«فجر جديد في زيمبابوي» يشهد تقاسم موغابي السلطة مع معارضيه

واشنطن ولندن ترحبان بحذر.. والصندوق الدولي ينفتح لمعالجة الأزمة الاقتصادية

زعيم المعارضة في زيمبابوي مورغان تسفانجيراي يتوسط الرئيس روبرت موغابي (الى يمينه) ورئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي بعد توقيع اتفاق تقاسم السلطة أمس (أ.ف.ب)
TT

وقع رئيس زيمبابوي روبرت موغابي وزعيم المعارضة مورغان تسفانجيراي امس اتفاقا تاريخيا يقضي بتقاسم السلطة من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد خمسة اشهر من العنف ومعاناة البلاد من ازمة اقتصادية شديدة منذ سنوات.

ودعا رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي، الذي لعب دور الوسيط لاتمام الاتفاق، الطرفين الى العمل بسرعة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تم الاتفاق على اسسها امس. وبعد التوقيع، تصافح الخصمان وسط تصفيق الحضور. وابقى موغابي على محياه المقطب بينما بدت على وجه تسفانجيراي ابتسامة عريضة. ووقع الاتفاق ايضا ارثور موتامبارا زعيم فصيل صغير منشق من المعارضة بحضور ثابو مبيكي الذي عينته افريقيا الجنوبية وسيطا في ملف زيمبابوي.

وبشأن فرص تطبيق اتفاق تقاسم السلطة، اعرب مبيكي عن ثقته بان الاتفاق سيتيح انعاش اقتصاد البلاد المنهار. وفي هذا الاطار، تساءل رئيس الاتحاد الافريقي جاكاوا كيكويتي «هل سيصمد الاتفاق ام لا؟ هذا هو السؤال»، داعيا الزعماء السياسيين الى تطبيق الاتفاق. ووصف كيكويتي رئيس تنزانيا الاتفاق بانه «بداية فجر جديد. انه يوم جديد لمجموعة التنمية في افريقيا الجنوبية، لعموم القارة وللعالم اجمع». واضاف «نجاح زيمبابوي نجاح لنا. شعب تنزانيا سيكون دائما الى جانبكم». وحضر قادة حوالى عشر دول افريقية مراسم توقيع الاتفاق الذي يفترض ان يمهد لمساعدة دولية كبيرة لتنمية البلاد. ولم تتضح كافة تفاصيل الاتفاق امس، الا ان وكالة الصحافة الفرنسية شرحت أمس بأن موغابي وتسفانجيراي سيحكمان البلاد معا. وسيبقى موغابي رئيسا للقوات المسلحة في حين ستشمل صلاحيات تسفانجيراي الشرطة واجهزة الاستخبارات، وفق مصادر الوكالة الفرنسية. وافادت وكالة «اسوشيتد بريس» امس انه تم الكشف عن 30 من 80 صفحة من الاتفاق الذي يعني تقليص صلاحيات موغابي. وقال موغابي بعد التوقيع انه «ملتزم» بالعمل مع خصومه، مضيفاً: «دعونا نكون حلفاء (..) الناس يريدون ان يروا ان كان ما نعد به هو حقا ما نسعى لتحقيقه.. نحن ملتزمون، انا ملتزم، لنكن جميعنا ملتزمين». ولكن موغابي الذي توعد في السابق بأنه لن يدع المعارضة تحكم في حياته، عاد الى التحذير من التدخل الاجنبي في شؤون بلاده. ولطالما وصف موغابي تسفانجيراي بانه تابع للغرب، وخصوصا لبريطانيا. وقال موغابي: «علينا ان نقاوم اولئك الذين يريدون فرض ارادتهم علينا». وأضاف: «زيمبابوي دولة سيدة، وحده شعب زيمبابوي له الحق الاساسي في حكمها. وحدهم الزيمبابويون يمكنهم تشكيل حكومة، وحدهم قادرون على تغييرها». وسيبقى موغابي رئيسا بموجب الاتفاق على ان يصبح تسفانجيراي رئيسا للوزراء. وبصفته الجديدة هذه، دعا تسفانجيراي كافة الاطراف المتخاصمة الى العمل معا من اجل «توحيد البلاد». كما دعا الى فتح الباب امام المساعدات الخارجية. وقال: «المنظمات الدولية اتت لمساعدة بلادنا ووجدت ابوابنا موصدة. علينا ان نفتح ابوابنا امام المساعدات. نحن بحاجة الى الدواء والغذاء والى عودة الاطباء الى البلاد». وتابع: «نريد كهرباء وماء وبترول لسياراتنا، نريد ان نكون قادرين على سحب اموالنا من البنوك».

وشهد اقتصاد زيمبابوي خلال العقد الاخير انهيارا مع تسجيل اعلى معدلات التضخم في العالم وتراجعا حادا في احتياطي العملات الاجنبية والاغذية وارتفاعا حادا في البطالة وتفشي المجاعة.

وكان حزب تسفانجيراي، حركة التغيير الديموقراطي، اطاح بالغالبية في مجلس النواب اثناء الانتخابات العامة التي جرت في 29 مارس (آذار) وسبقت الازمة السياسية في البلاد. وتلت هزيمة النظام سلسلة من اعمال العنف التي دفعت زعيم المعارضة الى الانسحاب من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 27 يونيو (حزيران) وفاز فيها روبرت موغابي المرشح الوحيد بولاية جديدة.

وأعربت دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا عن ترحيبها بحذر بالاتفاق بانتظار الاحاطة بتفاصيله. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند امس ان بلاده على استعداد لدعم حكومة الوحدة الوطنية في زيمبابوي غير ان هذا الدعم مشروط بافعال هذه الحكومة وخصوصا قدرتها على اعادة احياء الاقتصاد المنكوب. واوضح ميليباند في بيان «ان على الحكومة الجديدة ان تبدأ في اعادة بناء البلاد. واذا ما فعلت ذلك فان بريطانيا وباقي المجتمع الدولي سيسارعون الى دعمها».

وفي واشنطن، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية ان تسفانجيراي اطلع مسؤولين اميركيين على بعض تفاصيل الاتفاق. واوضح ان بناء على ما كشف من الاتفاق، يعتبر المسؤولون الأميركيون بأنه «يجب الترحيب بهذا الاتفاق». من جهته، رحب مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس ـ كان أمس بإبرام اتفاق حول تقاسم السلطة في زيمبابوي واعلن ان الصندوق على استعداد للبدء بمحادثات مع قادة هذا البلد. وقال ستروس ـ كان في بيان: «اتفاق اليوم حول تقاسم السلطة في زيمبابوي يفتح الباب امام حكومة جديدة ستتمكن من بدء حلحلة الازمة الاقتصادية». وأضاف: «اننا على استعداد للبحث مع السلطات الجديدة في موضوع سياستها الرامية إلى استقرار الاقتصاد وتحسين الوضع الاجتماعي وتقليص الفقر».

وقرر الاتحاد الأوروبي في بروكسل امس ان ينتظر اتخاذ الحكومة الجديدة في زيمبابوي «إجراءات لاعادة احلال الديموقراطية» قبل ان يستأنف مساعداته الى هذا البلد. كما اعلن المسؤول الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان القرار المتعلق بتعديل العقوبات المفروضة على نظام زيمبابوي سيتخذ على الأرجح الشهر المقبل.