برنامج تدريب أميركي لقوى الأمن اللبنانية يركز على «التقنيات» ويبتعد عن «السياسة.. والمقاومة»

TT

«إعطونا الاتفاق السياسي وخذوا منا الامن». هذه هي حال قوى الامن الداخلي في لبنان بعد 3 سنوات على انطلاق عملية اعادة بناء القوى الامنية اللبنانية التي ستنتهي برفع عديدها الى 29 ألف عنصر بدلا من 23 ألفا حاليا و12 ألفا قبل ثلاث سنوات.

ولأن الزيادة السريعة في العديد لم تترافق مع زيادة مماثلة في العتاد والتدريب، بالاضافة الى الوضع السياسي العام الذي يضغط على الامن، كانت قوى الامن الداخلي أكثر المتضررين. ففقدت، أولا، قدرتها على حفظ الامن بشكل فاعل. كما اصيبت مفاصلها بالصدأ نتيجة عدم القدرة العملانية على التدريب المتواصل. ولعل ابسط الدلائل على ذلك أن عنصر قوى الامن «المقاتل» يتدرب على الرماية مرتين فقط في العام وبطلقات محدودة لا تتجاوز العشر. وتستفيد قوى الامن الداخلي حاليا من اتفاقية بين الحكومتين اللبنانية والاميركية ستدرب الولايات المتحدة بموجبها نحو ثلث عديد القوى الامنية خلال 4 سنوات. وتبلغ قيمتها 60 مليون دولار تتوزع على النشاطات التدريبية والتجهيزات، بينها 5 ملايين دولار سوف تنفق على اعادة تجهيز معهد قوى الامن الداخلي في محلة الحدث في ضاحية بيروت الشرقية الشمالية. ويشمل البرنامج ايضا 300 سيارة دورية وصلت الى قوى الامن منذ فترة قصيرة، بالاضافة الى اصلاحات لمصفحات قوى الامن.

أما في الجانب البشري، فان هذا البرنامج سيشمل تدريبا «أساسيا» يشمل نحو 8 آلاف عنصر من قوى الامن يتضمن تدريبات أولية، بالاضافة الى تخريج نحو 1200 مدرب سوف يكملون ما بدأه الاميركيون الذين خرجوا دورة من 343 عنصرا وسيخرجون منتصف الشهر الحالي 186 عنصرا آخر بالاضافة الى 99 مدربا، مع الاشارة الى ان اولى ثمار هذه الاتفاقية أن عناصر كل دورة يطلقون الان رمايات بمعدل 55 الف طلقة.

وتأتي المساعدة الاميركية تنفيذا لاتفاق وقع في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي مع الحكومة اللبنانية لـ«دعم نمو وكالات انفاذ القانون من خلال تعزيز قدرات قوى الامن الداخلي على فرض القانون وبسط سلطة الحكومة وسيطرتها على كافة اراضيها وحماية الشعب اللبناني». كما شرحت منسقة البرنامج الاميركية فيرجينيا رمضان خلال «طاولة مستديرة» عقدت أمس في مقر معهد قوى الامن الداخلي بمشاركة قائد المعهد العميد عبد البديع السوسي حضرتها «الشرق الاوسط». كان الطرفان اللبناني والاميركي في غاية الحرص على ابعاد «المفاعيل السياسية» عن هذا البرنامج، ازاء اسئلة الصحافيين الذين توقف بعضهم عند «دروس مكافحة الارهاب»، فتناوب قائد المعهد ورئيس البعثة التي شاركت في جولة اميركية، العقيد منير شعبان، على تبديد هذه «الهواجس» بالتأكيد على ان ما يحصل هو «تدريب العسكريين على حماية المواطن»، وشددا على أنه لا يتم ذكر اي أمثلة عن «الارهاب» خلال هذه التدريبات، وأن لا علاقة لها لا بالمقاومة ولا بالسياسة الاميركية. وأوضح شعبان ان قوى الامن ترسل عناصرها للتدريب في العديد من البلدان العربية والاجنبية؛ ومنها ايران وسورية وغيرهما. وتتدخل رمضان لتؤكد أن «التدريب تقني فقط». وتعزز موقفها باعطاء الكلام لرئيس المدربين الاميركيين آل ستيوارت الذي رأى ان «الارهابي في مكان قد يكون بطلا في مكان آخر»، مشددا على ان فريق التدريب يعمل على التقنيات فقط. وتشير السفارة الاميركية الى ان اهداف البرنامج تتلخص بـ«تعزيز قدرة قوى الامن الداخلي اللبناني من خلال التدريب والتجهيز لحماية المواطن اللبناني والقادمين الى لبنان من النشاطات الاجرامية ومعاقبة المخالفين عبر زيادة قدرة قوى الامن الداخلي على مكافحة هذه النشاطات باشكالها كافة. ويتألف فريق الشرطة اللبنانية ـ الاميركية، بقيادة مديرة برامج انفاذ القانون الدولية في السفارة الاميركية، من رجال شرطة اميركيين ومتعاقدين في سلك الشرطة من المدنيين ورجال شرطة من قوى الامن الداخلي اللبناني ومترجمين ومترجمين فوريين من المدنيين».

وقد اختارت وزارة الخارجية الاميركية رجال شرطة اميركيين يتمتعون بخبرات متقدمة في مجال التدريب، وتم ارسالهم الى لبنان لتقديم التدريبات في معهد قوى الامن الداخلي، حيث يقوم مدربان اميركيان بتدريب كل صف الى جانب اثنين من رجال الشرطة اللبنانية، ويعاونهم مساعدون لغويون. يقوم بصياغة المنهاج فريق من رجال شرطة اميركيين يملكون سنوات من الخبرة في مجال اعداد المناهج والتعليم، الى جانب رجل شرطة من قوى الامن الداخلي يساهم في تقديم معلومات قيمة حول القوانين والاجراءات اللبنانية.