أرمل بوتو يؤدي اليمين الدستورية رئيسا جديدا لباكستان.. وتحديات كبرى تواجهه

زرداري وكرزاي يؤكدان اتحادهما ضد الإرهاب..وبوش يحثه على ذلك

TT

أدى آصف علي زرداري أرمل بي نظير بوتو رئيسة وزراء باكستان الراحلة اليمين الدستورية امس كرئيس لباكستان لولاية من خمس سنوات فيما يأمل الحلفاء والمستثمرون أن يكون خطوة باتجاه الاستقرار بعد حالة عدم التيقن التي سادت البلاد على مدى أشهر.

وقال زرداري «أود أن أقول لشعب باكستان أشكركم لانتخابي. أشكركم على منحي هذا الشرف. أنني اقبل رئاسة باكستان باسم الشهيدة المحترمة بي نظير بوتو».

وأضاف زرداري في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الافغاني حميد كرزاي في اسلام آباد «الحكومة الباكستانية لديها بالفعل خطة شاملة. وبالطبع لقد اكتسبت قوة الدفع من شعب باكستان. ربما كانت حرب الامس لا تحظى بدعم الشعب، ولكن حرب اليوم يقف وراءها شعب باكستان. في الحقيقة كان رئيس باكستان نفسه ضحية للارهاب». وفي إشارة إلى اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو على أيدي متشددين دينيين، قال زرداري إنه يريد أن يخبر العالم أنه كان ضحية للإرهاب، فقال: «أنا ضحية للإرهاب، وباكستان ضحية للإرهاب».

وقال الرئيس آصف علي زرداري في تقدير تام لزوجته الراحلة: «أقبل منصب الرئاسة في حزن على الراحلة بي نظير بوتو. أقبله باسمها وباسم جميع شهداء الديمقراطية».

وقال زرداري ونظيره الافغاني حميد كرزاي في إسلام آباد امس انهما يقفان صفا واحدا في محاربة الارهاب. وقال كرزاي، ان «هذه المسألة مهمة للبلدين». واضاف ان المسألة تتعلق «بالقتال ضد هذه الآفة بالطريقة الصحيحة»، مضيفا انه وزرداري متفقان حول كيفية حل المشكلة.

واضاف كرزاي «اجد في الرئيس زرداري ارادة ورؤية جيدة ليس فقط للعلاقات بين البلدين ولكن كذلك بالنسبة للمنطقة، وذلك لاول مرة في هذه المنطقة».

وتوترت العلاقات بين البلدين الجارين في ظل نظام الرئيس الباكستاني برويز مشرف، حيث اتهم كرزاي إسلام آباد بعدم القيام بما يكفي للحد من عبور المسلحين من باكستان الى افغانستان.

وقال زرداري للرئيس الافغاني ان «باكستان تعتزم العمل معك والى جانبك». واضاف «نحن اقوى من الصعاب».

ويخلف زرداري الرئيس السابق برويز مشرف الذي اضطر للاستقالة قبل ثلاثة اسابيع اثر تهديدات الائتلاف الحكومي الجديد الذي تشكل اثر الانتخابات التشريعية في 18 فبراير (شباط) الماضي باطلاق اجراءات اقالة بحقه.

وزرداري، 53 عاما، زعيم ابرز حزب في الائتلاف الحكومي «حزب الشعب الباكستاني» الذي كانت ترأسه زوجته بوتو الى حين اغتيالها نال بدون مفاجأة السبت اكثر من 70% من اصوات نواب البرلمان واربعة مجالس اقليمية.

وزرداري الشخصية المثيرة للجدل لا يحظى بتأييد شعبي في بلاده، ويبقى رمزا للفساد في ظل حكومتي زوجته في التسعينيات رغم ان القضاء تخلى في الاونة الاخيرة عن كل الملاحقات ضده.

لكن التحديات التي يتوجب عليه ان يواجهها كبرى، حيث انه سيترأس دولة تواجه وضعا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا فوضويا: فالمعارك تشتد بين الجيش والاسلاميين المقربين من القاعدة في المناطق القبلية بشمال غربي البلاد، ويرد الاسلاميون عبر تكثيف حملة لا سابق لها من العمليات الانتحارية التي اوقعت حوالي 1200 قتيل خلال سنة وشهرين.

