وثيقة المصالحة في طرابلس تضمنت 8 بنود أبرزها تسلم الجيش ورفع الغطاء عن المسلحين

أعلنت من منزل المفتي الشعار بحضور الحريري والسنيورة وكرامي وعيد

رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري يلقي كلمة خلال افطار تكريمي أقامه أمس لعائلات طرابلسية (دالاتي ونهرا)
TT

تركزت أنظار اللبنانيين على طرابلس التي كانت مساء أمس على موعد مع إعلان وثيقة مصالحة بين مكونات المدينة وأحيائها، وذلك من منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار وبرعاية وحضور رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والرئيس السابق للحكومة عمر كرامي وزعيم الطائفة العلوية امين عام «الحزب العربي الديمقراطي» علي عيد وحشد من الفاعليات الدينية والسياسية والاجتماعية. وقد توافدت وسائل الاعلام الى عاصمة الشمال لبنان لتغطية وقائع هذا الحدث الذي وصف بـ«المصالحة الطيبة والمباركة» على أمل أن يكون مقدمة لمصالحة عامة تشمل كل الفرقاء والمناطق اللبنانية.

وكان النائب الحريري الموجود في الشمال منذ أيام عدة لرعاية جهود المصالحة، قد أرسى الخطوة الأولى والأساسية في هذا المجال بلقاء مع النائب السابق علي عيد عقد في منزل المفتي الشعار ليل السبت ـ الاحد. ويؤمل بأن تعيد هذه المصالحة طرابلس الى سابق عهدها من الاستقرار والانفتاح والتعايش الوطني بين جميع ابنائها ومكوناتها الطائفية، بعد أشهر من أحداث دامية شهدتها أحياء عدة فيها، وخصوصاً منطقتي بعل محسن والتبانة تسببت بسقوط عشرات القتلى والجرحى وتهجير مئات العائلات. وكان الرئيس السنيورة وصل إلى طرابلس عصر أمس حيث أقام الرئيس عمر كرامي مأدبة إفطار تكريماً له، بحضور المفتي الشعار.

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علّوش لـ«الشرق الاوسط» ان «وثيقة طرابلس تتضمن ثمانية بنود تبدأ بتوقيعها من جانب القادة السياسيين والدينيين المختلفين، وذلك برعاية الرئيس (الوزراء) فؤاد السنيورة بغية اضفاء الطابع الرسمي عليها. بالاضافة الى البدء مباشرة بإزالة كل المظاهر المسلّحة وتسلم الجيش ورفع الغطاء عن المسلّحين كافة. بعد ذلك، تنصّ الوثيقة على العمل على توفير كل الاجراءات اللازمة لعودة النازحين الى بيوتهم والبدء بمسح الاضرار وتوفير مساكن بديلة لأربعمائة عائلة أحرقت أو دمِّرت بيوتها. ومن بعدها البدء بمسعى يعتمد على إخراج السلاح من التعامل في السياسة داخل المدينة والوصول إلى مرحلة المصالحة الشعبية بما يتعلّق بالأحقاد والثأر من الماضي».

وردا على سؤال، اعرب عن اعتقاده بأن «هذه الوثيقة ستكون بداية مسار لسحب امكانات تحريك الساحة الطرابلسية من ايدي العابثين بالامن. لكن هذا لا يمنع ان تكون هناك محاولات مخابراتية للاخلال بالوضع. والمهم تحصين الوضع لتفادي ان يؤدي اي حادث بسيط أو مفتعل الى اشتعال المعارك من جديد».

في غضون ذلك، توالت المواقف المرحبة والمؤيدة للمصالحة الطرابلسية على امل ان تكون خطوة الى المصالحة العامة على مستوى لبنان. وقد تابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان تطورات المصالحة عبر اتصالات مع الافرقاء المعنيين. وفي هذا الاطار، اتصل بالرئيس كرامي وهنأه بسلامة العودة من طهران. واثنى على «الخطوات الايجابية الجارية في طرابلس لاتمام المصالحة» معتبرا ان هذه الخطوة «تشكل ضمانا للميثاق الوطني والحفاظ على السلم الاهلي والاستقرار في البلاد».

هذا، وحيا الرئيس السابق للحكومة سليم الحص النائب الحريري والمفتي الشعار على «الانجاز العظيم الذي استطاعا تحقيقه بوضع وثيقة طرابلس واجراء المصالحة على اساسها». وقال: «جزاهما الله خيرا. انه انجاز عظيم سيكون من شأنه قطع دابر الفتنة التي كانت تهدد طرابلس والشمال وسائر المناطق اللبنانية. وهي سترسي قواعد المصالحة التي يمكن ويجب ان تتم في سائر المناطق اللبنانية بما فيها العاصمة بيروت».

