لقاء بين حزب الله والتقدمي الاشتراكي.. واتصالات لإزالة ما يحول دون اجتماع الحريري ونصرالله

في إطار استكمال المصالحات عشية انطلاق الحوار الوطني

الوزير طلال أرسلان متصدرا الطاولة التي جمعت أمس وفدي الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله في دارته في خلدة في أول لقاء مباشر بين الطرفين منذ مؤتمر الدوحة (دالاتي ونهرا)
TT

عشية انطلاق الحوار الوطني المزمع عقده اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، انشغلت الاوساط السياسية اللبنانية باللقاء المفاجئ الذي عقد أمس بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يترأسه النائب وليد جنبلاط، في دارة وزير الشباب والرياضة طلال ارسلان في منطقة خلدة. وقد حضر عن «حزب الله» كل من وزير العمل محمد فنيش، نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي، رئيس «لجنة الارتباط والتنسيق» وفيق صفا، النائب علي عمار، مسؤول الحزب في الجبل بلال داغر ومسؤول العلاقات الاعلامية حسين رحال، فيما مثّل التقدمي الاشتراكي وزير الدولة وائل أبو فاعور والنائب اكرم شهيب ومفوض الاعلام رامي الريّس. وعقب الاجتماع، تعاقب كل من ارسلان وفنيش وابو فاعور على الكلام للتأكيد ان اللقاء نجح في «فتح قنوات الاتصال بين الطرفين» وأنه يشكّل محطة في سلسلة «مصالحات وطنية بدأت في طرابلس (في الشمال)».

بداية، قال ارسلان ان «شهادة الشيخ صالح العريضي عجّلت بضرورة تثبيت روح المصالحة في الجبل التي يجب ان تمهّد لمصالحات في كل لبنان» معتبرا انها «خطوة طبيعية» بين الطرفين من المفترض ان تتم «على كل المستويات لاعادة اللحمة الى النسيج الاجتماعي والوطني». وقال: «انها بادرة أولى وجدية من الاخوة في حزب الله والاخوة في الحزب الاشتراكي. ونحن في الحزب الديمقراطي سندعو الى اجتماعات ميدانية على كل المستويات وفي كل القطاعات الشبابية أو الطالبية. ونأمل ان تعمّ الخطوة كل لبنان تمهيدا لطي صفحة الانقسام». وأكّد: :اننا لم نحلّ محلّ طاولة الحوار التي لها شأنها وأمورها... ولا نستطيع الادعاء اننا تحاورنا في شؤون سياسية. انما اليوم شكّل خطوة جادة لاعادة فتح قنوات الاتصال التي كانت مقطوعة». وردا على سؤال، لم يستبعد عقد لقاء بين جنبلاط والامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله. وقال: «لم لا؟ كل شيء ممكن» معتبرا ان حصول هذا اللقاء يعدّ «أمرا طبيعيا». بدوره قال فنيش: «وفاء لنهج الشهيد الكبير صالح العريضي الذي نعلم دوره في الوفاق وفي السلم الاهلي... وتنفيذا لما قرّره حزب الله عن سياسة اليد الممدودة والقلوب المفتوحة وفي اجواء هذا الشهر المبارك، كان هذا اللقاء. هناك جهود سبقت عقد هذا اللقاء وما سرع في عقده استشهاد الشيخ صالح العريضي، إذ نعتبر أن هذ اللقاء يشكّل ردا طبيعيا على المجرمين والقتلة». وأشار الى ان هذه الخطوة ترمي الى «فتح قنوات الاتصال. فاللقاء يشكّل بداية لمرحلة جديدة بعد ما جرى من خلافات ونزاع وانقسام ادى الى وصول الامور الى حدّ التصادم». وأضاف: «حصل هذا اللقاء في اجواء الحوار الوطني، تسهيلا له ومساهمة في انجاحه» لافتا الى ان «هذا لا يعني انتهاء جهود المصالحة ولا يعني اننا سنكتفي بهذا القدر، أو اننا سنستعمله لعزل فريق. فهذا اللقاء يشكّل مقدّمة لاستكمال المصالحة الوطنية الشاملة. ونحن يدنا ممدودة وقلوبنا مفتوحة ومستعدّون لاي لقاء لترميم اللحمة بين اللبنانيين جميعا».

