مصالحة طرابلس تنعش بورصة بيروت وتؤكد أرجحية العامل السياسي في النهوض

TT

تلقفت الاسواق المالية في بيروت بإيجابية واضحة الإعلان عن توصل المساعي التي يقودها رئيس كتلة «المستقبل» النيابية، النائب سعد الحريري، الى اتفاق مصالحة بين الجهات المتنازعة في مدينة طرابلس. وتجلت الاشارات الاولى للاصداء الايجابية في التحول النوعي لمسار العمليات في بورصة بيروت حيث ظهرت موجة طلب على الاسهم المدرجة، خصوصاً سهم «سوليدير» (الشركة اللبنانية لاعادة اعمار وسط بيروت التجاري)، وذلك في أعقاب موجة سلبية دفعت اسعار الاسهم الى أدنى مستوياتها منذ مطلع الصيف الحالي، تحت تأثير سريان اخبار وشائعات عن انفجار أمني وشيك في منطقة الشمال تمتد ارتداداته وانعكاساته الى مناطق لبنانية أخرى.

وبرز أمس تجاوز سهم «سوليدير» مجدداً عتبة الـ30 دولاراً بعدما ارتفع بنسبة قاربت 8 في المائة، فيما ارتفعت القيمة السوقية الاجمالية بنحو 415 مليون دولار (2.8%) في ظل تداول أكثر من 10 ملايين سهم لسوليدير وحدها بمبالغ قياسية غير مسبوقة ناهزت 315 مليون دولار.

وأكد لـ«الشرق الاوسط» متعاملون ورؤساء غرف مالية في مصارف لبنانية كبرى أن الاجواء السياسية وتوابعها الامنية تصدرت العوامل المحفزة للطلب في البورصة. وهذا الامر مرشح للتمدد أياماً حيث يتطلع المتداولون والمستثمرون الى التوقيع الفعلي لاتفاق المصالحة واختبار مدى جديته وتطويره في اتجاه نزع عوامل الانفجار الامني والحوادث المتفرقة، فضلاً عن الخطة التنموية المطروحة لمنطقة الشمال، مع عدم اغفال العوامل التقنية المؤثرة في اسعار الاسهم خصوصاً خلال الفترة الاخيرة التي شهدت اطلاق معلومات، تبين لاحقاً عدم صحتها، حول مشاكل مالية أو عملية واجهتها «سوليدير».

ومن الواضح، أن الاستثمار الخارجي في الاسهم والاوراق المالية اللبنانية لا يزال، رغم محدودية حجمه، معلقا على العامل النفسي وتحديدا مستوى الثقة بتطور الأوضاع الداخلية والتقدم المحقق في تنفيذ بنود الاتفاق السياسي بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، وفي مقدمها البنود المتعلقة بالاستراتيجية الدفاعية والقانون الجديد للانتخابات والانسجام الحكومي.

ورغم الشكوك السائدة داخليا وخارجيا حول قدرة الفاعليات السياسية على الحوار الجدي وبلوغ مرحلة التوافق الحقيقي في شأن القضايا الخلافية الكثيرة، اظهر الاقتصاد اللبناني، وخصوصا الاسواق المالية، دينامية كبيرة في التجاوب مع أي تقدم سياسي يخرج البلاد من المخاوف الأمنية ويعزز بالتالي عوامل الثقة.

فقد اظهرت الاحصاءات المجمعة ارتفاعات قياسية في حجم تداولات البورصة قاربت نسبتها 162 في المائة لجهة المبالغ التي قاربت المليار دولار حتى نهاية شهر اغسطس (آب) الماضي، ونسبة 40 في المئة في عدد الاسهم المتداولة، ونسبة 70 في المائة في القيمة الترسملية الاجمالية.

وبلغ فائض ميزان المدفوعات 1.6 مليار دولار حتى نهاية يوليو (تموز) مقارنا بفائض بلغ 154 مليون دولار للفترة ذاتها من العام الماضي. فيما سجل احتياط البنك المركزي من العملات الصعبة زيادات غير مسبوقة ليتجاوز عتبة 16 مليار دولار، مدفوعا بشكل خاص بالنمو القوي لمؤشرات القطاع المصرفي الذي تجاوز متوسطه نسبة 15 في المائة لترتفع موجوداته الاجمالية فوق عتبة 100 مليار دولار داخل لبنان وخارجه، والنمو الجيد لقطاع السياحة والخدمات، فضلا عن التحويلات الواردة من اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين التي تقارب 5.5 مليار دولار.