لقاء بين الحريري وزعيم العلويين يثمر «توافقا كاملا» على مصالحة بين أبناء طرابلس

تلقى اتصالا من بري يعده بالسعي لإنجاز المصالحة «في أسرع وقت ممكن»

رئيس تيار المستقبل، النائب سعد الحريري، خلال لقائه أمس في طرابلس الشيخ رشيد ميقاتي والوفد المرافق له (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

اعتبر رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري أن «ما حصل (في مدينة طرابلس) ما كان يجب ان يحصل. وكل الذين سقطوا هم شهداء السلم الأهلي. ويجب أن يتعلم منهم اللبنانيون ان الاقتتال الداخلي لا ينفع». وأبدى استعداده لوضع نفسه بتصرف «أي مصالحة أو جهد معنوي أو سياسي لنصل الى بر الأمان».

مواقف الحريري جاءت عقب اجتماع عقد في منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار منتصف ليل السبت ـ الاحد وشارك فيه عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر والنائب العلوي السابق علي عيد ونجله رفعت عيد ونادر الحريري. وتناول البحث خلاله المصالحة بين أبناء طرابلس وطي صفحة الأحداث الأمنية التي عانت منها المدينة أخيراً.

وعقب الاجتماع الذي استمر حتى الثانية إلا ربعا فجرا تحدث المفتي الشعار، فقال: «لقد توجت هذه الأمسية بلقاء مميز بين الزعيم الشيخ سعد الحريري الذي نجل ونحترم واخينا النائب السابق الاستاذ علي عيد. والكل يعلم ماذا يمثل وخاصة عند اخواننا في الطائفة العلوية. ونحن نعتبر ان هذا اللقاء امر طبيعي جدا لانه يأتي نتيجة الحرص على مصلحة البلد وعلى الرغبة الكاملة في الاستقرار والامن والمحافظة على امن البلاد والعباد وخاصة في هذا الشهر المبارك الكريم. وكنت قد تمنيت على الزعيم الشيخ سعد ان يشرفنا في طرابلس لانه، كما يعلم اللبنانيون، يمثل جناح السلم والاستيعاب وتحقيق الاخوة الوطنية بين جميع الافرقاء مما يجعله مؤهلا لدعم او رعاية أي مشروع فيه استيعاب ومصالحة بين أي فريقين. كانت التلبية طيبة، وكان اللقاء مثمراً موضحاً أنه تم «التوافق فيه ـ ولا ابالغ اذا ذكرت أنه توافق كامل ـ يقوم على تثبيت السلم الأهلي ورفع جميع المظاهر المسلحة وان توكل مهمة امن البلاد إلى الجيش اللبناني فقط وان لا يكون هناك أي مظهر من مظاهر التسلح وان ترفع جميع مظاهر التسلح ونبدأ بعودة النازحين وتعويضهم تبعا للمسح الشامل الذي تم عبر الهيئة العليا للاغاثة بامر من الرئيس فؤاد السنيورة. وسيتوج لقاء آخر باعلان مصالحة عامة مع سائر الفرقاء بوجود الدولة التي يمثلها في السلطة التنفيذية دولة الرئيس السنيورة الذي يتابع امر طرابلس صباحا ومساء». من جهته، قال الحريري: «اشكر المفتي على استضافتنا وعلى الجهود التي بذلها في كل المرحلة الصعبة التي مرت بها طرابلس والشمال. نحن كلبنانيين نلتقي اليوم لكي نستطيع اتمام المصالحة التي اثرت على طرابلس واهلها وعلى كل الشمال. وفي النهاية، رأينا ان الدماء اللبنانية هي التي تراق. وهذا امر يجب ألا يحصل خاصة اننا جميعا لبنانيون ولو من طوائف او مذاهب مختلفة، لكننا جميعا لبنانيون قبل أي شيء. وبالنسبة إلي ان ما حصل كان يجب الا يحصل. وكل الذين سقطوا هم شهداء السلم الاهلي. ويجب ان يتعلم منهم اللبنانيون ان الاقتتال الداخلي لا ينفع أي انسان على الارض اللبنانية. لذلك انا مستعد بكل ما امثل من وزن سياسي لأن اضع نفسي بتصرف أي مصالحة او جهد او أي دعم مادي او معنوي او سياسي لنصل إلى بر الامان في البلد وتثبيت السلم الاهلي، لاننا نحن كلبنانيين لا ينفعنا في هذا البلد الا وحدتنا وبقاؤنا مع بعضنا البعض وان نعيش سويا مسالمين ونحافظ على السلم الاهلي وتراث رفيق الحريري ومسيرته. هذا ما اتمناه. وانا اشكر سماحة المفتي واخي النائب السابق علي عيد على انفتاحه وقبوله بان نسعى جميعا لان يكون السلم الاهلي الاساس لاهل الشمال وطرابلس وكل لبنان».

