الجيش الأميركي ينشر وثائق جديدة عن مفجري «القاعدة» في العراق.. دخولهم وخروجهم

أصغر المقاتلين الأجانب عمره 15 عاما.. وأكبرهم 54 عزم على تنفيذ عملية انتحارية قبل عبور الحدود

صورة أرشيفية لقائد الجيش الأميركي، بيتر سكوميكر، يسير أمام صورة تقول «نحن في حرب.. هل تقوم بكل ما في وسعك» في وزارة الدفاع في فبراير 2006 (أ.ب)
TT

في سابقة جديدة من نوعها في تاريخ الحرب الأميركية على الإرهاب، بثت مواقع إلكترونية تابعة بشكل أو بآخر لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وثائق باللغة العربية والانجليزية عن المقاتلين الأجانب في العراق، أو ما يسمى في أدبياتهم بـ«دولة العراق الإسلامية». والنسخة الجديدة من الوثائق هي الخامسة من دراسات مركز مكافحة الإرهاب الأميركي في كلية «ويست بوينت العسكرية»، من إعداد برايان فيشرمان الذي وقع على الدراسة الجديدة بتاريخ 22 يوليو (تموز) الماضي، وباحثون اخرون، وضمن الذين شاركوا في الدراسة بيتر بيرغن ابرز المراسلين الغربيين الذين التقوا ابن لادن في قندهار قبل هجمات سبتمبر، وهو زميل في مؤسسة اميركا الجديدة ومؤلف كتابي «الجهاد: داخل العالم السري لأسامة بن لادن» و«أسامة بن لادن الذي عرفته: تاريخ شفهي لزعيم « القاعدة». والوثائق الجديدة بعنوان «المفجرون والحسابات المصرفية.. والاستنزاف. طريق «القاعدة» إلى العراق.. الدخول والخروج». ويقول بيرغن لـ«الشرق الاوسط» تمثل ثروة للدارسين قد لا تقدر بثمن، بينها تحقيقات مع عدد منهم، والأمانات التي تركوها قبل عبورهم الى ارض العراق، والمنسق الذي ارشدهم الى الطريق الجديد، واوصاف واسماء من التقوهم في سورية، وارقام هواتف الاهل، وكيفية وصولهم الى ارض الرباط الجديدة من السعودية وليبيا ودول المغرب العربي، ووصاياهم وتبرعاتهم الى تنظيم القاعدة، وأوضح انها تكشف عن «الحلقة السورية» في توصيل المجاهدين الى «ارض الجهاد الجديدة بالعراق». ويقول بيرغن منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، تحولت القاعدة «من مجموعة الى حركة آيدولوجية. واذا كانت مسألة إلقاء القبض على الاشخاص وحبسهم امرا سهلا، فإن عملية الحد من انتشار الافكار تعتبر قضية مختلفة تماما. فقد نجح تنظيم القاعدة من خلال بيانات بن لادن منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في توصيل آيدولوجيته والترويج لافكار التنظيم. والدراسة الجديدة مكونة من خمسة فصول اولها يتعرض الى نظرة تاريخية للمقاتلين الاجانب ويتطرق الى «الافغان العرب» الذين ذهبوا الى بيشاور الحدودية لنصرة اخوانهم الافغان ضد الروس وهو من اعداد فاهيد برون، والفصل الثاني يتعرض للتجنيد والتمويل والعمليات الانتحارية من اعداد جوزيف فلتر وبرايان فيشرمان ويكشف عن عمليات تمويل قدمها المقاتلون الاجانب للقاعدة في العراق قبل تنفيذهم للعمليات الانتحارية التي جاءوا من اجلها، وهو من اعداد جاكوب شابيرو.

اما الفصل الثالث فيركز على بيروقراطية تنظيم «القاعدة» في العراق وادارته للاموال وتوجيهه لعناصره القادمين من الدول المجاورة. أما الفصل الرابع فيتعرض الى دخول الأراضي السورية عبر الحدود، ويكشف أن الخروج من العراق بالنسبة لعدد من المقاتلين الأجانب مر عبر الطريقة».

أما الفصل الخامس فهو من اعداد بيتر بيرغن ويركز فيه على المستقبل بالنسبة لعناصر القاعدة اذا ما قررت مغادرة العراق لسبب او اخر فإلى أين يذهبون؟ والوثائق التي عثرت عليها قوات الاحتلال الأميركية في مدينة سنجار الواقعة على الحدود العراقية ـ السورية تغطي فترة زمنية ما بين ربيع عام 2006 وصيف أكتوبر 2007، والتي نحن بصددها تكشف أسرارا لم ترد من قبل بشأن المقاتلين الأجانب في العراق وشبكاتهم وتنظيماتهم ومسارهم وتمويلهم وتجنيدهم، حيث عثر على نحو 600 سجل لمقاتلين أجانب دخلوا العراق.

