«الشاباك» يساوم رئيسا سابقا لبلدية خان يونس في قطاع غزة

المخابرات الإسرائيلية تحاول استغلال الانقسام الداخلي لتجنيد فلسطينيين

TT

كان وقع الصدمة كبيرا على الدكتور فايز أبو شمالة، الرئيس السابق لبلدية خان يونس، جنوب قطاع غزة، عندما عرٌف الشخص الذي كان يتصل به هاتفيا، نفسه بأنه ضابط المخابرات الإسرائيلي «روني» وأنه يعرض عليه بشكل غير مباشر التعامل.

وإن كان عناصر المخابرات الإسرائيلية العامة (الشاباك) قد كثفوا في الآونة الأخيرة محاولاتهم لتجنيد أكبر عدد من الفلسطينيين في قطاع غزة عبر الاتصال بهواتفهم النقالة، فإن مصدر الصدمة بالنسبة لأبو شمالة كما قال لـ«الشرق الأوسط» يكمن في حقيقة «جرأة» عناصر «الشاباك» في محاولة تجنيده رغم أنه أحد الشخصيات العامة المعروفة في القطاع، فهو رئيس بلدية سابق لمدينة خان يونس، وباحث أكاديمي حاصل على الدكتوراه في الأدب العبري، فضلاً عن أنه كاتب سياسي له جمهور من القراء، ناهيك من كونه مناضلا يساريا قضى في سجون إسرائيل عشر سنوات، وليس أقل من هذا عمره الكبير نسبياً، إذ أنه على مشارف الستين من عمره. ويستدرك أبو شماله قائلاً إنه من خلال حديث «روني» معه يتبين أن الذي شجعه على محاولة مساومته على التجند لصالح «الشاباك» هو واقع الانقسام الفلسطيني الداخلي. وكما يقول أبو شمالة فقد حاول «روني» في حديثه استغلال حقيقة أن حكومة إسماعيل هنية المقالة في غزة، أقالته من منصبه كرئيس لبلدية خان يونس وعينت مكانه أحد نشطائها، في حين أن حكومة رام الله قطعت راتبه بسبب تأييده لحماس. وكما يقول أبو شمالة فإن «روني» هاجم حماس ووصفها بـ«المجرمة» لأنها سرحته من منصبه، محاولاً الاستخفاف بالشخص الذي عينته محله. في نفس الوقت عرض «روني» على أبو شمالة المساعدة بعدما قطعت حكومة رام الله الراتب عنه. ورغم أن أبو شمالة زجره في المرة الأولى مؤكداً أن مسألة إقالته من رئاسة البلدية ليست من شأن المخابرات الإسرائيلية، فضلاً عن أن أوضاعه المادية جيدة، إلا أن روني أبلغه أنه سيتصل به لاحقاً، ناصحاً إياه بشراء هاتف نقال اسرائيلي من نوع «أورانج» حتى يكون بالإمكان الحديث بسهولة. وأضاف أبو شمالة أن روني عاود الاتصال به مجدداً عارضاً عليه نفس العرض، لكن عندها كاشفه أبو شمالة الذي كان يصر على الحديث اليه باللغة العبرية رغم طلب روني منه التحدث بالعربية، بما أحجم عنه في المرة الأولى عندما قال له إنه يحاول تجنيده لصالح المخابرات الإسرائيلية مستغلاً قرار حكومة حماس بإقالته وقرار رام الله بقطع راتبه، وهذا المستحيل بعينه، فعندها عبر «روني» عن يأسه من أبو شماله، قائلاً له «أنت عنيد ولا يمكن التفاهم معك». إن أكثر ما يثير حفيظة أبو شمالة هو استغلال المخابرات الإسرائيلية حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني وما نجم عنها من ممارسات سلبية من طرفي الانقسام في محاولة تجنيد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة، وقال «إنني متأكد أنه لم تصل الجرأة بعناصر المخابرات الإسرائيلية لمحاولة تجنيد شخص مثلي إلا بعد أن استغلوا الواقع البائس الناجم عن الانقسام ونجحوا في تجنيد أشخاص كثيرين». وأكد أبو شمالة أن هذا الواقع يفسح المجال أمام المخابرات الإسرائيلية لإستغلال واقع الموظفين الذين تقطع رواتبهم من قبل حكومة رام الله أو أولئك الذين يتعرضون لإجراءات قمعية من قبل حكومة حماس فتحاول استدراجهم للتعامل معها. ويحمل أبو شمالة الفصائل الفلسطينية المسؤولية عن هذا الواقع، مؤكداًُ أن النفسية الفلسطينية لم تعد محصنة في ظل الانقسام الداخلي. إلى ذلك دعا الجهاز الأمني التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الشباب الفلسطينيين لعدم التعامل مع أي اتصال مجهول المصدر أو أي اتصال من شركة «أورانج» الإسرائيلية. وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قال مصدر امني مسؤول في الجهاد إن عناصر «الشاباك» يجرون غالباً اتصالات عشوائية، وإذا تعاطى المتصل به (بفتح الصاد) بشكل ايجابي يقومون بإغوائه بالمال. وطالب المسؤول الأهالي بضرورة مراقبة أبنائهم وأجهزة الاتصالات «كي لا يقعوا فريسةً سهلةً لرجال المخابرات الاسرائيلية الذين يستغلون حاجة أبناء شعبنا نظراً للحصار الظالم». وأكد المسؤول أن 80 في المائة من العملاء يكون إسقاطهم عبر اللعب على الاحتياجات المالية، مبيّناً أن البطالة والفقر الناتجين عن الحصار الإسرائيلي هما عنصر أساسي للسقوط في أوكار التخابر للعدو.