وبالاضافة الى ذلك فان واشنطن التي تعتبر باكستان منذ سبتمبر (ايلول) 2001 حليفا رئيسيا في «الحرب على الارهاب»، تبدي بشكل متزايد نفاد صبرها ازاء إسلام آباد متهمة اياها بالضعف في المناطق القبلية على الحدود مع افغانستان حيث يعتبر الاميركيون ان عناصر القاعدة وطالبان اعادوا تشكيل قواعدهم الخلفية.

وقد كثفت الولايات المتحدة، ابرز جهة مانحة للمساعدات لباكستان، في الاشهر الماضية اطلاق الصواريخ على المناطق القبلية مستهدفة القاعدة لكن بدون التمكن من تجنب سقوط العديد من المدنيين. وفي هذه الحالة يواجه زرداري وضعا صعبا.

فمن جهة يدرك ضرورة تلبية مطالب واشنطن تحت طائلة تأزم الوضع الاقتصادي في حال عدم وصول المساعدات المالية بشكل سريع كما يرى الخبراء الاقتصاديون. وقد دعا الرئيس الاميركي جورج بوش الاثنين الماضي باكستان الى الحرص على الا تصبح «ملجأ للارهاب».

ومن جهة اخرى عليه التعامل مع التنامي السريع لموجة معاداة للاميركيين لدى الشعب الباكستاني البالغ عدده 168 مليون نسمة من جراء الهجمات الاميركية والكلفة العالية التي تتكبدها البلاد بسبب «الحرب على الارهاب» مع وقوع كل عملية انتحارية.

وقد اعلن اسامة بن لادن الجهاد في باكستان عام 2007 متهما برويز مشرف بالخضوع لارادة بوش. لكن الاسلاميين وقسما من الرأي العام يعتبر ايضا زرداري الى حد كبير على انه «دمية» واشنطن الجديدة.

ويحتمل ان يواجه سريعا مصاعب على الصعيد السياسي، فائتلافه الحكومي هش والحكومة تحت رحمة احزاب صغيرة متفاوتة المصالح: من العلمانيين الى الاصوليين المسلمين وصولا الى القوميين في الاقاليم. ويتوقع قسم منهم موقفا حازما ازاء الولايات المتحدة التي شنت من افغانستان قبل اسبوع اول هجوم ميداني يعلن عنه في المناطق القبلية ما ادى الى مقتل 15 مدنيا بحسب إسلام آباد.

ومنذ ذلك الحين اصبح اطلاق الصواريخ من الطائرات الاميركية بدون طيار امرا شبه يومي. وكان آخره الاثنين الماضي حيث ادى هذا القصف الى مقتل 21 شخصا على الاقل بينهم 14 اسلاميا وسبعة مدنيين بحسب السلطات.

وقالت متحدثة باسم حزب الشعب الباكستاني الذي ينتمي اليه زرداري ان الرئيس الجديد سيعزز الديمقراطية ويساعد الفقراء. وفي كراتشي عبر باكستانيون عن ترحيبهم بانتخاب زرداري وعبروا عن الامل في أن يتمكن الرئيس المنتخب في علاج مشكلة ارتفاع الاسعار.

وقال منير أحمد وهو بائع في أحد متاجر كراتشي «لقد أدى اليمين زرداري.. الآن نحن نتطلع الى أن يقوم ببعض الاعمال الجيدة للبلاد. يتعين عليه أن يخفض الاسعار».

بينما قال آخر من سكان كراتشي ويدعى خالد «اليوم هو يوم الفرح .. يوم النصر والديمقراطية. نتوقع منه أن يفي بوعوده بتغيير النظام وأن يحظى الجميع بالعدالة. انه سيخفض الاسعار. وسيتخذ خطوات لكبح الارهاب».

ويأمل المستثمرون وحلفاء باكستان بقيادة الولايات المتحدة أن تعيد الانتخابات بعض الاستقرار للبلاد بعد أشهر من الاضطرابات السياسية وتصاعد أعمال العنف.