بالسلاح والعصبيات والغرائز». ودعا كل القوى السياسية «الى التواضع والبحث عن مخارج لكل المشكلات العالقة عبر الحوار والاعتراف بحق التناقض السياسي والخلاف السياسي».

وحول كلام الاسد اكد ابوفاعور انه «لا يحق لمسؤول عربي ان يعطي تعليمات الى اللبنانيين او ارسال مجموعات من الجيش الى منطقة الشمال، لان لبنان لن يعود الى الزمن الذي يؤمر فيه من الخارج أكان الخارج قريبا او بعيدا».

من جهته، اعتبر وزير العدل ابراهيم نجار في حديث اذاعي «ان طريقة الرئيس السوري بشار الأسد في الكلام عن لبنان خلال القمة الرباعية، تمس بكرامة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية والحكومة وتثير تساؤلات عن النيات السورية». وقال «باستثناء حزب الله فإن كلام الأسد أثار حفيظة كل الفرقاء اللبنانيين وهؤلاء أجمعوا على أن لا حق للرئيس السوري أقله بصورة علنية في أن يعلن انه طلب من الرئيس اللبناني أن يعزز وجود الجيش في الشمال لحسم المعركة لأن ذلك يعد تدخلا في الشؤون الداخلية اللبنانية لا تجيزه العلاقات بين الدول».

واذ نفى وزير العدل «ان يكون رئيس الجمهورية وضع مجلس الوزراء في مضمون ما أعلنه الأسد» اكد «ان الرئيس ميشال سلميان ليس بكاتم أسرار للنظام السوري». ولفت الى «أن دعوة الأسد الى مفاوضات لبنانية ـ إسرائيلية هي ضوء أخضر سوري للبنان للذهاب الى هذه المفاوضات»، معتبرا «ان حديث الأسد في هذا الاتجاه فيه علامة للحلفاء بأن عليهم الموافقة إذا دخل لبنان في المفاوضات».

وشدد ممثل حزب الكتائب في الحكومة وزير السياحة ايلي ماروني على «اهمية وعي الاستحقاقات الخطيرة المقبلة، ومنها الانتخابات النيابية العام المقبل»، واشار الى «ان اتفاق الدوحة يتعرض لانتكاسات عدة يوميا»، معتبرا «ان سلاح حزب الله هو مشكلة كبيرة خصوصا على ابواب الانتخابات»، مبديا استغرابه كلام نصر الله حول بقاء السلاح حتى لو تحررت مزارع شبعا. وقال: «ان كلام نصر الله ترك نوعا من الارباك يسيطر على الساحة اللبنانية، وهو استباق لطاولة الحوار باعتبار ان نقطة السلاح تعجيزية ولا يجوز التحاور حولها، وهو ما يشكل نسفا لهذه الطاولة التي يعول عليها اللبنانيون». اما ممثل «القوات اللبنانية» في مجلس الوزراء، وزير البيئة انطوان كرم، فهاجم بعنف ورقة التفاهم الموقعة بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» واصفا اياه بتفاهم «التبعية». وقال: «هذا المنطق مرفوض لدينا، فلنا منطق مختلف هو منطق الشرفاء الاقوياء الذين اختاروا السلم الاهلي بملء ارادتهم وتخلوا عن السلاح رغم غدر الجبناء والعملاء، على منطق الاستقواء والدفاع عن السلاح بالسلاح».

ودعا «الجميع للمشاركة في طاولة الحوار بكل نية صافية، بعيدا عن المزايدات وطرح الجدليات المتعلقة تارة بتغيير شكل الطاولة وطورا بتغيير مضمونها». وقال: «الحوار يجب ان يبحث بصدق ووطنية حقيقية في سبيل تدعيم قيام الدولة عن طريق حصر استعمال السلاح بالاطر الشرعية وحدها كي لا يبقى عاملا ضاغطا في السياسة ولا مصدر خطر على المواطنين ولا سببا لسقوط شهداء للجيش في غير ساحات الشرف دفاعا عن عزة الوطن وكرامته». وشدد على «اهمية الانتخابات النيابية المقبلة في تحديد مصير لبنان والمسيحيين في هذا الوطن. وقد آن الاوان ليعي الناخب المسيحي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ويترفع عن الانانيات والاحقاد والحساسيات ويقترع لمن يحمل حقا، لا زورا، ولا خداعا هم الحفاظ على الحريات والكرامة والاستقلال».

من جهته، لفت البطريرك الماروني نصر الله صفير الى «ان توحيد المسيحيين لا يكون على مشروع سياسي بل على العمل بارادة الله». واعتبر «ان مصلحة الوطن مؤجلة والناس متباعدون ويجرون كل في سبيل مصلحته الخاصة». واذ لفت الى «ان غير المسيحيين اذا كانوا متنافرين وهم كذلك فانهم يتورعون عن تحقير بعضهم بعضا ويبتعدون عن الشتم والسباب»، واضاف: «ان وقتا نعيش فيه في بلدنا هو وقت فيه صعوبة كبيرة لان الناس متباعدون».

وناشد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان السياسيين «ليصوموا عن الكلام المسيء وان يكون خطابهم معتدلا». وسألهم: «لماذا تنبشون الماضي ولا تفتحون صفحة جديدة على اشقائكم في الوطن؟ ولماذا التطاول على الناس وتفسير الكلام بغير مضمونه؟». واكد «ان سورية ترفض الدخول الى لبنان وليست بوارد ذلك، فلماذا يتطاول البعض عليها؟».

من جهة أخرى، قال رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع في لقاء مع مسؤولي القوات في قضاء بشري: «ان همنا الاساسي حاليا هو هم كياني، وجودي، وطني وتاريخي بامتياز قبل أي أمر آخر، فمن دون الاستقرار السياسي يستحيل الانماء والتقدم والازدهار»، معتبرا «ان التمثيل السياسي عليه ان يكون سياسيا او باعتبار ان جل ما يتمناه المواطن هو ان يتمثل خير تمثيل». وشدد على «ان المواطن اللبناني، ولاسيما المسيحي، لا يحتاج الا الى وطن مستقر آمن من جهة والى الحرية من جهة اخرى فلا يجب ان نحيد عن اولوياته».

بدوره، اكد النائب علي خريس «ضرورة المباشرة بالحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية لان الوطن بحاجة الى جهود كل اطيافه السياسية للنهوض من ازماته الاقتصادية وصيانته من الاطماع الخارجية المتمثلة باسرائيل، وحمايته من الفتن الداخلية». ودعا عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب نبيل نقولا، في حديث تلفزيوني الى «الحفاظ على الوحدة الوطنية بالحد الأدنى والالتفاف حول بعضنا البعض بدل صب الزيت على النار وذلك لمنع أي تدخل خارجي سواء أكان تدخلا عسكريا أو غير ذلك». واكد امين سر تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان «ان المزايدات لن تبني وطنا، والعناوين الفارغة لن تبني استقرارا ومستقبلا لاولادنا، والاستقرار لن يتحقق الا بالصمود والتراضي والرأس المرفوع والتفاهمات الندية القائمة على الثوابت الوطنية المشتركة».