وقال الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي: «اننا نؤيد بقوة الجهود المبذولة لاتمام المصالحة بين مختلف الاطراف في طرابلس وانهاء النزاعات الدموية التي دفعت ثمنها غاليا مدينة طرابلس وجميع ابنائها من دون استثناء. ... كذلك فاننا ندعو الى تحصين هذه المصالحة من خلال معالجة كل جوانب الازمة، والعمل على القضاء على مسبباتها، وكذلك ضرورة الإسراع في دفع التعويضات اللازمة للمتضررين والنازحين، علما ان لا شيء يعوض خسارة الأرواح البريئة التي أزهقت».

واجرى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان اتصالات هاتفية بكل من الرئيس السنيورة والنائب الحريري ورئيس مجلس الطائفة العلوية في لبنان الشيخ أسد الله عاصي والمفتي الشعار والنائب السابق علي عيد، مباركا «الجهود المبذولة لانجاز المصالحة بين الاهل والاشقاء». ودعا الى «دعم كل جهد ومسعى يسهم في تقريب وجهات النظر وترسيخ الوفاق والتصالح بين اللبنانيين». وقال: «بدأنا في لبنان مرحلة جديدة من المصالحات. وعلينا ان نستكملها باشاعة التقارب بين الناس ونسيان الماضي والتسامح من بعضنا البعض لنفتح صفحة جديدة من اجل بناء مجتمع متضامن متكامل متعاون ومتحاب». وقال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري امس: «نسمع اليوم بمصالحة مهمة في طرابلس. ونحن نبارك سلفا. ونأمل بنجاحها. كما نأمل ان تعمم على كل المناطق التي تحتاج الى صراحة ومصالحة. نحن في الجبل ايضا، مسيرة السلم الاهلي والعيش المشترك والتآخي موجودة والحمدلله. وهي اذا كانت بحاجة الى مزيد من العمل لترسيخ هذا العيش المشترك فنأمل بجهود الرئيس بري وجميع المخلصين ووليد بك جنبلاط انهاء هذا الملف كما في الفترة الماضية».

واشاد النائب بطرس حرب بـ «الجهود التي يبذلها النائب الحريري وزعماء طرابلس ونوابها من اجل وضع حد لحالة التوتر والاحداث الدامية والمؤلمة التي تغرق فيها المدينة « وتمنى ان «تكون خطوة المصالحة في طرابلس الاولى على طريق مشروع المصالحة السياسية العامة ودفع كل الافرقاء السياسيين الى التزام القواعد الاخلاقية للعمل السياسي».

وهنأ النائب علي عادل عسيران بانجاز المصالحة في طرابلس. واعتبر «ان كل اتصال بين اللبنانيين خصوصا في هذا الشهر الفضيل هو عمل مبارك وميمون، لا بل هو واجب على كل مؤمن يريد الخير لاخيه المواطن ولوطنه». واكد النائب علي خريس دعم حركة «امل» لكل خطوة تقرب بين اللبنانيين. وقال « اننا في حركة امل نؤيد وندعم كل خطوة اصلاحية وكل خطوة تقرب بين لبناني واخر وبين منطقة واخرى».

واكد عضو «كتلة المستقبل» النائب احمد فتفت «رغبة الاطراف الطرابلسية في المصالحة» متحدثا عن «اياد تخطط من خارج المدينة وربما من خارج الحدود لاستغلال الوضع الذي كان قائما في عاصمة الشمال واعتماده لنشر الفوضى في انحاء لبنان». واكد ان «المطلوب هو مصالحة في كل بيروت وليس في منطقة الطريق الجديدة».

وعن امكان عقد لقاء بين النائب سعد الحريري والامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، قال: «ان لهكذا لقاء مقدمات وأسسا والتزامات وتوضيحات لما حصل واعترافات بالأخطاء السابقة. لكن هناك إمكانية لعقد لقاء وشيك بين الرجلين. والأمر مرتبط بمدى ايجابية الطرف الآخر». وعرض الأمين العام لـ«حركة التوحيد الاسلامي» الشيخ بلال سعيد شعبان ورئيس «التنظيم القومي الناصري» سمير شركس زيارة النائب الحريري لطرابلس و«سعيه الى رأب الصدع وتحقيق المصالحة في الشمال». واعلنا تأييدهما «هذه الخطوة التصالحية الشجاعة». وبدوره أعلن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط تأييده «الدعوة لحصول اي لقاء بين القوى السياسية لا سيما بين تيار المستقبل وحزب الله لما سيكون لذلك من إنعكاسات إيجابية على المستوى الوطني العام» معتبرا «أن إجراء المصالحة في طرابلس والشمال والجهود الهامة التي بذلها النائب سعد الحريري ستساهم في تعزيز المناخات الإيجابية التي يتطلع إليها الشعب اللبناني بكثير من الأمل. فالاستقرار هو ما يريده اللبنانيون. والدولة هي مشروعهم الأكيد، لأن كل المشاريع الموازية قد جربت في السابق وأثبتت فشلها المطلق وأثمانها الباهظة والمكلفة».