إجماع على المصالحة العامة ووضع استراتيجية دفاعية تكون فيها الإمرة للدولة

الحوار اللبناني ينطلق غداً برئاسة سليمان واستبعاد حضور حسن نصر الله

TT

تفتتح غداً أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان قادة القوى والأطراف السياسية الى حضوره من أجل التباحث في موضوع الخلاف المركزي، وهو سلاح حزب الله ووضع استراتيجية دفاعية تضطلع الدولة والجيش اللبناني بالإمرة فيها في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.

وتصنف الشخصيات التي ستشارك في الجلسة الأولى للمؤتمر الحوار، غداً، على أنها قيادات «الصف الأول» مع استبعاد إمكانية مشاركة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في أعمال المؤتمر بسبب الظروف الأمنية الخاصة به. فيما أعربت جميع القيادات التي حددها الرئيس سليمان بأنها تلك التي شاركت في مؤتمر الدوحة، عن نيتها المشاركة في الحوار الوطني تعزيزاً للمصالحات التي انطلقت مسيرتها من طرابلس منذ أسبوعين.

ورجحت مصادر متابعة أن تكون الجلسة الأولى للحوار غداً بمثابة جلسة افتتاح تخصص لسماع كلمة رئيس الجمهورية ويصار خلالها الى الاتفاق على جدول أعمال، على أن تتابع الجلسات بعد عودة الرئيس سليمان من نيويورك وواشنطن اللتين يزورهما في وقت لاحق من الشهر الحالي لإلقاء كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقاء الرئيس الأميركي جورج بوش في إطار زيارة رسمية.

وأشارت معلومات الى أن الدعوات التي وجهت الى الشخصيات المشاركة في الحوار، وعددها 14 شخصية، حملت توقيع الرئيس سليمان بخط يده. وجاء فيها: «تنفيذاً لبنود الاتفاق الذي تم التوصل اليه في مؤتمر الدوحة بتاريخ 21 ـ 5 ـ 2008 والقاضي باستئناف الحوار الوطني، وانطلاقاً من الرغبة الجامعة في تعزيز المصالحة والوفاق الوطني، وتأكيداً للدعوة التي وجهتها الى السادة الذين وقعوا اتفاق الدوحة... يسرني أن أدعوكم الى حضور الاجتماع الذي سينعقد في الساعة الحادية عشرة، من قبل ظهر الثلاثاء في 16 ديسمبر (أيلول) الجاري في قصر رئاسة الجمهورية في بعبدا». واستناداً الى اتفاق الدوحة فإن الشخصيات التي ستشارك في الحوار غداً هي: رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، الرئيس اللبناني الأسبق امين الجميل، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، رئيس كتلة نواب زحلة الوزير الياس سكاف، رئيس التكتل الطرابلسي الوزير محمد الصفدي، وحزب الله الذي يرجح ان يتمثل برئيس كتلته النيابية محمد رعد أو الوزير محمد فنيش، النائب بطرس حرب، النائب غسان تويني، النائب ميشال المر. وبالنسبة الى تمثيل الكتلة الأرمنية فإن مستشار رئيس الجمهورية، النائب السابق ناظم الخوري، تمنى أن يتفق النواب الثلاثة الذين شاركوا في مؤتمر الدوحة على اختيار واحد منهم لمؤتمر بعبدا.

وعشية انطلاق حوار بعبدا، صدرت مواقف من مختلف الفرقاء تشجع على سلوك هذا الطريق تعزيزاً للمصالحة. وذكر بيان للمكتب الإعلامي للنائب الحريري انه زار ليل السبت ـ الأحد الأمين العام لـ «الجماعة الإسلامية»، الشيخ فيصل المولوي، في مكتبه ببيروت، حيث «تم التداول في استكمال المصالحة الوطنية التي أطلقها النائب الحريري في طرابلس بمثلها في بيروت، من اجل إشاعة الأجواء الايجابية التي تساعد على إنجاح الحوار الوطني. واستنكر المجتمعون عودة مسلسل جرائم الاغتيال السياسي الهادف الى تعطيل بناء الدولة».

وقال رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد: «سندخل الحوار على قاعدة الحرص على تحصين الوحدة وحماية البلد» وأضاف: «إن المقاومة قدمت نموذجاً للاستراتيجية التي أثبتت أنها تحمي لبنان وتحقق له انتصاراً. فإما ان نناقش في هذه الاستراتيجية على قاعدة الاقرار بجدواها، وإما أن تطرح استراتيجية بديلة نستمع اليها ونفكر بمضامينها لكي نبني على الشيء مقتضاه. إننا مدعوون الى حوار طالما انتظرناه. وجميعنا حريصون على أن الظروف والمعطيات والأوضاع تسمح بحوار منتج وهادئ لمن يريد حقا حماية لبنان». وإذ أكد «ان دفاعنا عن أنفسنا حق لا يحتاج الى قرار. وعندما نفعل ذلك فنحن لا نشن حربا، انما نقوم بواجب الدفاع عن أرضنا وحقوقنا»، أشار الى «ان هذه المسألة نناقش فيها نظريا لكن الجواب محسوم وواضح». وتابع: «إن من يريد ان يناقش استراتيجية الدفاع الوطني عليه أول الأمر أن يحدد أي عدو يريد ان يواجه. فهل نحن نريد استراتيجية تواجه الكيان الصهيوني أو استراتيجية وطنية تحمي لبنان من الاشقاء؟».

