إيران: لقاءات مع أميركيين تمت في عواصم أوروبية.. وجاهزون لمباحثات «إزالة الغموض»

مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط»: احتمال مباحثات إيرانية ـ غربية في نيويورك * حكومة نجاد تواجه خطر إعادة تصويت البرلمان بالثقة فيها

TT

قال مساعد وزير الخارجية الإيراني، مهدي صفري، إن هناك «نقاطا غامضة» في حزمة الحوافز الغربية لإيران لا بد من توضيحها، مشيرا في مؤتمر صحافي أمس بالسفارة الإيرانية في لندن الى أن المباحثات بين مسؤول الملف النووي الإيراني، سعيد جليلي، ومسؤول السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، تأجلت مؤخرا بسبب انشغال سولانا بالسفر بين موسكو وتبليسي على خلفية التوترات بين روسيا وجورجيا، موضحا أنه بعد تقديم جليلي ورقة في اجتماع جنيف الأخير حول الرؤية الإيرانية للتفاوض، فإن طهران تنتظر أن يفرغ سولانا من الأزمة في القوقاز لتبدأ مباحثات «إزالة الغموض» في سلة الحوافز الغربية بين الطرفين. وقال صفري إن دول 5 + 1 اتفقت مع إيران على أن هناك نقاطا غامضة في سلة الحوافز وان العمل جار من جانب الطرف الغربي لإزالتها، غير انه رفض الخوض في تفاصيل النقاط التي تراها طهران غامضة في سلة الحوافز، موضحا أنه من المفترض أن تتوضح هذه النقاط عندما يلتقي سولانا وجليلي في موعد لم يتحدد بعد. وقال المسؤول الإيراني إنه وجه دعوة الى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند، الذي التقاه صباح امس، لزيارة إيران وافق عليها ميليباند، وينظر الآن في موعدها عبر القنوات الدبلوماسية. وأوضح صفري أن مباحثاته في لندن تركزت على العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات الإقليمية والدولية ومن بينها الأزمة في القوقاز وأفغانستان والعراق. وأشار المسؤول الإيراني الي المباحثات الأخيرة بين ايران ومجموعة 5+1 في جنيف، وقال «إن هناك بعض الغموض في رزمة مقترحات دول مجموعة 5+1 ولا بد من الحوار من اجل ازالة هذا الغموض». وتابع «سلمنا رسالة قبل 4 أشهر الى مجموعة 5 +1، وبعد شهرين تسلمنا الرد الغربي الذي سلمه السيد سولانا عندما زار طهران، حيث ناقش الملف النووي مع السيد جليلي. وخلال اجتماع جنيف سلم السيد جليلي ورقة إيرانية اخرى يمكن ان تكون اساسا للتفاوض. واتفق الجانبان على أن هناك نقاط مشتركة بينهما، وكانت الفكرة أن تبدأ من هذه المرحلة مفاوضات (على أساس الحزمة الإيرانية والحزمة الغربية). ما ننتظره الآن أن تجري المفاضاوت لإزالة الغموض.. إلا انه بسبب الأزمة في القوقاز، لم يتم اجراء مزيد من المشاورات بين طهران ومجموعة 5 +1.

وحول العلاقات الإيرانية ـ الاميركية وشروط اجراء حوار مفتوح بين الطرفين، قال صفري: «الرئيس الإيراني في حوار مع محطة «سي بى إس» الاميركية في طهران قال انه ليست هناك قيود. هناك في بعض القضايا حوار جار بالفعل بين الطرفين. وطبقا لمعلوماتي فإن بعض اللقاءات قد عقدت بين مسوؤلين إيرانيين واميركيين حول بعض القضايا، في بعض الدول الأوروبية، وكذلك حول العراق. في اجتماع جنيف كنت موجودا، كما كان موجود ايضا مسؤولون اميركيون. هذا ما أستطيع ان اقوله. وأعتقد ان الرئيس احمدي نجاد وضع الخطوط الارشادية للعلاقة مع اميركا في حواره مع «سى بى اس». وقال صفري ردا على سؤال بخصوص ما إذا كانت دمشق قد سلمت طهران رسالة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول ملفها النووي، إن الأسد زار طهران مؤخرا في «زيارة اعتيادية»، وان طهران تتابع ملفها النووي عبر مجموعة 5 +1، ووكالة الطاقة الذرية، مشددا على ان موقف طهران المبدئي من الملف النووي لم يتغير. وقال صفري إن من القضايا التي تم التطرق اليها مع المسؤولين البريطانيين مسألة تجميد أرصدة بنك ملي الإيراني في لندن. وأوضح مساعد وزير الخارجية الإيرانية ان طهران احتجت على الخطوة على أساس ان بنك ملي مسجل في بريطانيا ويعتبر فرعا بريطانيا من بنك مركزه في إيران، وبالتالي فإن العقوبات غير مبررة. وأشار صفري الى ان لندن قالت ان قرارها جاء في اطار قرارات اوروبية للعقوبات على إيران، وانها تنظر في إزالة القيود من على بنك ملي. ورفض المسؤول الإيراني الدخول في تفاصيل موقف طهران من الأزمة بين روسيا وجورجيا، موضحا أن سياسة إيران هي احترام سيادة الدول وانها بحكم ان الدولتين جارتان لها تفضل ان يتم احتواء الوضع في القوقاز. وكان صفري قد اجرى مشاورات مع عدد من المسؤولين البريطانيين على مدار الأيام الثلاث الماضية من بينهم وزير العدل جاك سترو وأعضاء بمجلس العموم البريطاني من بينهم كيم هاولز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني. وقال صفري تعليقا على مباحثاته إن إيران خطت خطوات كبيرة على طريق بناء الثقة في ما يتعلق ببرنامجها النووي ولديها مبادئ واضحة للوصول الي حقوقها المشروعة وترفض المعايير المزدوجة ازاء برنامجها النووي السلم. وأوضح مساعد وزير الخارجية، أن ايران تواصل مساعيها لبناء الثقة في انشطتها النووية المدنية، ولن ترضخ للضغوط اللامشروعة.