واصغر المقاتلين الأجانب في العراق بحسب الوثائق كان من الطائف بالسعودية من مواليد 14 يونيو 1991، ووصل إلى الأراضي العراقية 23 سبتمبر 2006، أي بعد ثلاثة اشهر من بلوغه الـ15 من العمر، أما اكبر المقاتلين في العمر فكان في الرابعة والخمسين، وكان قد عقد العزم على تنفيذ عملية انتحارية حتى قبل دخول ارض الرباط الجديدة».

وهناك ايضا خمسة مقاتلين من مواليد عام 1990، و 7 مقاتلين عرب من مواليد 1989، وهناك عدد لم يبلغ الـ18 من العمر عند دخوله ارض الرافدين، بحسب وثائق الجيش الاميركي».

ويبرهن صغر سن هؤلاء المقاتلين على أن معظمهم جاء متطوعًا ولأول مرة، ولا يندرج ضمن فئة المحاربين المخضرمين، وإذا كان ثمة تدفق رئيسي للمجاهدين المخضرمين إلى العراق، فربما حدث قبل بدء الحرب. أما عن مهن وتخصصات هؤلاء المقاتلين فتبين أن كثيرين منهم كانوا من الطلبة وهو دليل على أن الجامعات قد أصبحت حقل تجنيد بالغ الأهمية بالنسبة لـ«القاعدة»، وأما عن بقية مهن المقاتلين فكانوا من الأطباء ورجال الأعمال والمهندسين والمعلمين والعسكريين أيضًا. وتؤكد الدراسة ايضا أن تحريض جيل جديد من الجهاديين للانضمام إلى المعركة في العراق، أو التخطيط لعمليات في مكان آخر، يمثل واحدة من أكثر العقبات بشأن المعركة الدائرة في العراق، فما دام بقيت القاعدة قادرة على اجتذاب مئات الشبان للانضمام إلى صفوفها، فإنها ستظل تمثل ما يشبه الصداع في رأس الولايات المتحدة الاميركية وجيشها في العراق خاصة مع استمرار المعارك والخسائر اليومية في صفوف القوات الاميركية.

وتعتبر الوثائق منجماً لمركز مكافحة الإرهاب القومي في ماكلين الذي يحتفظ بقاعدة بيانات هائلة حول أولئك الذين لهم أواصر بإرهابيين أجانب. ويقول خبراء مركز «ويست بوينت» إنه «من دون شك كلما زادت المعلومات لدينا تمكنا من معرفة من هو مرتبط بمن». أما برايان فيشمان المحرر الرئيسي للدراسة عن القاعدة في العراق فيقول: «هذه الوثائق تخبرنا عن القاعدة في العراق أكثر مما تخبرنا عن العراق». وحينما يكون عندك مئات يدخلون البلد مع مهارات مختلفة ونوايا مختلفة، فإنك تستطيع أن تبني بيروقراطية تساعدك على استخدام مصادرك بكفاءة أعلى. أظن أننا أخطأنا في افتراضنا أن «القاعدة» بسبب كونها منظمة إرهابية لا تحتاج إلى تنظيم نفسها بالطريقة التي تنظم المنظمات الكبيرة نفسها وفقها. هم لديهم مشكلة مصادر بشرية، وعليهم أن يديروا الناس». وقال إن لـ«القاعدة» سجلا موثقا بشكل جيد، وكان «اسامة بن لادن رجل أعمال قبل أن يصبح إرهابيا». وقدم فيشمان مثالا عن الوثائق التي تم العثور عليها من القاعدة: هناك عقد عمل بين مجموعة من المجندين الإرهابيين في أفغانستان خلال أواخر التسعينات من القرن الماضي إضافة إلى تعريف المنظمة وتحديد الواجبات الدينية لها والقسم بالولاء إليها، وهذا يشمل قائمة من المكافآت لقضاء عطل مع درجات الرواتب. وظل موضوع العلاقات التي تجمع القاعدة في العراق بشبكة القاعدة ضمن إطار أوسع موضوعا للنقاش ضمن أوساط الاستخبارات الأميركية والجيش. وعلى الرغم من أن عضويتها هي بالدرجة الأولى من العراقيين فإنها تقاد من قبل أجانب لهم أواصر بالقاعدة الأصلية المتمركزة في باكستان منذ إخراجها من أفغانستان عام 2001. وهناك دلالات على وجود دوافع شخصية ولكن أكثر المجندين تكلموا عن كيفية قيامهم بأول خطوة للاتصال مع منسقين خاصين بالسفر. «وكانت الإجابات تتراوح ما بين أصدقاء وأفراد عوائل القادمين إلى شخص موجود في مسجد أو أخ عاد للتو من العراق».