موسكو تؤكد بقاء 7600 عسكري بالجمهوريتين.. وتطالب بضم أوسيتيا وأبخازيا لمحادثات جنيف

روسيا تتحدى «الهيمنة» الأميركية.. وواشنطن تجمد الاتفاق النووي معها

جندي روسي يفتش سيارة مواطن جورجي في نقطة تفتيش شمال غربي مدينة غوري امس (ا ف ب)
TT

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه يجب ضم جمهوريتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا الانفصاليتين اللتين اعترفت موسكو باستقلالهما «بشكل تام» الى المحادثات الدولية التي ستبدأ في 15 اكتوبر (تشرين الاول) في جنيف بشأن النزاع الجورجي الروسي حولهما.

وقال لافروف في تصريح صحافي «إن لائحة المشاركين في هذا اللقاء لم تحدد في خطة السلام لكننا اشرنا بشكل صريح الى وجوب ان تشغل اوسيتيا الجنوبية وابخازيا مقعدا على طاولة هذه المحادثات»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد لافروف امس ان القوات الروسية «ستبقى لمدة طويلة» في جمهوريتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين في جورجيا، لمنع أي تجدد للعنف. وفي نفس الوقت انسحبت القوات الروسية امس من بلدة غانموخوري الجورجية قرب ابخازيا (شمال غرب) ما يشكل «اول مؤشر لانسحاب» القوات الروسية من الاراضي الجورجية. ونقلت وكالة انترفاكس للانباء عن وزير الدفاع الروسي اناتولي سيرديوكوف قوله ان روسيا ستحتفظ بنحو 3800 عسكري في كل من المنطقتين الانفصاليتين في جورجيا، اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، فضلا عن هيكلية هذه القوات ومواقع تمركزها».

وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي «ان القوات الروسية ستبقى هناك (في اوسيتيا الجنوبية وابخازيا) لمدة طويلة. هذه ضرورة مطلقة اقله في المستقبل المنظور حتى لا تتكرر اعمال عدوانية» من جانب جورجيا. واضاف في ختام لقاء مع نظيرته النمساوية اورسولا بلاسنيك ان روسيا ستوقع «قريبا اتفاقات» حول نشر قوات روسية في هاتين الجمهوريتين الانفصاليتين.

وبينما اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان واشنطن جمّدت الاتفاق النووي الروسي ـ الاميركي من الكونغرس في الوقت الحالي بسبب تصرفات موسكو في جورجيا، مضت روسيا خطوة اضافية في سعيها الصريح للتصدي «للهيمنة» الاميركية بإعلانها أول من أمس نشر طائرات مضادة للغواصات في فنزويلا التي يرئسها هوغو تشافيز عدو واشنطن اللدود. ويرى المحللون في إرسال الطرادة «بطرس الاكبر» النووية الدفع والمجهزة بصواريخ قادرة على حمل رؤوس تقليدية ونووية وسفينة «الادميرال تشابانينكو» المضادة للغواصات ضمن الاسطول الصغير الذي سيتوجه الى مرفأ فنزويلي، خطوة جديدة في لعبة شطرنج تدور مع واشنطن.

وقال توما غومار، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية ومقره في باريس، ان «هذا سيفسر بالطبع كزيادة التوتر درجة، وهو ما يثير القلق». ورأى انه بالرغم من انتصارهم العسكري «يخرج الروس معزولين من الأزمة الجورجية ولم يحصلوا فيها سوى على دعم دول نادرة مثل فنزويلا وسورية».

وقال «قد يحولون هذا التلاقي الدبلوماسي (مع هذه الدول) الى تكثيف للتعاون العسكري» معها، مذكرا بان سورية عرضت على روسيا تسهيلات في مرفأ طرطوس. ولفت الى ان موسكو كانت تكتفي حتى الآن ببيع اسلحة لكاراكاس ولا سيما مقاتلات وتساءل «هل ستمضي روسيا خطوة اضافية وتجازف بزيادة عزلتها؟».

واعتبر غومار انه وسط الوضع القوقازي المتشعب والمعقد، فإن مبادرة موسكو هذه «تندرج على ما يبدو ضمن خطين: الاول نقض الهيمنة الاميركية بوضوح متزايد والثاني دعم توجه الدول لاستعادة السيطرة على سياسات الطاقة وهو توجه يرفع تشافيز رايته».

وكان فلاديمير بوتين قد حمل بعنف في مطلع 2007 في ميونيخ في وقت كان لا يزال رئيسا لروسيا على «العالم الاحادي القطب» الذي تتزعمه واشنطن، في خطاب اعتبر آنذاك انه يكرس عودة روسيا الى الواجهة في العالم.

وتبدو روسيا هذه المرة مصممة على ترجمة أقوالها على ارضية الواقع، وقد أثار مشروع نشر الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في اوروبا الوسطى واحتمال انضمام اوكرانيا وجورجيا الى منظمة حلف شمال الاطلسي استياءها.

ولفت ماثيو كليمنتس، المحلل في مجموعة «جينز» في لندن، الى ان «انتشار عدد ضئيل من الطائرات بصورة مؤقتة» في فنزويلا يحمل «مغزى رمزيا لا أكثر».

ورأى ان موسكو لا تريد العودة الى الحرب الباردة بل انها تقول للغربيين «ان اردتم التدخل في مجال نفوذنا، فيمكننا مبادلتكم ذلك».

من جهته اكد الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف في مقابلة مع صحيفة «ال باييس» الاسبانية امس ان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي شن عملية عسكرية على اوسيتيا الجنوبية أدت الى اجتياح روسي لبلاده، عملا بنصيحة الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الاوروبي. وعند سؤاله حول مستشاري ساكاشفيلي اجاب ساخرا «في حال لا تعلمون، سأخبركم: الولايات المتحدة، وايضا بعض الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي» بلا تسميتها.

وكان غورباتشوف قد صرح في 18 اغسطس (اب) بالقول «هل كان الغرب مطلعا على خطط ساكاشفيلي؟ هذا السؤال الخطير لم يجد إجابة بعد».