بالين في أول مقابلة لها: أنا مستعدة لمنصب نائب الرئيس

أيدت نهج بوش في محاربة «الإرهاب»..والوقوف بجانب إسرائيل في ضرب النووي الإيراني

سارة بالين
TT

طوال الأسبوعين الماضيين، والديمقراطيون بل حتى بعض الجمهوريين في الولايات المتحدة يتساءلون: هل سارة بالين حاكمة ولاية ألاسكا لديها الخبرة الكافية لتولي ثاني أرفع المناصب في البلاد، أو تولي الرئاسة إذا ما اقتضت الأمور؟. حول هذا التساؤل وبدون أي تردد أجابت بالين في لقاء أجرته معها وكالة (إيه بي سي) الإخبارية أول من أمس قائلة «أنا مستعدة»، وقالت إنها لم تشعر بأي شك بشأن قبول عرض السيناتور جون ماكين لخوض الانتخابات معه كمرشحة لمنصب نائب الرئيس. وأوضحت بالين للمحاور تشارليز غيبسون: «لقد أجبته بنعم، لأني واثقة في هذا الاستعداد، ولمعرفتي أنكم لن تندهشون، فأنت يتعين عليك أن تكون متحفزا بالطريقة التي تجعلك شديد الالتزام بشأن هذه المهمة، فالمهمة التي نحن بصددها هي إصلاح هذه البلاد والانتصار في الحرب». وربما ما تكون هذه الإجابة أكثر الإجابات التي أوضحتها ثقة خلال لقائها مع غيبسون الذي اتسم في بعض الأحيان بالتوتر وأخذ طابع التحقيق. كما أن هذا اللقاء هو الأول من نوعه الذي تدلي به بالين لشبكة إخبارية كبرى منذ أن انضمت منذ أسبوعين إلى حملة ماكين الانتخابية الجمهورية، والتي حولتها على الفور من حاكمة مغمورة في فترة ولايتها الأولى لإحدى الولايات الأميركية إلى نجمة سياسية وطنية. وفي الوقت الذي بدا عليه الغضب أمام الآخرين، وبدت وكأنها تشق طريقها بصعوبة باستخدام إجابات معدة سلفا، والتي ظهرت من استخدامها لبعض العبارات بصورة متكررة، بدا على بالين التردد والارتباك عندما سألها غيبسون إذا ما كانت متفقة مع مبادئ بوش، ولم تكن بالين تعرف عما يتحدث غيبسون على وجه الخصوص، حينها بدا صوت غيبسون وكأنه معلم نافد الصبر قائلا أنه كان يقصد حق «الدفاع الاستباقي عن النفس».

وفي حدث منفصل، وتحديدا في الاحتفال بنشر ابنها (تراك) والآلاف من الجنود الآخرين في العراق، والمتوجهين إلى هناك من فورت وينرايت بولاية ألاسكا، قالت لهم بالين أنها ستحارب «الأعداء الذين خططوا ونفذوا وابتهجوا لمقتل الآلاف من الأميركيين».

وحملت تلك التعليقات ذكريات الماضي، حيث تشابهت مع تعبيرات بوش السابقة والمثيرة للجدل حول الصلات السابقة ـ والتي توقف عنها الآن ـ بين العراق وهجمات 11 سبتمبر الإرهابية. إلا أن أحد المتحدثين البارزين في حملة ماكين الانتخابية أفاد أنها لا ترى أن صدام حسين كان له يد في تلك الهجمات. تزامن هذا اللقاء مع الذكرى السابعة لهجمات 11 سبتمبر الانتحارية. ولم تكن هناك أي زلات أو غلطات لغيبسون خلال طرحه للأسئلة العسيرة على بالين، إلا انه كان يواجه ضغطا ذاتيا لتوجيه بالين بعيدا عن إجاباتها المترددة لكشف المزيد عن مدى استعدادها لشغل هذا المنصب الرفيع، بالإضافة إلى مدى استعدادها للمعرفة حول العالم، والشؤون الداخلية. واستغلت بالين اللقاء لتدعيم موقف ماكين من السياسة الخارجية، موضحة أنها لن تنتقد أي عمل عسكري تعتبره إسرائيل ضروري من جانبها لحماية نفسها، كما حذرت روسيا من الاعتداء على جيرانها، فضلا عن أنها أيدت نهج بوش بصورة عامة حول محاربة الإرهاب. إلا أنها وضعت بعض المسافة بين الإدارة وفريق ماكين، حيث قالت: «لقد كان هناك الكثير من التخبط طوال الوقت».