وأمل الوزير محمد فنيش (حزب الله) في أن «يبدأ الحوار بشكل جدي، لأن إقفال بؤر التوتر الداخلي وإنهاء كل أشكال التحريض وخطابات الافتراء والتجني والاتهام هي المدخل لقطع الطريق على العديد من الأجهزة أو الاتجاهات أو التيارات التي تتربص بهذا البلد»، وقال: «إن الحزب ينتظر طاولة الحوار. وهو مقبل عليه بكل جدية ولا يخشى النقاش في المسائل المطروحة لأننا أصحاب منطق وحملة قضية وطنية عادلة ولأننا أصحاب تجربة ونعتمد على إرادة شعبنا ولأننا نتوخى مصلحة هذا الشعب وأمنه واستقراره». وفيما أكد «أن أي فكرة تحقق الأهداف هي فكرة قابلة للحوار والنقاش والبحث»، لفت إلى أن «أي فكرة تريد أن تتجاهل الواقع وتقفز عن الحقائق وتتناسى تاريخ صراعنا مع العدو ولا تقرأ التطورات المستقبلية، هي فكرة ساقطة مهما كان صراخ أصحابها عاليا ومهما كانت الوسائل الإعلامية مسخرة لخدمة هذا الصوت وهذا الموقف». واعتبر أن المشكلة «ليست على الإطلاق في سلاح المقاومة أو في دورها، بل في وجود الاحتلال ومشروعه وفي عجز المجتمع الدولي عن الانتصار لقضايا الحق، وفي عجز الدولة عن القيام بالحد الأدنى في واجب الدفاع».

وقال مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، نواف الموسوي: «إن المقاومة تذهب الى طاولة الحوار وبيدها تجارب ناجحة في التحرير والدفاع والتنمية وتثبيت الشعب في الأرض بعزة وكرامة». ورأى أن «هذه هي الصيغة ـ النموذج التي تتجه القوى العسكرية الكبرى والأساسية لاعتمادها»، مستغرباً «كيف يمكن لأحد أن يفكر بطريق معاكسة»، ومشدداً على «أن التصور الأمثل هو في الدولة القوية العادلة التي تقف مع شعبها ووراء جيشها ومقاومتها في مواجهة العدوان الإسرائيلي وليس في نظريات الدمج والإدراج».

وقال نائب رئيس الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان: «ان الوطن ينتقل اليوم من حافة الى أخرى. فمنذ ثلاثة أسابيع استشهد ضابط في الجيش اللبناني على الأرض اللبنانية، ومنذ يومين استشهد الشيخ صالح العريضي، وهو من الأشخاص الذين كانوا من دعاة الصلح والوحدة للجبل»، ملاحظاً «ان استشهاد العريضي جاء في وقت بدأت فيه سلسلة من الخطوات نحو المصالحة الوطنية من قبل النائب سعد الحريري في طرابلس والبقاع. وجاءت خطوة رئيس الجمهورية بدعوته للحوار كي نتمكن نحن اللبنانيين من الجلوس حول طاولة واحدة وان نطرح مشاكلنا ونحاول ايجاد الحلول لها». وتابع: إننا ذاهبون الى الحوار بكل عقل منفتح، ذاهبون حتى نبحث من دون مواربة في مصير الدولة اللبنانية وكيف سنجد طريقة حتى تتأمن حماية لبنان. فعندما نطرح الاستراتيجية الدفاعية، نكون نطرح الجزء الصغير في موضوع كبير، ألا وهو حماية لبنان. وأن حماية لبنان لا يمكن ان تتأمن الا عندما تكون فيه دولة قوية لان الدولة اللبنانية وحدها هي التي تحمي لبنان وتحمي مواطنيه».

وقال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل: «ان خيارنا في الحوار هو الحفاظ على وحدتنا الوطنية والمصالحة». وأضاف: «قلنا ونقول مجدداً اننا نرحب بالحوار الوطني الذي دعا اليه فخامة رئيس الجمهورية. نحن ندخل الى هذا الحوار بانفتاح ومسؤولية وبخلفية ايجابية تريد ان تناقش فعلاً كيف نحصن وطننا لبنان وكيف نحمي هذا الوطن من الأخطار التي تهدد بقاءه وأرضه وإنسانه من العدو الإسرائيلي ومن كل الذين لا يريدون له أن يتكرس فيه منطق الوحدة والوئام».