بيصور بلدة الثلاث عائلات تختصر الواقع السياسي الدرزي في لبنان

TT

بلدة بيصور، التي انضم ابنها صالح العريضي ـ عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي اللبناني ـ إلى قافلة ضحايا جرائم الاغتيال السياسي الهادفة إلى إيقاظ الفتن النائمة في لبنان، تعد إحدى أكبر بلدات قضاء عاليه (جبل لبنان) إلى الجنوب الشرقي من بيروت. وهي بلدة اصطياف يقدر عدد سكانها بأكثر من عشرة آلاف نسمة، جميعهم من الدروز، وهم ينتمون إلى ثلاث عائلات فقط هي ملاعب والعريضي (تشكلان الغالبية العظمى من السكان) والقاضي. وفي حين تعد عائلتا العريضي وملاعب من أكبر عائلات الدروز في لبنان، فإن عائلة القاضي الصغيرة، المتحدرة من التنوخيين أول حكام الجبل، تعد صلة الوصل الحيّة بين حاضر البلدة وماضيها كإحدى القرى والمزارع التنوخية. وحسب المراجع التاريخية، فإن جد العائلة هو القاضي الأمير زين الدين التنوخي. ولقد سكنت بيصور بعيد قدوم التنوخيين من منطقة حلب وتمركزهم في الجبال المشرفة على بيروت، علماً بأنهم جاؤوا في موجتين الأولى عام 758 والثانية عام 820. وعلى الأثر توزعت عشائرهم في الجبل، ومنها قرية معيسنون ـ الخربة اليوم ـ التي قامت بيصور على مقربة منها. من حيث الموقع تقع البلدة، التي تقدر مساحتها الإجمالية نحو 7 كلم مربعة، على منحدرات جبلية تكسوها أشجار الصنوبر في سلسلة جبال لبنان الغربية. وهي ترتفع 850 متراً إلى 950 متراً عن سطح البحر، وبالتالي فشتاؤها معتدل وصيفها منعش ولطيف. ويحدها من الشرق بلدة مجدليا ومن الغرب بلدة عيناب، أما شمالاً فبلدتا كيفون وسوق الغرب وجنوباً بلدة قبرشمون.

وعن أصل اسم بيصور يقال إنه آرامي سرياني وهو «بيت ياصر» أي «مكان الخزّاف» أو «مكان الفاخوري» (صانع الفخار) وقد يعني الاسم «السور» خاصة أنها كانت محاطة ومسوّرة بأشجار الرمان التي اشتهرت بها. أما على الصعيد السياسي، فوضع بيصور يشبه وضع العديد من البلدات الدرزية، حيث تتقاطع الولاءات الحزبية الحالية مع الولاءات التقليدية القديمة وتتعاكس، أحياناً ضمن العائلة الواحدة واحياناً داخل البيت الواحد. ففي حين كان الراحل صالح العريضي من أركان الحزب الديمقراطي اللبناني، الذي يتزعمه الوزير طلال أرسلان، فإن قريبه النائب والوزير غازي العريضي، وزير الأشغال العامة الحالي ووزير الإعلام السابق من أركان الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة النائب وليد جنبلاط. غير أن أحداثاً جساماً كجريمة الاغتيال الأخيرة عادةً ما تقرّب العائلات الدرزية وتجمع شملها. وبالفعل، كان جنبلاط أول الواصلين إلى منزل الراحل بعيد وقوع الجريمة، حيث خاطب الحشود من على شرفة منزله ليل أول من أمس، وبجواره والده الشيخ أبو صالح فرحان العريضي، كما كان الوزير غازي العريضي يتقبل التعازي مع العائلة. وكان صالح العريضي شخصياً أحد أبرز العاملين على التقريب بين ارسلان وجنبلاط، واعادة اجواء الإلفة الى بلدته بيصور.