من ناحيتها قالت الخارجية البريطانية إن العرض الغربي لإيران كان واضحا. وأشار مسؤول بالخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» الي أنه طالما ان العرض كان واضحا، فإن الطرف الغربي ما زال بانتظار الرد الإيراني على سلة الحوافز الغربية. ورفض المسؤول البريطاني التعليق على ما إذا كان انشغال سولانا هو الذي يؤخر الاجتماع بين الطرفين، موضحا ان الطرف الغربي «لا ينتظر تحديد موعد للقاء بين جليلي وسولانا، بل ينتظر الرد الإيراني على سلة الحوافز»، مشددا على أنه ليست هناك أية مواعيد مقترحة بعد للقاء بين الطرفين. الى ذلك لم تستبعد مصادر غربية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن يتم عقد اجتماع بين مسؤولين من دول مجلس الأمن وألمانيا في ما يتعلق بإيران عند انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال الشهر الجاري، والتي أعلنت الرئاسة الإيرانية ان احمدي نجاد قرر حضورها. ورفضت المصادر تأكيد ما إذا كان المسؤولون الإيرانيون المتوقع حضورهم لنيويورك سيشاركون في اجتماع المسؤولين الغربيين، موضحة ان هناك احتمالا للقاء مشترك، غير ان هذا ليس مؤكدا بعد. يذكر ان وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، سيكون ضمن الوفد الذي سيرافق احمدي نجاد خلال زيارته لنيويورك. يأتي ذلك فيما زادت الولايات المتحدة من ضغوطها على ايران، بسبب برنامجها النووي، من خلال فرض عقوبات على شركة النقل البحري الوطنية الايرانية و18 من الشركات التابعة لها، مما قد يؤثر كثيرا على قطاع النقل البحري الايراني. وقالت وزارة الخزانة الاميركية، ان شركة النقل البحري التابعة لايران والجهات التابعة لها، قدمت دعما بالنقل والامداد لوزارة الدفاع الايرانية، وضللت السلطات البحرية بشأن أنشطتها. وقال ستيوارت ليفي وكيل وزارة المالية لشؤون الارهاب، «لم تسهل شركة الملاحة البحرية الايرانية نقل البضائع الى الجهات التي حذرت منها الأمم المتحدة وحسب، ولكن زورت أيضا وثائق واستخدمت أطرا خادعة لاخفاء ضلوعها في تجارة محظورة». وأضاف ليفي «ان مسلك شركة الملاحة البحرية الايرانية، جزء من نمط أوسع نطاقا من الخداع والتزييف، اللذين تلجأ اليهما ايران في احراز تقدم في برنامجيها النووي والصاروخي». وشركة الملاحة البحرية الايرانية، شركة عالمية لديها شبكة من الشركات التابعة لها في مختلف أنحاء العالم، وتربط المصدرين الايرانيين والمستوردين بأميركا الجنوبية وأوروبا والشرق الاوسط وآسيا وأفريقيا. الى ذلك لم تستبعد مصادر إيرانية ان تواجه حكومة أحمدي نجاد طلبا برلمانيا للتصويت على الثقة بالحكومة، وذلك بعد استقالة 9 وزراء من اصل 21 بالحكومة، وخضوع وزيري العلوم، والمعلومات لاستجواب برلماني قد يؤدي لإقالتهما ايضا. ووفقا للقوانين الإيرانية، فإنه إذا تغير 50 في المائة من أعضاء الحكومة، يجب على البرلمان ان يجري تصويتا جديدا بالثقة على الحكومة بأعضائها الجدد. وكانت حكومة الرئيس الإيراني قد تعرضت لانتقادات عنيفة بعد اعلان جامعة اكسفورد أنها لم تمنح وزير الداخلية الإيراني علي كوردان، الذي تولى منصبه يوم 10 أغسطس (آب) الماضي، درجة الدكتوراه الفخرية في القانون. ودعم احمدي نجاد موقف وزير الداخلية، موضحا انه لا يحتاج الى «ورقة يمكن تمزيقها» كي يكون جديرا بالمنصب، لكن اعضاء بالبرلمان والحكومة، حتى من التيار المحافظ المؤيد عادة للرئيس، انتقدوا كوردان ونجاد، مما اضطر الرئيس الإيراني الى الاعلان عن فتح تحقيقات في سجل شهادات كل الوزراء منذ عام 1985.