وردا على سؤال عن الاحداث الاخيرة في الجبل التي راح ضحيتها عشرات القتلى، قال: «أعتقد اننا جميعا معنيون بإجراء تقويم لما حصل. كلنا معنيون لا بأن نعالج المشكلة عند وقوعها بل ان نمنع حصولها». وتحدّث فنيش عن «اتصالات لتذليل اي عقبة تحول دون عقد لقاء بين النائب سعد الحريري وسماحة السيّد (نصرالله)». وسئل عن الترجمة الفعلية لهذا اللقاء، فقال: «سيترجم بمزيد من التواصل والحوار واللقاءات. هذا لا يعني اننا متوافقون مائة في المائة على المستوى السياسي، لكننا متفقون على التزام خطاب سياسي بعيد عن التشنّج والتوتر والتحريض». وفي الختام، تحدث ابو فاعور عن «الاتفاق على مسألتين. الاولى ان الخلاف والاختلاف السياسيين مشروعان. والاحتكام الى العمل السلمي والديمقراطي ومرجعية الدولة وابقاء الاتصال والحوار بالنسبة الينا والى الامير طلال ارسلان وحزب الله، من الف باء العمل السياسي في لبنان». وأضاف: «المسألة الثانية انه تمّ الاتفاق بيننا والاخوان في حزب الله على انشاء شبكة امان في كل المناطق، خصوصا في المناطق ذات العيش الواحد». وطمأن الى ان «كرامة اهل بيروت مصانة وقد اتخذت حيزا كبيرا من النقاش» والى ان هذا اللقاء «لا يشكّل اي خروج من 14 آذار. وهذه الخطوة ليس فيها اي تخلّ عن الحلفاء. نحن ما زلنا في موقعنا. وهذا اللقاء حصل بتنسيق وتشاور مع حلفائنا. وإلا لما كان سبقنا حليفنا (النائب) الشيخ سعد الحريري الى طرابلس لعقد مصالحة هناك». وكان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن حب الله قال لـ«الشرق الاوسط» إن «الاجتماع محضّر له منذ فترة ويقع ضمن سياسة حزب الله الرامية الى التواصل مع القوى اللبنانية كافة والتحاور معها على قاعدة حماية لبنان من الخطر الصهيوني وحماية الوحدة الوطنية من الانقسام وضمان السلم الاهلي من أي خلل أمني خصوصا ان لبنان بلد مستهدف. وهناك دوائر استخبارية تعمل على زرع الفتنة فيه باغتيال من هنا ومتفجرة من هناك. وهذا ما نشهده جليا، فعندما يحصل اي تقارب بين اللبنانيين يحصل خلل امني. لذلك، ان القوى اللبنانية مدعوة الى التحاور وتحصين الوحدة الوطنية والسلم الاهلي. وليس امامها الا الحوار والتفاهم».

وعمّا اذا كان اللقاء مع الحزب التقدمي الاشتراكي في توقيته يعود الى اغتيال العريضي أو بدء الحوار في القصر الجمهوري، قال: «عقد اللقاء يعود الى الدور الذي شاء ان يضطلع به الوزير (طلال) ارسلان. فقد بادر قبل فترة وأخذ على عاتقه ترتيب لقاء يجمع حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، بعدما حصل لقاء بين الاشتراكي وحركة أمل. وكان سابقا أي قبل نحو شهرين، وتحديدا بعد اتفاق الدوحة، قد حصل تواصل محدود بيننا والتقدمي الاشتراكي. وحينذاك صرّحت اننا سنمارس أقصى الايجابية في التعامل مع القوى التي نحن على خلاف معها سواء الاشتراكي أو تيار المستقبل». وذكر انه «عقب اتمام صفقة تبادل الاسرى بدأ يُحكى عن أجواء عقد لقاء في دارة ارسلان». وأضاف: «لا اعتقد ان الاغتيال سرّع عقد اللقاء، لكنه شكّل إشارة إنذار للجميع. فالمساعي كانت موجودة منذ فترة. كما هناك مساع لعقد لقاء مع تيار المستقبل تعود الى شهرين، لكن الموضوع الامني لسماحته (الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) شكّل عقبة. لذلك يتم البحث في ايجاد صيغة ثانية، فالاتصالات لم تقطع يوما مع تيار المستقبل».

واعتبر ان «من شأن اللقاء مع الاشتراكي ان يوجد ارتياحا على المستويين السياسي والشعبي».