جدل في الجزائر حول تعديل الدستور والتمديد لبوتفليقة

بن بيتور: ليس من المصلحة التمديد لفترة ثالثة > دعدوعة: حصر الرئاسة في ولايتين مناف للديمقراطية

TT

يتوقع رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق أحمد بن بيتور، إجراء تعديل على الدستور في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويقول إن تمكين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لولاية ثالثة عبر التعديل المرتقب «سوف لن يكون في مصلحة الجزائر وسيضر بالديمقراطية». أما رأس برلمانيي حزب الغالبية «جبهة التحرير الوطني»، العياشي دعدوعة فيرى أن التشريعات والقوانين التي صدرت في عهد بوتفليقة «تجاوزت الدستور الحالي ولا بد من تغييره». ويضيف أن بوتفليقة «هو الأصلح لقيادة البلاد فترة رئاسية أخرى».

وسألت «الشرق الأوسط» بن بيتور لماذا يعارض تعديل الدستور، ويقف ضد ترشح الرئيس لولاية ثالثة، فقال في مقابلة معه: «ألاحظ بأسف أن الزخم كبير حول تعديل الدستور، لكن لا أحد من المروجين له يمكن أن يعطينا محتوى هذا التعديل. لهذا ينبغي فتح نقاش عام حول هذا الموضوع، تشترك فيه كل الأحزاب والجمعيات والشخصيات لنرى ما هو الخلل الذي يشوب الدستور الحالي، حتى يستوجب تغييره».

وترأس بن بيتور الحكومة في 2000، أي بعد عام من وصول بوتفليقة إلى الحكم لكنه استقال بسبب خلافات حادة معه حول تسيير «الأملاك العمومية المنقولة». وقال بن بيتور إن الهدف من تعديل الدستور، هو إتاحة الفرصة لبوتفليقة للترشح من جديد «وهذا الأمر يجرني إلى إثارة ما أسميه قواعد الحاكمية التي تدعو حاكم البلاد إلى التنفيذ إذا ما تعهد بشيء. فقد دعا الرئيس الجزائريين في يوليو (تموز) 2006 إلى الاستعداد لاستفتاء حول تعديل الدستور، قبل نهاية نفس العام، وها نحن تجاوزنا العامين بعد ذلك التاريخ ولم يتم تعديل الدستور، ولا نعرف السبب ولا ما إذا كان سيجري عن طريق الاستفتاء أو عن طريق البرلمان».

ويرى بن بيتور الذي انضم إلى المعارضة منذ سنوات، أن دستور 1996 (صدر في عهد الرئيس السابق ليامين زروال) «يتميز بالمرونة «وقد جاء في فترة كانت فيها البلاد بصدد الانتقال من الأحادية في الحكم إلى التعددية، ولحد الآن لسنا في نظام تعددي ولا ديمقراطي، لهذا أعتقد أن الأولى بنا أن نحكَم الدستور الحالي لأنه الأنسب». وأشار إلى أن مصلحة الجزائر «تقتضي أن لا يتم تغيير الدستور وأن لا يترشح بوتفليقة لولاية ثالثة». وأضاف: «نتجه في عالمنا إلى اكتشاف جيل جديد من المسيرين، ووتيرة التغيير السريعة التي نشهدها يستحيل في ظلها أن يبقى أي شخص يحكم ويسير مدة 10 سنوات».

وأوضح رئيس الحكومة الأسبق، أن اهتمام المروجين للتعديل «ينصب كله على الولاية الثالثة (لبوتفليقة)، وحتى هذه تبقى غامضة بحيث يفصلنا 6 أشهر عن الانتخابات الرئاسية وصاحب الشأن لم يفصح إن كان يرغب في تمديد حكمه».

وعلى عكس بن بيتور، يرى رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «جبهة التحرير الوطني» العياشي دعدوعة، أن التشريعات والقوانين التي صدرت في عهد الرئيس الحالي «تجاوزت الدستور وهذا لا يصح، وينبغي تدارك هذا الخلل بتعديله». ويضيف في مقابلة معه: «لقد وضع الدستور الحالي في ظروف استثنائية وصعبة، بحيث كادت أن تزول الدولة بسبب المأساة التي عشناها في التسعينيات». ويرى أن الدستور الحالي غير متناسق مع ظروف الاستقرار التي تنعم بها الجزائر ولذلك «يجب تغييره».

وذكر دعدوعة أن دستور 1996 «يحمل آثارا سلبية كثيرة، من بينها منع رئيس الجمهورية من الترشح لأكثر من ولايتين، وحزبنا يرى أن ذلك مناف للديمقراطية لأننا نريد أن يكون الشعب حراً في التمديد لم يريد وفي إقصاء من يريد عن طريق الانتخابات». وأشار إلى أن بوتفليقة «هو من وضع حجر أساس الانطلاقة الاقتصادية وأعاد للجزائر دورها في المحافل الدولية وهذا المشروع الكبير من الصعب أن يستكمله أحد غيره. وقد بدأ الرئيس ناجحاً وسينتهي ناجحاً بتمديد حكمه».

وتقود «جبهة التحرير» حملة كبيرة للضغط على الرئيس ليترشح لانتخابات العام المقبل، وقال أمينها العام عبد العزيز بلخادم إنه سيفعل المستحيل من أجل إقناع بوتفليقة بالترشح. أما دعدوعة فلا يساوره شك بأن الرئيس سيفعلها، وقال: «هذا الموضوع بالنسبة لي ولحزبي لا نقاش فيه. سيترشح الرئيس مجدداً، وفي الحقيقة لا مفر للجزائريين منه نظرا للمنجزات الكبير التي حققها، ويكفيهم أنه أعاد إليهم الطمأنينة وهي أغلى شيء».