قرار زيادة الأجور في لبنان يفجر نزاعا قضائيا بين الدولة والهيئات الاقتصادية

الصناعيون والعمال اختلفوا من منطلقات مختلفة

TT

لم يستطع التوافق في مجلس الوزراء اللبناني أول من أمس حول زيادة الأجور في القطاعين العام والخاص، ولو جاء متأخرا أسبوعا، أن ينسحب على كل الأطراف المعنية بهذه الزيادة، وإن كان الذين اختلفوا عليها انطلقوا من مواقف متعارضة، لا بل متناقضة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو النقابي.

وكان أبرز المعترضين رئيس جمعية الصناعيين، فادي عبود، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» رفضه الكامل لقرار مجلس الوزراء، معتبراً أنه «غير قانوني، سواء بالنسبة الى شموله القطاع الخاص، أو المفعول الرجعي، أو بدل النقل، أو احتساب الزيادات السابقة للأجر».

وقال: «إذا كان القرار الصادر في 9 الشهر الحالي عن مجلس الوزراء هو ذاته القرار الصادر في 5 من الشهر الخامس (مايو/أيار) فنحن نقبله، لأن هذا الأخير لم يتناول القطاع الخاص ولا بدل النقل، علماً ان كل الاتفاقات الدولية التي وقع عليها لبنان تمنع تدخل الدولة في شطور الأجور في القطاع الخاص وتحصر اهتمامها بالحد الأدنى للأجور. أما إذا تغيرت كلمة واحدة في القرار الصادر أخيراً، فإننا سنرفضه، مرتكزين على قرار سابق من مجلس شورى الدولة».

وأشار عبود الى أن زيادة بدل النقل «غير قانونية أيضاً، لأن موضوع بدل النقل ما زال موضع نزاع بين الدولة والهيئات الاقتصادية منذ سنوات عدة حيث تقدمت الهيئات بطعن بقرار بدل النقل. ولم يصدر في شأنه بعد أي حكم من مجلس الشورى».

وأكد: «نحن ننتظر صدور المرسوم. والأرجح أننا ذاهبون الى القضاء، وتحديداً الى مجلس الشورى للوقوف على رأيه في كل ما صدر». ولفت الى أن الحكومة «نجحت في نقل الصراع بينها وبين الطبقة العاملة الى صراع بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام».

ويبدو أن الهيئات الاقتصادية لم تكن بعيدة عن هذا الجو بالرغم من أنها تؤكد اتفاقها مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في وقت سابق على غير ما صدر. وأعلنت هذه الهيئات في اجتماع استثنائي لها «رفض مضمون ما نشر حول تعديل الأجور في القطاع الخاص انطلاقا من مبدأ حصر تدخل الدولة بتحديد الحد الأدنى للأجر فقط».

وأعلنت أيضا رفضها أي زيادة على بدل النقل لا سيما انه سبق لها أن طعنت بمرسوم هذه الزيادة تباعا منذ عام 2002 ا. وأكدت مجددا على ضرورة عدم إصدار المرسوم بالمضمون الذي نشر في الصحف. وطالبت الحكومة بتطبيق ما كان قد تم الاتفاق عليه مع رئيس الحكومة في 3/9/2008 «وفي حال عدم تجاوب الحكومة مع رغبة الهيئات الاقتصادية فإنها سوف تكون مضطرة آسفة لرفض تنفيذ مضمون هذا القرار واللجوء الى مجلس شورى الدولة للطعن به».

من جهته، اعترض الاتحاد العمالي العام، وهو الطرف المعني مباشرة بأي تصحيح للأجور، على الزيادة. وقال رئيسه غسان غصن لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيادة التي أقرتها الحكومة لا تفي بالمرام على الإطلاق. وسنستمر في تحركنا وصولا الى تصحيح حقيقي للأجور، أي الوصول الى الأجر العادل الذي يعتبر من حقوق العامل الأساسية». وأضاف: «كنا نتمنى لو ان الحكومة تبنت حوارا حقيقيا حول الوضع المعيشي العام. لكن الزيادة المقررة جاءت فوقية وعلى شكل تهريبة».

ومعلوم أن الاتحاد العمالي كان يطالب بنسبة غلاء معيشة تبلغ 58 في المائة وتثبيت أسعار المواد الأساسية والضرورية ودفع فروقات سلسلة الرتب والرواتب الصادرة عام 1998.

واعتبر الاتحاد، عقب اجتماع هيئة مكتب مجلسه التنفيذي أمس، أن الزيادة المقررة «لا تتلاءم إطلاقا مع حقوق العمال والموظفين ولا تتقارب مع الأرقام المقدمة من الاتحاد العمالي. وهي لم تعوّض سوى نسبة هزيلة مما فقدته الأجور والرواتب من قدرتها الشرائية». وأكد تمسكه «بتطبيق كل المراسيم التي تلزم أصحاب العمل برفع الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة والشطور والمفعول الرجعي منذ مطلع السنة». ودعا مختلف الهيئات وروابط المعلمين والأساتذة في القطاعين العام والخاص الى «توحيد الجهود والعمل الموحد من اجل المزيد من الضغط وفرض التصحيح العادل».

لكن فريقا منشقا عن الاتحاد، هو «الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان»، ناقض موقف الاتحاد العام، فرحب بما سماه «التصحيح المتواضع رقما، والواعد مستقبلا بإعادة العدالة الى الأجور».