أرسلان: الاستمرار في مساعي توحيد الجبل

صالح العريضي كان مسؤولا عن العلاقات مع حزب الله .. سورية تدين «العمل الإجرامي الإرهابي» بشدة

رجال المباحث اللبنانية يعاينون امس ركام السيارة التي اغتيل فيها صالح العريضي في بلدة بيصور بعبوة ناسفة قيل انها فجرت عن بعد (ا.ب.ا)
TT

أجمعت القيادات اللبنانية على إدانة جريمة اغتيال القيادي في الحزب الديمقراطي، صالح العريضي، واتهام جهات «ترفض الاستقرار». ونعى رئيس الحزب، وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان، العريضي الذي كان يتولى مهمة التنسيق مع الاحزاب الاخرى، وتحديدا ملف العلاقة مع «حزب الله». وكان العريضي احد مسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي قبل ان يستقيل في العام 1998 وينضم إلى الحزب الذي انشأه الوزير ارسلان. وينسب اليه دور كبير في المصالحة التي جرت في الجبل بين ارسلان وجنبلاط عقب احداث 7 مايو (ايار) الماضي.

وقد سارع ارسلان والنائب وليد جنبلاط الى محاولة ضبط الوضع في الجبل. واعادا التأكيد على مسار المصالحة الذي انطلق بينهما عقب احداث بيروت والجبل. وقطع ارسلان زيارة كان يقوم بها الى بيلاروس (روسيا البيضاء) ليعود الى بيروت صباح امس ويعلن، تعليقا على اغتيال العريضي: «ان الرسالة وصلت. وكنت اتمنى ان اكون المستهدف في هذا الانفجار وليس الشيخ صالح». واكد: «سوف نستمر بما بدأناه بالجبل معا. وما بدأناه معا في لبنان سوف نستمر به. ليس كرمى شخص او شخصين او ثلاثة، سنستمر به كرمى لهذا الجبل وهذا الوطن». واضاف: «كنت تنبهني يا شيخ صالح من موضوعين. الاول، عدم المخاطرة بالعلاقة مع سورية وعروبة الجبل. وثانيا، حفظ المقاومة. وانا اعتبرك اليوم شهيد المقاومة وشهيد وحدة الجبل، لان لا كرامة لاحد في الجبل من دون وحدة الجبل. ووحدة الجبل التي بدأناها نحن واياك في 7 مايو (ايار) بالتعاون مع وليد بك جنبلاط وبالتعاون مع سيد المقاومة (السيد حسن نصر الله) سوف نستمر بها. ولن نقبل ان تحصل ضربة كف في الجبل، لان كرامة لبنان وكرامة الوطن هي من كرامة هذا الجبل».

واشاد بمواقف جنبلاط معتبرا انه «عبّر احسن تعبير عن خطورة المرحلة التي مررنا ونمر بها، والتي ان شاء الله لا تحصل، ولكن من الممكن ان يمر بها البلد». وقال: «الاختلاف السياسي مشروع، لكن الفتنة غير مشروعة والانقسام العشائري غير مشروع والتخلف والتقوقع غير مشروع». وتابع: «لقد أجريت صباح اليوم اتصالاً بفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وطلبت منه ومن دولة الرئيس نبيه بري ومن دولة الرئيس فؤاد السنيورة، ان يحال هذا الملف في أول جلسة لمجلس الوزراء على المجلس العدلي. ولا أقبل تحت أي سقف الا أن يحال هذا الملف على المجلس العدلي. هذه القضية لن تموت، لان كشف الفاعل هو فعلاً الاداة لحماية لبنان وليس لحماية الجبل ولا لحماية الدروز. لحماية لبنان، لان هذه الضربة هي ضربة سياسية بامتياز وضربة للوحدة والعيش المشترك في البلد وضربة لهوية الجبل وانتماء الجبل».

ولفت وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، إلى أن جريمة التفجير التي استهدفت صالح العريضي، هي «أول اغتيال بعد اتفاق الدوحة» معتبرا ذلك «أمراً خطيراً بكل دلالاته، في مكانه وزمانه وفي من استهدف». وقال: «عندما نتحدث جميعا، نحن والاخوة في حزب الله والنائب سعد الحريري وكل الذين يسعون الى مصالحة، عن أخطار فتنة، يعني ان ثمة من يريد الفتنة في لبنان. ومن يريد الفتنة يرتكب مثل هذه الجرائم».