لقد حضرت بالين اللقاء مع غيبسون بعد إعداد مكثف على يد كبار المستشارين السياسيين لماكين، إذ رافقها الكثير منهم إلى منزلها في ألاسكا، حيث كان سيعقد غيبسون سلسلة من جلسات طرح الأسئلة وتلقي الأجوبة معها بعد ظهر الجمعة. لقد أبقت الحملة الانتخابية بالين بعيدة عن المحاورين وحلقات المقابلات التي عادة ما يتجه إليها المرشحون لشغل منصب نائب الرئيس، إلا أنهم خضعوا لضغوط بالغة من أجل أن تمثل أمام الصحافة المعترف بها قوميا. وكانت هناك العديد من الإشارات المتضاربة من الحملة حول إذا ما سيتم اعتبار جلسة اللقاء التي أجراها غيبسون هي الأولى في خضم الكثير من المقابلات التي ستتم بعد ذلك، أم واحدة من القليل منها. وباختيار غيبسون ليكون محاور بالين، تكون الحملة قد اختارت صحافي يُعرف عنه الاعتدال الأسلوبي، والنزاهة التي تجعل كلامه يؤخذ على محمل الجد. إلا أن اللقاء لم يتسم بالهدوء والسهولة، حيث ضغط غيبسون كثيرا على بالين من أجل أن تجيب مباشرة على بعض الأسئلة المتعلقة بقضايا السياسة الخارجية والأمن القومي التي تواجه الإدارة المقبلة. وأوضحت بالين أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لإيران بالحصول على الأسلحة النووية، حيث قالت إننا الأميركيين «لسنا بحاجة إلى الوقوف إلى جانب ذلك الأمر»، ودافعت بدورها عن فرض سلسلة جديدة من العقوبات. إلا أن غيبسون أشار إلى أن التهديدات باتخاذ عقوبات جديدة أخفقت بالفعل في حمل إيران على إيقاف برنامجها النووي حتى الآن، ثم سأل بالين إذا ما كانت ستقف إلى جانب إسرائيل إذا ما قررت السعي للقضاء على البرنامج النووي الإيراني عسكريا. فأجابت بالين: «إننا أصدقاء إسرائيل، ولا أعتقد أننا يتعين علينا انتقاد المعايير التي ستضطر إسرائيل لاتخاذها هدفا في الدفاع عن نفسها وأمنها». وشددت مرتين على أنها لن تنتقد إسرائيل. وكانت بالين مندهشة بصورة واضحة عندما سألها غيبسون: «هل تتفقين مع مبدأ بوش؟» وفي محاولة منها للبحث عن مخرج، أو ربما لمنح نفسها فرصة لتكوين الإجابة، ابتسمت بالين وقالت: «بخصوص ماذا، تشارلي؟».

وفي البداية لم يكن غيبسون راغبا في تحديد ذلك المبدأ، حيث قال: «ماذا تعتقدين أن يكون هذا المبدأ؟» فأجابت بشأن: «كيف يبدو العالم؟» إلا أن غيبسون تابع الحديث موضحا: «لا، مبدأ بوش الذي أعلن عنه في سبتمبر (أيلول) 2002، قبل حرب العراق».

فأجابت بالين: «أعتقد أن ما حاول بوش القيام به هو تخليص العالم من التطرف الإسلامي، والإرهابيين المصرين بشدة على تدمير بلادنا».

وفي نهاية الحديث حدد غيبسون المبدأ الذي يتحدث عنه على أنه حق «الدفاع الاستباقي عن النفس»، وفي إطار محاولته الحثيثة على انتزاع إجابة مباشرة منها، سألها مرة أخرى قبل أن تجيب إذا ما كانت موافقة على هذا المبدأ، حينها أجابت بالين: «تشارلي، إذا كانت لديك معلومات استخباراتية وافية وشرعية تشير لنا أن هناك ضربة وشيكة على الشعب الأميركي، فإن لدينا كل الحق في الدفاع عن بلادنا».

