قيادة القوات الأميركية تنتقل إلى الجنرال أوديرنو وسط ترقب حول مستقبلها في العراق

الناطق باسمه لـ«الشرق الأوسط»: بترايوس قدم الأفكار الكبيرة من أجل التحسن الأمني

TT

تنتقل قيادة القوات الاميركية في العراق غداً من الجنرال ديفيد بترايوس الى الفريق ريموند اوديرنو وسط ترقب حول مستقبل القوات الاميركية في البلاد مع اقتراب موعد انتهاء تفويض الامم المتحدة لها وعدم التوصل الى اتفاق نهائي يسمح ببقائها قانونياً في البلاد. ومع تسليمه مهام قيادة القوات الاميركية الى اوديرنو، يترك بترايوس العراق غداً للتوجه الى الولايات المتحدة قبل توليه منصب قائد القيادة المركزية الاميركية، حيث سيتولى مهام كافة العمليات الاميركية في آسيا والشرق الاوسط وعلى رأسها العمليات في العراق وأفغانستان. وعند توليه قيادة القوات الاميركية في العراق نهاية يناير (كانون الثاني) 2007، كانت اعمال العنف في العراق في أوجها مع تفاقم المخاوف من اندلاع حرب أهلية حينها. وأمام اوديرنو تحديات كبيرة، على رأسها المحافظة على التحسن الامني النسبي الذي تحقق في العراق خلال العام الماضي. وتراجع العنف الى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات، إلا ان عمليات الاغتيالات والتفجيرات مازالت تهدد الاستقرار الامني في البلاد. وقال الناطق باسم بترايوس، الكولونيل ستيف بويلان إن مهمة سلف بترايوس ستكون مواصلة التقدم باتجاه الاستقرار الامني مع الاشراف على بناء القوات العراقية. وأضاف بويلان لـ«الشرق الاوسط»: «نتوقع من اوديرنو ان يواصل العمل على الاستقرار الامني والتركيز على الجانب الأمني بالاضافة الى تسهيل جوانب اخرى على رأسها (التحسن) السياسي والاقتصادي والدبلوماسي في البلاد». وتابع بويلان الذي ايضاً ينهي مهامه في العراق غداً: «سيواصل اوديرنو المسار في العمل على وقوف العراقيين على ارجلهم وبناء قواتهم بينما نقلص نحن وجودنا». وكان الرئيس الاميركي جورج بوش قد اعلن الاسبوع الماضي سحب 8 آلاف جندي من العراق، ولكن لم يحدد بعد موعدا نهائيا لسحب القوات الاميركية من العراق التي وصل عددها الى 146 الفاً بعد مطالبة بترايوس بإرسال 30 الف جندي اضافي الى البلاد عام 2007 من اجل وقف العنف المتصاعد. وعن نجاح بترايوس في العراق وخاصة في ما يخص خفض حدة العنف، قال بويلان: «الجنرال بترايوس استطاع ان يقدم الافكار الكبيرة من اجل ذلك، ولكنه دائماً يقول إن النجاح جاء بسبب عمل الفرق العدة التي عملت جاهدة خلال الـ19 شهراً الماضية لنصل الى ما وصلنا اليه». وقد عرف عن بترايوس أنه «القائد المفكر» بسبب مزجه بين المهارة العسكرية والبراعة الاستراتيجية، خاصة انه يحمل شهادة دكتوراه من جامعة «برنستون» العريقة في العلاقات الدولية.

وبالاضافة الى تحسين الوضع الامني، يتعين على اوديرنو الحفاظ على التوازن السياسي في البلاد؛ إذ عادة ما لعب القادة الاميركيون العسكريون دوراً في تهدئة الصراعات في البلاد خاصة في ما يخص علاقات الصحوات مع الحكومة. ومن بين التحديات التي تواجه اوديرنو هي التأكد من سلامة إجراء الانتخابات المحلية المتوقع إجراؤها قبل نهاية العام ومن ثم الانتخابات العامة أواخر عام 2009.

وقد يشرف اوديرنو على خفض حجم القوات الاميركية بصورة كبيرة، اذ سيكون اوديرنو قائدا للقوات الاميركية في العراق عندما تنتهي ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش وينتقل الى البيت الابيض رئيس جديد. وقد وعد المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الاميركية باراك أوباما بسحب القوات القتالية الاميركية خلال 16 شهرا من تولي المنصب اذا فاز في انتخابات الرئاسة التي ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ولكن المرشح الجمهوري جون ماكين كان أكثر حذرا وقال ان الانسحاب يجب أن يعتمد على الأوضاع على الأرض. وقد أعلن بترايوس سابقاً أنه من الممكن تسليم السلطات الامنية الى القوات العراقية تدريجياً خلال العام المقبل. وقد سلمت القوات التي تقودها الولايات المتحدة السيطرة الامنية الى القوات العراقية في 11 من محافظات العراق الـ18 حتى الآن.

ويعمل أوديرنو في أجواء سياسية تختلف بشدة عن الأجواء التي كان يعمل فيها بترايوس، إذ تتفاوض بغداد وواشنطن على وضع القوات الاميركية في البلاد وقد تنتهي الاتفاقية بالحد من بعض صلاحيات تلك القوات. وسيكون على اوديرنو المشاركة في تحديد مصير الاتفاقية الامنية مع الدبلوماسيين الاميركيين في مناقشة السياسيين العراقيين حولها. وقد ركز بترايوس على أهمية إعادة الاعمار من اجل دفع العراقيين على رفض العنف، ولكن ما زال العراق يعاني من نقص مزمن في الخدمات. وسيكون على اوديرنو مهمة العمل على تحسين هذه الخدمات. ولدى اوديرنو مهمة خاصة ايضاً في كسب «عقول وقلوب» العراقيين والاميركيين، بعدما تمتع بترايوس بشعبية واسعة في البلدين. وكانت مجلة «تايم» الاميركية النافذة قد اختارت بترايوس «رجل العام» لعام 2007 بسبب ما حققه في العراق، بينما اختارته مجلة «دير شبيغل» الألمانية «جندي اميركا الاكثر احتراماً».