أبحاث أمنية عليا في إسرائيل تظهر قلقا من انفجار عسكري جديد مع الفلسطينيين

توقعوا أزمة دستورية فلسطينية بعد انتهاء فترة الرئيس عباس ستستغلها حماس

TT

كشفت مصادر أمنية في اسرائيل، النقاب عن سلسلة أبحاث أجريت في الأيام الأخيرة في الأجهزة الأمنية، تتعلق بالأوضاع في المناطق الفلسطينية في السنة المقبلة، وتشير الى ان هناك خطرا جديا في انفجار عسكري ضد اسرائيل.

وقالت هذه المصادر إن سبب الانفجار سيكون مربوطا في الأزمة الدستورية التي ستنتاب السلطة الفلسطينية في مطلع السنة. ففي التاسع من يناير (كانون الثاني) 2009، ستنتهي رسميا دورة الرئيس محمود عباس والمفروض ان تجري في هذا اليوم انتخابات رئاسية جديدة. لكن الرئيس عباس، كان قد أصدر مرسوما رئاسيا، بحكم الدستور، يقضي بإجراء الانتخابات للرئاسة وللمجلس التشريعي في اليوم نفسه. وبناء على ذلك، يفترض أن تجري في هذا اليوم انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي، بدلا من أن تجري في يوم انتهاء دورة المجلس التشريعي في يناير (كانون الثاني) 2010. حماس من جهتها، وفقا للتحليلات الأمنية الاسرائيلية، غير معنية بانتخابات تشريعية في هذه المرحلة، لأن كل استطلاعات الرأي تشير الى انها سوف تخسر أكثريتها. وهي تبرر موقفها الرفضي هذا بالقول انها لا تعترف بالمرسوم الرئاسي، الذي أصدره عباس. وحسب منطق حماس فإن انتخابات المجلس التشريعي تجري في سنة 2010 فقط، ولا يجوز أن يبقى الرئيس عباس في الحكم حتى ذلك الحين. وتقول حماس صراحة انها ابتداء من 9 يناير 2009 سيصبح عباس رئيسا غير شرعي. وسيحل محله وفقا للدستور الفلسطيني رئيس المجلس التشريعي د. عزيز دويك. وبما أن دويك قابع في السجن الاسرائيلي، فإن نائبه أحمد بحر سيحل محله. ويرى قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في هذه الخلافات أزمة دستورية خطيرة، ستستغلها حماس حتى النهاية. وحسب تقديراتهم فإن حماس ستحاول الترويج الى أن عباس يحكم بقوة الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة، فإما أن يرضخ ويستقيل من الرئاسة وعندئذ تسود الفوضى، وإما أن يستمر في الحكم بشكل تفسره حماس على انه غير مشروع. ويعتقد الاسرائيليون ان حماس ستفتح جبهة عريضة لتبرير بقائها في الحكم. وستقول للجمهور ان طريق عباس قد فشلت تماما، خصوصا في المفاوضات مع اسرائيل، حيث انها لم تعد بأية نتيجة جدية على الفلسطينيين. وستحاول حماس العودة الى الشعار الذي بسببه فازت بالحكم، وهو: «طريق المفاوضات لم تسفر عن أية نتيجة، والطريق الوحيد هو المقاومة، لأن اسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة». وبما ان الجمهور الفلسطيني نسي ما هي المقاومة التي تتحدث عنها حماس، حيث انها في السنوات الأخيرة امتنعت عن المقاومة ولجأت الى اطلاق الصواريخ على اسرائيل، وهذه الصواريخ لم تثبت نجاعتها، بل ان الفلسطينيين أنفسهم يسخرون منها، وعليه فإن حماس ستعود الى العمليات التفجيرية داخل اسرائيل. وهذا ما يقلق اسرائيل.

وفي اطار هذه الأبحاث، سمع عدد كبير من قادة المخابرات الاسرائيلية يهاجمون عباس ويقولون ان أسلوبه اتسم بالاستقلال الزائد عن الحد ـ «فهو يساير حماس في الضفة، ولا يبطش بهم مثلما يبطشون برجالاته من حركة فتح في قطاع غزة، ويرفض تقديم التنازلات لاسرائيل في المفاوضات على اتفاق سلام دائم، مما يعزز رأي حماس بأن طريق المفاوضات قد فشلت ولا يدير سياسة حازمة مع معارضيه في حركة فتح كما كان يفعل الرئيس السابق، ياسر عرفات، بل يسايرهم عباس ويفسح لهم المجال للتخريب على جهوده السلمية. وعاد هؤلاء الى ترويج الانطباع بأن عباس ينتهج هذه السياسة، ليس بقصد الاستقلالية فعلا، بل لأنه ضعيف وغير «كاريزماتي». ولذلك فإن اسرائيل تحمل عباس مسؤولية الأزمة والنتائج المترتبة عليها.

وقد رد مصدر فلسطيني مقرب من عباس على هذه التحليلات، فقال «هذه الاتهامات للرئيس عباس مردودة الى اسرائيل ومخابراتها. فهي المسؤولة عن تقوية حماس وليس نحن. فلو وافقت اسرائيل على مستلزمات السلام كما وردت في المشاريع السلمية المطروحة في الأمم المتحدة، أو في المبادرة السلمية العربية، أو حتى في «خريطة الطريق»، لكنا الآن في عصر آخر نطبق فيه اتفاق السلام. ولكن اسرائيل تخرب عملية السلام. وحتى عندما أبدى رئيس حكومتها ايهود أولمرت بوادر تقدم في المسار السياسي، نسجوا له ملفات قضائية. وعلى طول الطريق واصلوا التحريض على عباس وروجوا الى انه ضعيف».

وقال هذا المصدر انه يستبعد أن تكون حكومة اسرائيل أو مخابراتها أو جيشها قلقين فعلا من حماس. فقد فاوضوها وتوصلوا الى اتفاق تهدئة معها وكسروا الحصار من حولها وما زالوا يفاوضونها حتى اليوم. وإن كان هناك من تطور حقيقي متوقع فهو أن يعززوا قوة حماس أكثر، لأن سياسة قيادتها تخدم اسرائيل أكثر من أية سياسة أخرى. فإسرائيل تريد أن يحكم الفلسطينيين فصيل يطلق تصريحات حربجية كاذبة، تتحدث عن تصفية اسرائيل وفي الوقت نفسه يفاوضان اسرائيل على تهدئة وعلى هدنة طويلة المدى لعشر سنوات أو أكثر، تستغلها اسرائيل للمزيد من الاستيطان والتهويد، وتبعد احقاق الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني أكثر وأكثر.