ثم بدت بالين أنها أكثر ارتياحا من غيبسون بعدما ناقشت موضوعا مألوفا آخر، في اللقاء الثاني، والذي سيتم عرضه في برنامج «نايت لاين» كان الموضوع حول دعمها عن التنقيب عن النفط في المحمية الوطنية القطبية للحياة البرية في ولاية ألاسكا، الأمر الذي كان ماكين يعارضه. وبدت بالين متقاربة من موقف ماكين بشأن أن ظاهرة الاحترار العالمي سببها البشر، قائلة: «إن الأنشطة التي يمارسها الإنسان قد تكون مساهمة في هذا الأمر». (وأوضحت إلى غيبسون أنها لم تستثن أبدا هذه الإمكانية ـ وتقصد مساهمة البشر في تلك الظاهرة ـ وهذا بالرغم من نقل صحيفة «نيوز ماكس» المحافظة أخيرا قولها: «إنني لست ممن يعزون هذه (الظاهرة) إلا أنها من صنع الإنسان»). وقد عبر غيبسون عن سخطه من بالين بشأن نهاية القسم الأول من اللقاء، حيث شكا في برنامج «وورلد نيوز» من أنها كانت تماطل بالكثير من الكلمات خلال الإجابة في الوقت الذي كان يسعى فيه للحصول على ردود مباشرة فيما إذا كانت الولايات المتحدة لديها الحق في مهاجمة الإرهابيين في المناطق النائية على الأراضي الباكستانية دون موافقة الحكومة الباكستانية. وفي العام الحالي، انتقد ماكين السيناتور باراك أوباما لأنه قال إن سوف ينظر في تلك الضربات، واصفا إياها بأنها ساذجة وتساءل: «هل سوف نخاطر بقيادة مرشح تعوزه الخبرة اقترح يوما ضرب حليفتنا، باكستان؟».

أجابت بالين على غيبسون قائلة: «سنعمل مع تلك الدول». نفد صبر غيبسون من النقاش الطويل، وفي النهاية تساءل: «هل يعني ذلك الإجابة بالإيجاب». فقالت بالين: «أعتقد أنه على أميركا استخدام كل الخيارات لوقف الإرهابيين الذين يصرون على تدمير أميركا وحلفاءها».

كانت بالين قوية وهي تناقش أمورا تتعلق بروسيا، وقالت إن اجتياح روسيا لجورجيا بداية الصيف الحالي «غير مُسبب»، وهو وصف لا يتفق عليه بعض محللي السياسات الخارجية. ولكنها تجنبت سؤالا اتعب الخبراء في الشؤون الشرق أوروبية يقول: «ما الذي يمكن للولايات المتحدة القيام به أو ما الذي يجب عليها القيام به لـ«استعادة السيادة الجورجية» على تلك المناطق الانفصالية. قالت بالين: «علينا أن نراقب روسيا عن كثب».

وأعربت عن دعمها الكامل لضم جورجيا وأوكرانيا لتحالف الناتو، الأمر الذي أثار اعتراضا قويا من جانب روسيا. ويرى ماكين وأوباما والسيناتور جوزيف بايدن، المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس، بنفس الموقف. وتقر بالين بأن تلك العضوية يمكن أن تتطلب من الولايات المتحدة الدفاع عسكريا عن جورجيا إذا ما قامت روسيا بالتحرك ضدها مرة أخرى. قالت بالين إنه قبل رحلتها إلى الشرق الأوسط وألمانيا في عام 2007 كانت رحلتها الوحيدة خارج البلاد إلى المكسيك وكندا، وتقر بأنها لم تقابل أي زعيم أجنبي، على الرغم من أنها تقول، في إشارة مبطنة إلى بايدن: «علينا أن نتذكر أن الأماني حاليا داخل هذا الوطن، وليست في المزيد من السياسة كما هو معتاد، وقد تظهر السيرة الذاتية لشخص ما عقود وعقود قضاها في مؤسسة واشنطن، ولذا كانت لديه الفرصة لمقابلة رؤساء الدول».

* خدمة «نيويورك تايمز»