مسلحو دارفور يرفضون قرار المجلس الوزاري العربي ويعتبرونه محاولة لإنقاذ البشير

اعتبروا أن الجامعة منحازة للخرطوم.. ووصفوها بـ«المنظمة العنصرية».. والحكومة السودانية ترحب

TT

أعلنت الخرطوم ترحيبها الحار أمس بقرار مجلس وزراء الخارجية العرب، القاضي بإطلاق مفاوضات سلام بشأن دارفور، تستضيفها قطر، وبرعاية لجنة وزارية عربية، فيما أكدت الحركات المسلحة في دارفور تحفظها على القرار واعتبرته محاولة من الجامعة لإنقاذ الرئيس السوداني عمر البشير من مذكرة الايقاف التي اصدرها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، ودعت الى المساهمة في مبادرة الامم المتحدة وليس طرح مبادرة جديدة. وقرر المجلس الوزاري في ختام جلساته أمس بالقاهرة، تشكيل لجنة عربية من السعودية وليبيا وقطر ومصر والجزائر وسورية، برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم، والأمين العام لجامعة العربية عمرو موسى، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، لتولي ترتيب مباحثات سلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور، تستضيفها الدوحة قريبا، بهدف التوصل إلى اتفاقية سلام شاملة لتسوية الأزمة، في أقرب الآجال. وقال القيادي في حركة تحرير السودان ـ فصيل (الوحدة) الدكتور شريف حرير لـ«الشرق الاوسط» ان «كثرة المبادرات تضعف قضية دارفور»، واضاف «اذا كانت الجامعة العربية تحاول إنقاذ البشير من المحكمة الجنائية، فان مبادرتها مرفوضة من الان»، مشيراً الى ان الجامعة العربية لم تصدر أي بيانات ادانة ضد الحكومة السودانية بشأن دارفور منذ خمس سنوات. وقال ان «القتل الاخير في معسكر كلمة للنازحين، والمعارك الدائرة حالياً في جبل مرة، لم تدفع الجامعة العربية لاصدار كلمة واحدة تدين بها الخرطوم». واضاف «مبادرة الجامعة محاولة لاضعاف الوساطة الدولية وليس لدعمها»، مندداً ايضا بموقف الاتحاد الافريقي الذي وصفه بالضعيف وان سجله غير مشرف.

من جهته كرر الناطق باسم حركة العدل والمساواة، احمد حسين، لـ«الشرق الاوسط»، ما قاله شريف معبرا عن خشيته ان تكون مبادرة الجامعة العربية محاولة لانقاذ الرئيس السوداني، وقال ان حركته لم تتلق اتصالات من قبل الجامعة في شأن مبادرتها، لكنه قال ان «من السابق لأوانه الحديث عن تنسيق بين الحركات»، واصفاً مبادرة العرب بـ«الفوقية لانها لا تتعامل مع الاطراف بالندية». وتابع «الجامعة العربية منحازة الى جانب نظام البشير لانها لم تدن قتل العزل في معسكرات النازحين والمعارك الحالية التي تديرها الخرطوم في مواقع دارفور المختلفة». وقال ان مؤسسات حركته ستدرس المبادرة اذا تسلمتها من الجامعة العربية وسترد بعد تمحيصها. وبدورها نددت حركة تحرير السودان المتحدة، بزعامة احمد عبد الشافي، بمواقف الجامعة العربية من قضية دارفور ووصفتها بـ«المنظمة العنصرية»، وقال مسؤول الإعلام في الحركة عبد اللطيف اسماعيل لـ«الشرق الاوسط» ان «مواقف الجامعة العربية مخزية في قضية اقليم دارفور الذي يضم العرب والافارقة وجميعهم مسلمون»، وتابع «لكن الجامعة انحازت لنظام البشير ولن نستمع اليها حتى تغير من مواقفها وتدعم قضية اهل دارفور في تحقيق العدالة»، مشيراً الى ان الجامعة تحاول إنقاذ البشير وانها تقف ضد المحكمة الجنائية الدولية، وقال ان «الجامعة لا يمكنها ان تقدم حلاً لأنها اصبحت مظلة لتمرير جرائم النظام في الابادة الجماعية». واضاف «نحمل الجامعة العربية والاتحاد الافريقي صمتهما من قتل المدنيين في دارفور واستمرار جرائم الإبادة».

أما في الخرطوم فقد أعلنت الحكومة السودانية ترحيبها بالخطوة من دون تحفظ، واعتبرتها مهمة، فيما رحبت المعارضة السودانية الشمالية بتحفظ. وأعلن وزير الدولة بوزارة الخارجية علي أحمد كرتي أن هذا القرار هو أهم قرار تم اتخاذه في اجتماع الدورة 130 لمجلس وزراء الخارجية العرب. وقال إن «عمل هذه اللجنة هو ضمن حزم الحل المتوافق عليها بين السودان والجامعة العربية باعتبار أن هذه الحزمة تحتاج الى حل شامل يجمعها وهو السلام عبر المفاوضات». وقال كرتي، المشارك في اجتماعات القاهرة في تصريحات صحافية، إن المبادرة قدمتها الجامعة العربية وكلفت بها مجموعة من الوزراء بالإعداد لمباحثات سلام بين الحكومة وحركات دارفور المسلحة، وقد وافقت قطر على استضافة هذه المباحثات.

وقال إن مجلس الجامعة كلف أيضا بجمع المساعدات الانسانية من الدول الإقليمية والدولية لدارفور وايضا بحث كيفية مساهمة الدول العربية في دعم الأوضاع الإنسانية هناك. وحول الوقت المحدد لبدء أعمال اللجنة وإجراء الاتصالات الضرورية ومن يقوم بها من أعضاء اللجنة قال الوزير: «أعط حكيما ولا توصه.. فان قطر تعرف كيف تدير هذا الأمر وهو متروك لها». ورحبت المعارضة السودانية بالقرار العربي، ولكنها تحفظت بان الحل على المستوى السوداني هو الاهم في قضية دارفور. وفي السياق قال الدكتور عبد النبي علي احمد، الامين العام لحزب الامة المعارض بزعامة الصادق المهدي، لـ«الشرق الاوسط» ان حزبه يرحب بقرار الجامعة العربية ولو جاء متأخرا. لكنه قال ان «التراضي الوطني يجب ان يتم اولا قبل ان يأتي الحل من الخارج». ورحب الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض، بزعامة محمد عثمان الميرغني، بالخطوة وقال المحامي علي السيد لـ«الشرق الاوسط»: «نرحب بأي جهد يساعدنا في حل المشكلة»، واضاف ان السودانيين «لن يرفضوا إعانة من يسعى لتقديم الإعانة لهم».