وتحدث عيد فقال: «اولا، اتوجه بالشكر الى سماحة المفتي على دعوته لنا في منزله الكريم. لا شيء لدي لأضيفه على ما قاله سماحة المفتي والاخ سعد الحريري، لكنني اطمئن اخوتنا في كل طرابلس الى ان الاجتماع كان ناجحا وصريحا. وان شاء الله تتم هذه المصالحة في اقرب وقت. لقد بدأناها اليوم. واطمئن اهلنا في طرابلس جميعا اننا ملتزمون كل ما جاء في وثيقة سماحة المفتي. واشكر الشيخ سعد على مجيئه الى دارة المفتي ما اتاح لنا اللقاء به». وأضاف: «اننا نعتبر الخطوة اليوم بداية الطريق. ولقد قطعنا شوطا مهما من خلال الصراحة وتبادل الآراء مع الشيخ سعد الذي ابدى كل استعداد طيب، ونحن ايضا، لدعم السلم الاهلي وتسليم الجيش مهمة الامن في طرابلس».

وكان الحريري قد تلقى امس اتصالا هاتفيا من رئيس البرلمان، نبيه بري، هنأه فيه على «الجهود التي يبذلها ورعايته للمصالحة بين ابناء طرابلس» ووعده بانه سيسعى «لدى كل الاطراف الصديقة المعنية بأن تنجز هذه المصالحة في أسرع وقت ممكن».

وكانت لقاءات الحريري في طرابلس قد شملت امس النائب السابق أحمد كرامي ووفدا من «جمعية الاصلاح الاسلامية» برئاسة الشيخ رشيد ميقاتي ووفدا من صندوق الزكاة في القلمون والكورة والبترون برئاسة الشيخ زياد الحاج.

وعلى صعيد ذي صلة، شدد النائب مصباح الاحدب، على «ضرورة معالجة الاوضاع في طرابلس بشكل جذري»، رافضا محاولات ربط صورة المدينة بالارهاب. ودعا الى «النظر بامر كل الميليشيات الموجوده في البلد». وقال: «انني مرتاح للزخم الذي تقوم به الحكومة تجاه مدينة طرابلس». واضاف: «ان طرح موضوع مدينة طرابلس وربطها بالتطرف امر غير مقبول، فنحن نعيش في بلد فيه الكثير من الممارسات المرفوضة كحادثة بيروت وحادثة الطوافة وغير ذلك من الحوادث التي تقوم بها جهة محددة (حزب الله). ان ننظر الى مدينة طرابلس ونختصرها بفئات دينية موجودة فيها منذ زمن ونشوِّه صورتها ونقول ان المدينة ارهابية، فهذا امر غير صحيح ومرفوض.

وهنا نأمل ان تكون هناك مصالحة. ولكن يجب ترسيخ الوضع الأمني بحيث لا يستطيع احد، من خلال القاء قنبلة من هنا او هناك، تخريب المصالحة. ويجب النظر بأمر الميليشيات الموجودة في المدينة، فهل ما زال وجودها خطا احمر؟ ام سحب الغطاء عنها؟ وهل الجيش والقوى الأمنية بامكانها ازالة هذه الميليشيات؟».