ودان «حزب الله» الجريمة ورأى انها «تأتي في أجواء المصالحة والانفتاح التي يمر بها لبنان، ما يدلل على وجود جهات متضررة من هذه الأجواء». ودعا الجهات الأمنية والقضائية المختصة إلى «إيلاء هذه الجريمة أقصى الاهتمام للتوصل إلى كشف المجرمين في أسرع وقت وإنزال العقاب الشديد في حقهم».

ووصف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الجريمة بانها «عملية ارهابية ومحاولة لعرقلة الحوار والمصالحة والاجواء الايجابية في البلد والنيل من وحدة اللبنانيين وسلمهم الأهلي. وهي تأتي من ضمن المؤامرة على لبنان وشعبه». واستنكر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الجريمة التي «تحمل بصمات إرهابية تتصل بالأيدي الإسرائيلية التي تسعى إلى بث الفتن وضرب مسيرة المصالحات التي يعمل المخلصون لوطنهم وارضهم على تعميمها في كل المناطق اللبنانية». وأشار عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة الى ان «هناك اكثر من فريق داخلي وخارجي، جنوبا وشرقا، مستفيد من عملية الاغتيال» رافضا توجيه اصابع الاتهام الى اي طرف. لكنه اعتبر «ان الشيخ صالح العريضي هو شهيد وفاق الجبل ووحدة الصف» مؤكدا على «متابعة المسيرة التي بدأت مع الامير طلال ارسلان حتى النهاية».

ورأى النائب أكرم شهيب ان استهداف العريضي هو «استهداف لاجواء الوحدة في البلد والمصالحة الموعودة في لبنان. واستهدافه استهداف للحوار الواحد الذي ينتظره اللبنانيون».

وقال وزير الدولة نسيب لحود ان الجريمة «تثير القلق وتطرح أكثر من تساؤل، خصوصاً انها تتزامن مع نقلة نوعية نشهدها هذه الايام نحو التهدئة والحوار والمصالحة الوطنية. وتظهر أن ثمة جهة قادرة ما زالت تسعى الى عرقلة مسيرة التعافي التي بدأت باتفاق الدوحة والتي ستستأنف في محطة مهمة جداً الثلاثاء المقبل على طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس الجمهورية».

واستنكر منسق الامانة العامة لقوى «14 اذار» النائب السابق فارس سعيد حادث التفجير «الذي يستهدف المساعي التي كان يقوم بها النائب وليد جنبلاط من اجل تهدئة الاوضاع». ولاحظ ان «هذه الجريمة التي اتت ايضا بعد ساعات قليلة من اعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تحديد موعد الحوار». واعتبر النائب انور الخليل، في بيان اصدره بعد ظهر امس، ان الجريمة «تشكل استهدافا واضحا لاجواء التلاقي والمصالحة، ليس على صعيد طائفة الموحدين الدروز فحسب، بل على صعيد الوطن ككل».

وشجب النائب علي عادل عسيران «جريمة الاغتيال البشعة» ورأى انها «تستهدف ضرب الاستقرار والسلم الاهلي والامن الوطني في لبنان». ودانت النائبة نايلة معوض الجريمة واعتبرت انها «محاولة مكشوفة من قبل المتضررين من وحدة لبنان واللبنانيين لافشال مساعي المصالحة... كما انها تستهدف بتوقيتها الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية وذلك بإثقاله بمنطق العنف والدم».

ورأى عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب فريد الخازن «ان الفتنة والارهاب المتنقل يضربان البلاد في كل مناطقها وفئاتها واحزابها وطوائفها». ولاحظ حزب «الكتلة الوطنية اللبنانية» في ختام اجتماع عقده امس برئاسة العميد كارلوس اده، ان جريمة بيصور «اتت في وقت تبذل جهود جبارة من اجل انهاء الخلافات المذهبية ومن اجل ارساء الاستقرار والسلام. وان هذا التفجير الخطير بمفاعيله ومدلولاته يضع خطا احمر امام كل الذين يريدون طي صفحة النزاعات والبدء بمسيرة وفاقية جديدة».

بدورها دانت سورية بشدة «العمل الإجرامي الإرهابي الذي أودى بحياة عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي اللبناني صالح العريضي». واوردت «الوكالة الوطنية للاعلام» اللبنانية الرسمية بيانا لوزارة الخارجية السورية قالت فيه: «ان سورية تعبر عن ألمها وحزنها وتعازيها للبنان الشقيق ولآل الفقيد. وتثق سورية بأن مثل هذه الجرائم التي تستهدف أمن لبنان واستقراره لن تنجح في تحقيق أهدافها».