إيران: تقريران ليبيان أحدهما يعترف بمقتل موسى الصدر على يد عناصر أمنية طائشة

طرابلس تستغرب التصريحات وتؤكد أنها لم تسلم أي وثائق تدين عناصر أمنها

TT

قال نائب بالبرلمان الإيراني إن ليبيا قدمت تقريرين متناقضين حول مقتل الإمام موسى الصدر، مؤسس حركة أمل اللبنانية، مع اثنين من مرافقيه، خلال زيارتهم الأخيرة لليبيا في أغسطس (آب) عام 1978. وبحسب النائب الإيراني فإن التقريرين يعترفان بقتل موسى الصدر، ولكن فيما يقول الأول إن جثة الصدر ومرافقيه اختفت وأنه لا احد يعلم أين الجثة او رفاتها الآن، يقول التقرير الثاني إن السلطات الليبية تعرف مكان جثة الصدر. إلا ان مصادر ليبية مسؤولة نفت هذه الأنباء، موضحة انها لم تسلم اي وثائق تدين عناصر أمن ليبية. وقال النائب عن طهران في البرلمان الإيراني، غلام رضا مصباح مقدم في تصريحات نقلتها صحيفة «طهران تايمز» نقلا عن وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أمس أن التقريرين الليبيين كانا متناقضين بخصوص ما إذا كان معلوما اين مكان جثة الصدر الان. وقال مقدم: «أعلنت ليبيا استعدادها لحل القضية. لكن حتى الان لم نتسلم تقريرا محددا من الليبيين». وتابع مقدم: «في تقرير يقول الليبيون إن الامام موسى الصدر ومرافقيه قتلوا على يد عناصر طائشة من قوات الامن الليبية، وأن جثثهم اختفت. بينما في التقرير الآخر تقول ليبيا ان الصدر ومرافقيه قتلوا عام 1978 وان جثثهم موجودة». وقال مقدم إن تقريرا آخر يمكن أن يلقي ضوءا على القضية وهو تقرير ايطالي. وأوضح: «مؤخرا، أعلنت محكمة في ايطاليا أن الامام موسى الصدر ومرافقيه الاثنين دخلوا الاراضي الايطالية، وذلك في تناقض مع قرارين آخرين صدرا عن محاكم ايطالية في الماضي»، قالا إن الصدر لم يدخل الأراضي الايطالية. وأضاف النائب الإيراني أن هذا يظهر نوعا من الصفقة بين ليبيا وايطاليا. واتصلت «الشرق الأوسط» بالخارجية الإيرانية للحصول على تعليق بخصوص التقريرين، إلا ان مسؤولي الخارجية لم يتصلا حتى وقت الطبع. كما رفضت حركة امل اللبنانية التعليق على الأنباء. من ناحيتها، نفت ليبيا أمس أن تكون قد قالت إن عناصر من أجهزة الأمن الليبية قامت بقتل الصدر. وقالت مصادر ليبية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تعرف من أين استقى النائب الايراني معلوماته. وقالت المصادر الليبية إنه «لم يحدث مطلقا أن سلمت السلطات الليبية أية جهة، بما في ذلك إيران، أية وثائق أو معلومات تدين بعض عناصر الأمن الليبية بتصفية الصدر ومرافقيه»، مؤكدة أن ليبيا تجهل مصير الصدر، الذي تصر على أنه غادر أراضيها برفقة من كانوا معه في زيارته لليبيا متجهين إلى ايطاليا. واستغربت المصادر حديث البرلماني الايراني واعتبرته خارج السياق، لافتة إلى أنه «لا يعبر عن الموقف الرسمي للحكومة الإيرانية».

وأشارت المصادر التي طلبت عدم تعريفها في اتصال هاتفي من العاصمة الليبية طرابلس إلى أن «ليبيا لا تعلم شيئا عن الصدر ومرافقيه وما إذا كانوا أحياء أم لا»، موضحة أن طرابلس عرضت أكثر من مرة على السلطات في إيران ولبنان والجامعة العربية تشكيل لجنة محايدة لتقصي الحقائق فيما يخص بملابسات اختفاء الصدر، لكنها لم تتلق أي رد ايجابي في هذا الشأن.

يذكر أن الصدر وصل إلى ليبيا بتاريخ 25/8/1978 يرافقه اثنان فقط هما الشيخ محمد يعقوب، والصحافي عباس بدر الدين رئيس تحرير وكالة أخبار لبنان، وحل الوفد ضيفا في «فندق الشاطئ» بالعاصمة الليبية. وكان الصدر على موعد للاجتماع بالقذافي ليلة 29 ـ 30 أغسطس (آب) لكنه لم يظهر بعدها أبدا، وبينما تقول بعض المصادر إن اللقاء قد حدث، فإن الرواية الليبية تقول إن القذافي ألغاه بشكل مفاجئ.

وأوفدت الحكومة اللبنانية في 13/9/1978 بعثة أمنية إلى ليبيا وايطاليا، لإزالة غموض القضية فرفضت السلطة الليبية السماح لها بدخول ليبيا فاقتصرت مهمتها على ايطاليا.

وأثبت التحقيق الأمني الذي قامت به البعثة اللبنانية أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى روما وأنهم لم يغادروا ليبيا في الموعد والطائرة اللذين حددتهما السلطة الليبية في بيانها الرسمي.

وكشفت عائلة الصدر مؤخرا النقاب عن أن العقيد القذافي عرض عليها تعويضا ماليا مقابل إغلاق ملف هذه القضية، وأكد صدر الدين الصدر، أكبر أبناء الإمام موسى، أن العائلة رفضت التعويض الذي لم يحدد قيمته، لكنه قال في المقابل إنه يسعى للوصول إلى الحقيقة قبل أي شيء والإفراج عن والده ورفاقه، فضلا عن محاكمة المسؤولين عن اختفائه.